الذكرى الـ16 لرحيله.. الشيخ خلف الخلفات أيقونة وطنية من سيناء فى وجه الاحتلال
تحلّ اليوم الذكرى السادسة عشرة لرحيل الشيخ خلف حسن خلف الخلفات، أحد رموز الوطنية والمقاومة في سيناء، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2009، تاركًا وراءه إرثًا من النضال والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وإيمانًا راسخًا بأن الأرض لا تُباع، والوطن لا يُساوَم عليه.
وُلد الشيخ خلف عام 1930 بشمال سيناء، ونشأ في بيئة مشبعة بالقيم الأصيلة، فانغرس في وجدانه حب الأرض والدفاع عنها. ومع اندلاع حرب 1948، انخرط مبكرًا في العمل الفدائي، حيث أسّس مجموعة مقاومة بالتنسيق مع القائد المصري الشهير مصطفى حافظ، قائد المخابرات المصرية في غزة آنذاك، ونفّذ عددًا من العمليات الجريئة ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي.
لم يكن نضال الشيخ خلف مقتصرًا على حمل السلاح، بل تجلّى أيضًا في مواقفه الراسخة خلال فترة احتلال سيناء، حيث رفض بشدة كل العروض والإغراءات المالية التي قُدّمت له من قِبل سلطات الاحتلال لبيع أرضه، مؤكدًا مقولته الخالدة: "كل أموال العالم وإسرائيل لا تساوي حبة رمل من هذه الأرض المصرية".
وفي ذروة الاحتلال، حاولت إسرائيل شراء أراضٍ في جنوب الشيخ زويد لبناء مستوطنات، لكن الشيخ خلف تصدّى لتلك المحاولات وقاد حملة شعبية لرفض بيع الأرض، مما دفع الاحتلال إلى اعتقاله وتعذيبه ونفيه، إلا أنه ظل صامدًا، متمسكًا بمواقفه حتى النهاية.
وخلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، سجّل الشيخ خلف موقفًا بطوليًا حين حاصرت الدبابات الإسرائيلية منطقة زاويته في الجورة، فخاطب أهله قائلاً: "لا ترحلوا عن أرضكم وبيوتكم، ولا تخافوا من الدبابات. موتوا تحت جنازيرها ولا تتنازلوا عن تراب الوطن. والله معنا ولن يخذلنا."
لم يكن الشيخ خلف مجرد مقاوم، بل كان شيخًا صوفيًا، وقائدًا مجتمعيًا، وحكيمًا ومرجعية لأبناء سيناء، حيث تحوّل مجلسه في "زاوية الجورة الصوفية" إلى منارة للحق والمشورة، ومكانًا يقصده الوجهاء لحل النزاعات، ومركزًا للثقافة والتوجيه الديني والاجتماعي.
ويؤكد الشيخ عرفات خضر سالمان، خليفته، أن الشيخ خلف كان رجلًا من طراز فريد، جمع بين الحزم والتقوى، وكان يشجع على العمل والعمران، ويحذّر من الخيانة والتفريط في الأرض، مضيفًا: "كان مجلسه محجةً لطالبي الرأي والنصيحة، وكان قدوة في الثبات والإيمان وحب الوطن."
توفي الشيخ خلف الخلفات عام 2009، لكن ذكراه ما تزال حيّة في قلوب أبناء سيناء، يتداولون سيرته بفخر، ويزورون زاويته التي تضم مسجدًا وديوانًا ودار ضيافة تحمل اسمه، في منطقة الجورة جنوب الشيخ زويد، والتي باتت معلمًا من معالم الوفاء الوطني.
0 تعليق