نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تضخم أميركا تحت المجهر: الأسواق تترقّب والذهب في مهب الريح - تكنو بلس, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 01:14 مساءً
تتجه أنظار المستثمرين في الأسواق المالية العالمية هذا الأسبوع نحو بيانات التضخم الأميركية، المقرر صدورها يوم الثلاثاء 13 أيار/مايو، والتي تمثل عاملًا حاسمًا في تحديد توجهات السياسة النقدية للاحتياطي الفيديرالي، وسط تصاعد المخاوف من تأثيرات الرسوم الجمركية الجديدة على الأسعار، في ظل بيئة اقتصادية تتسم بالحذر وعدم اليقين.
بيانات التضخم الأميركية: اختبار حاسم للأسواق
ستصدر وزارة العمل الأميركية بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) لشهر أبريل يوم الثلاثاء عند الساعة 3:30 مساءً بتوقيت بيروت. وتشير التوقعات إلى استقرار معدل التضخم السنوي عند 2.4%، وهو نفس المستوى المسجل في آذار/مارس، بعد أن تراجع من 2.8% في شباط/فبراير. لكن الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس ترامب أخيرًا رفعت من توقعات التضخم على المدى القصير، إذ تشير التقديرات إلى إمكانية صعود التضخم إلى 3.6% خلال العام المقبل، وهو أعلى مستوى منذ آب/أغسطس 2022. ورغم ذلك، لا تزال التوقعات طويلة الأجل مستقرة نسبيًا، مع إمكانية عودة التضخم تدريجيًا إلى هدف الفيديرالي البالغ 2%، إذا ما هدأت العوامل الموقتة.
موقف الاحتياطي الفيديرالي: سياسة "الانتظار والترقب"
في ظل هذه المؤشرات الاقتصادية المتباينة، يواصل الاحتياطي الفيديرالي تبنّي سياسة "الانتظار والترقب"، حيث قرر في اجتماعه الأخير إبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير، ضمن النطاق الحالي البالغ 5.25%–5.50%، وهو أعلى مستوى للفائدة منذ أكثر من 22 عامًا.
وقد أشار الفيديرالي في بيانه الرسمي إلى أن وتيرة التقدم في خفض التضخم "تباطأت خلال الأشهر الأخيرة"، وهو ما يعكس قلق صناع القرار من عودة الضغوط السعرية، ولا سيما في قطاعات الخدمات والإسكان، كما شدّد البيان على أن "اللجنة لا تتوقع أنه سيكون من المناسب خفض الفائدة حتى تتلقّى ثقة أكبر بأن التضخم يتحرك على نحو مستدام نحو المستوى المستهدف البالغ 2%". وهذا يعني أن أيّ تحرّك نحو تيسير السياسة النقدية سيبقى مشروطًا بوضوح البيانات، ولا سيما في ما يتعلق بمؤشرات الأسعار والإنفاق الاستهلاكي.

صورة تعبيرية (وكالات)
ويُذكر أن رئيس الفيديرالي، جيروم باول، أكد في المؤتمر الصحفي الذي أعقب القرار أن البنك لا يخطط لرفع الفائدة مجددًا، لكنه شدد في المقابل على أن خفض الفائدة قد يستغرق وقتًا أطول مما كانت تتوقعه الأسواق في السابق، مما اعتبره المحللون موقفًا متشددًا بحذر. ومن المنتظر أن يلقي باول كلمة جديدة يوم الخميس، قد تسلط مزيدًا من الضوء على كيفية تفاعل البنك مع بيانات التضخم المرتقبة، وما إذا كان هناك متّسع لبدء دورة تيسير نقدي خلال الصيف، أم أن التشدد سيبقى سيد الموقف حتى الربع الرابع من العام.
تقدّم في محادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة
شهدت الأسواق المالية العالمية صباح اليوم تحولًا بارزًا، عقب إعلان الولايات المتحدة والصين التوصل إلى اتفاق تجاري موقت، بعد جولة مكثفة من المفاوضات استمرت ليومين في مدينة جنيف. وينص الاتفاق على خفض متبادل للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، إذ قررت واشنطن تقليص الرسوم المفروضة على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، فيما ستقوم بكين بخفض رسومها على السلع الأميركية من 125% إلى 10%، مع تعليق أي رسوم جديدة خلال فترة الاتفاق.
وصف الجانبان هذه المحادثات بأنها "إيجابية وبنّاءة"، مؤكدين عزمهما على مواصلة التنسيق والحوار في المرحلة المقبلة، وتفعيل آلية متابعة مشتركة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق. هذا التطور المفاجئ أسهم في تهدئة المخاوف من تصعيد تجاري جديد، وساهم في دفع الأسواق المالية العالمية نحو ارتفاعات قوية، مدعومة بتحسّن شهية المخاطرة وتراجع مستويات التوتر التجاري.
الأسهم الأميركية والذهب: تفاؤل واسع وضغوط على الملاذات الآمنة
تشهد الأسواق الأميركية انطلاقة قوية هذا الأسبوع، مدفوعة بالتطور المفاجئ في ملف التجارة بين الولايات المتحدة والصين، حيث قفزت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية، وعلى رأسها مؤشر ناسداك وستاندرد آند بورز 500، في تداولات ما قبل الافتتاح، مدعومة بتحسّن كبير في معنويات المستثمرين بعد الإعلان عن اتفاق تجاري موقت بين أكبر اقتصادين في العالم. هذا الاتفاق ساهم في تعزيز شهية المخاطرة ودفع المستثمرين إلى إعادة التمركز في الأسهم، ولا سيما في قطاعات النمو والتكنولوجيا.
في المقابل، تراجعت أسعار الذهب بشكل حاد، حيث انخفض المعدن النفيس بنسبة تقارب الـ 3% في بداية تعاملات الأسبوع، مسجّلًا أحد أكبر انخفاضاته اليومية خلال العام الجاري. وقد جاء هذا الهبوط نتيجة تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن، في ظل انحسار التوترات التجارية، إلى جانب استمرار قوة الدولار الأميركي المدعومة بسياسة الاحتياطي الفيديرالي المتشددة.
رأي
ميشال صليبي
الأسواق تترقّب الفيديرالي وسط شبح الركود والتوترات التجارية: ماذا نرصد هذا الأسبوع؟
تشهد مؤشرات الأسهم الأميركية بداية أسبوع تتسم بالحذر، حيث يترقّب المستثمرون نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء، إلى جانب صدور بيانات اقتصادية مؤثرة، أبرزها مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي (ISM) الذي سيصدر اليوم، واستمرار موسم إعلان نتائج الشركات للربع الأول من عام 2025.
رغم هذا الزخم الإيجابي، يبقى التضخم العامل الحاسم الذي ستحدده بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) المنتظرة يوم الثلاثاء. فإذا جاءت القراءة أقل من المتوقع، فقد تعزز من موجة الصعود الحالية في الأسهم، أما إذا جاءت أعلى من التوقعات، فقد تدفع الأسواق إلى التراجع مجددًا تحت وطأة المخاوف من تشديد نقدي إضافي، مما قد يعيد بعض الدعم النسبي للذهب على المدى القصير. بشكل عام، تعكس تحركات الأسواق في هذا التوقيت انتقالًا واضحًا نحو الأصول الخطرة، وتراجعًا في الإقبال على أدوات التحوّط، وسط رهانات متزايدة على تحسّن المناخ الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من العام.
تتجه الأسواق المالية هذا الأسبوع نحو مفترق طرق حاسم، حيث تتقاطع عنده ثلاثة محاور رئيسية: بيانات التضخم الأميركية، موقف الاحتياطي الفيديرالي، والتطور المفاجئ في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وبينما أطلق الاتفاق التجاري الموقت العنان لموجة من التفاؤل، يبقى مسار الفائدة الأميركية والقراءة المرتقبة لمؤشر أسعار المستهلكين العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد الاتجاهات المقبلة للأسواق.
الأسهم تستفيد حاليًا من الزخم الإيجابي، مدفوعة بتحسّن المعنويات وانخفاض التوترات الجيوسياسية، فيما يتعرض الذهب لضغوط قوية في ظل تراجع الطلب على الملاذات الآمنة. لكن هذا التوازن يبقى هشًا، ويمكن أن يتغيّر سريعًا إذا جاءت بيانات التضخم أعلى من المتوقع، مما يعيد المخاوف من بقاء السياسة النقدية الأميركية متشددة لفترة أطول.
في ظل هذه المستجدات المتسارعة، يُنصح المستثمرون بتوخي الحذر، وعدم التسرّع في بناء مراكز استثمارية كبيرة قبل صدور البيانات، مع مراقبة دقيقة لتصريحات مسؤولي الفيديرالي التي قد تحمل مفاجآت في لغة الخطاب أو التوجّه المستقبلي. إنها أيام حاسمة، وقد تكون بمثابة مرآة لباقي النصف الأول من عام 2025.
(*) ميشال صليبي، كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.
0 تعليق