في قلب الربع الخالي، وتحديدًا في صحراء ليوا الواقعة غرب إمارة أبوظبي، تنتظرك واحدة من أكثر التجارب السياحية إثارة وجمالًا في شبه الجزيرة العربية. فهذه المنطقة الصحراوية الساحرة، والتي كانت يومًا ما مهدًا لقبائل بني ياس العريقة، أصبحت اليوم وجهة سياحية فريدة تجذب عشاق المغامرة والطبيعة والثقافة. تجمع ليوا بين الكثبان الرملية الشاهقة، والأجواء البدوية الأصيلة، والتجارب الفاخرة التي تمزج بين الأصالة والحداثة. جولة في صحراء ليوا ليست مجرد رحلة في رمال ممتدة، بل هي سفر إلى زمن آخر، حيث تتداخل سكينة الصحراء مع الفخامة المعاصرة وروح الضيافة العربية الأصيلة.

الكثبان الرملية الأعلى في المنطقة: مشهد يأسر الأبصار

تعد صحراء ليوا موطنًا لبعض من أعلى الكثبان الرملية في العالم، أبرزها "تل مرعب" الذي يصل ارتفاعه إلى أكثر من 300 متر. هذه الكثبان ليست فقط مقصدًا للمستكشفين ومحبي التصوير، بل أيضًا لعشاق الرياضات الصحراوية مثل التزلج على الرمال وقيادة سيارات الدفع الرباعي في تحدٍ مثير للطبيعة. 

الوقوف على قمة أحد هذه الكثبان عند شروق أو غروب الشمس هو لحظة لا تُنسى؛ حيث تتدرج ألوان الرمال بين الذهبي والبرتقالي وتنساب بخطوط طبيعية تنبض بالحياة رغم السكون. وإذا كنت من محبي السماء الصافية والنجوم، فإن ليوا في الليل تقدم عرضًا سماويًا خلابًا، بعيدًا عن أضواء المدينة وضجيجها.

تجربة الحياة البدوية بين النخيل والخيام الفاخرة

لا تكتمل زيارة ليوا من دون الانغماس في الثقافة المحلية، التي ما زالت حاضرة بقوة في تفاصيل الحياة اليومية. توفر العديد من المنتجعات الصحراوية تجارب إقامة فاخرة مستوحاة من أسلوب الحياة البدوي، حيث يمكنك المبيت في خيم راقية مزودة بكل وسائل الراحة الحديثة، مع إطلالات مفتوحة على الأفق الرملي. وفي محيط هذه المنتجعات، تنتشر مزارع النخيل، والجِمال التي تستخدم للتنقل أو تقديم جولات قصيرة داخل الصحراء. 

كما يمكن للزوار تجربة المأكولات الإماراتية التقليدية، والاستمتاع بعروض فلكلورية تعكس التراث العريق لسكان المنطقة، مما يضفي على الرحلة طابعًا ثقافيًا وإنسانيًا فريدًا.

فعاليات ومهرجانات تجعل الصحراء تنبض بالحياة

تتحول ليوا في مواسم معينة إلى مركز حيوي للمهرجانات والفعاليات التي تجذب آلاف الزوار. أبرزها "مهرجان ليوا للرطب" الذي يحتفي بمحصول النخيل وتقاليد الزراعة في الصحراء، و"مهرجان تل مرعب" الذي يجمع المغامرين من مختلف أنحاء العالم للتنافس في سباقات السيارات والدراجات على الرمال. 

هذه الفعاليات لا تقدم فقط ترفيهًا عالي المستوى، بل تساهم في التعريف بالموروث الإماراتي وتعزز من السياحة المستدامة. وبينما يعيش الزائر لحظات مليئة بالإثارة والحركة، فإنه لا يغفل عن الجمال البكر لهذه البقعة الصحراوية التي تحتضن في تفاصيلها قصصًا من الزمن الجميل.

إن جولة في صحراء ليوا ليست مجرد نشاط سياحي، بل هي تجربة روحية وجسدية تتجاوز التوقعات، تُمكنك من ملامسة الجمال الصامت للصحراء، والتواصل مع الطبيعة والثقافة المحلية بأسلوب أصيل. فإذا كنت تبحث عن مغامرة فريدة، أو استرخاء بعيد عن صخب المدن، أو حتى اكتشاف الذات وسط رمال تمتد بلا نهاية، فإن ليوا هي الوجهة التي تجمع بين كل ذلك.