نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحلة عبر الزمن في الدرعية: استكشاف عاصمة السعودية الأولى - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 10:13 صباحاً
بين أروقة التاريخ وسحر المعمار النجدي، تقف الدرعية شامخة باعتبارها مهد الدولة السعودية الأولى وواحدة من أكثر الوجهات التاريخية جذبًا في المملكة. تقع هذه المدينة العريقة على ضفاف وادي حنيفة شمال غرب الرياض، وتحمل في طياتها عبق الماضي الذي يعود إلى القرن الخامس عشر، عندما بدأت كقرية صغيرة ثم تحوّلت إلى مركز ديني وسياسي وثقافي بارز.
واليوم، أعادت المملكة إحياء الدرعية ضمن رؤية 2030، لتكون وجهة سياحية عالمية تستقطب الزوار من الداخل والخارج في رحلة استثنائية عبر الزمن، يكتشفون فيها روح نجد القديمة بتفاصيلها الدقيقة وروحها الأصيلة.
الطراز النجدي وجمال العمارة التقليدية
ما يميز الدرعية عن غيرها من المدن التراثية هو طرازها المعماري الفريد المستوحى من البيئة النجدية الصحراوية. عند دخولك حي الطريف، أحد مواقع الدرعية المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، تشعر وكأنك انتقلت إلى قرنٍ مضى. البيوت الطينية المزخرفة، القصور الشامخة كقصر سلوى، والأزقة الضيقة التي تتشابك بانسجام فني ساحر، كلها عناصر تروي قصة مجتمع أصيل عاش على ضفاف الوادي ونجح في بناء حضارة متينة.
ويُعدّ قصر سلوى من أبرز المعالم في حي الطريف، فقد كان مقرًّا للحكم ومركزًا لإدارة الدولة، ويُتيح للزائرين فرصة التأمل في عظمة البناء ودقة التفاصيل التي حافظت على أصالتها رغم تقلبات الزمن.
منطقة البجيري: التقاء التاريخ بالحياة الحديثة
على الجانب الآخر من وادي حنيفة، تقع منطقة البجيري التي تُجسد مزيجًا فريدًا بين التاريخ والحداثة. فقد تم تطوير هذه المنطقة لتكون واجهة سياحية متكاملة تضم مطاعم عالمية ومقاهٍ راقية، بالإضافة إلى مسارات للمشي ومناطق للاسترخاء تُطل مباشرة على الطريف. ومع حلول المساء، يزداد المكان سحرًا مع عروض الإضاءة التي تُبرز ملامح الطين القديمة على جدران الطريف، لتخلق تجربة بصرية تخطف الأنفاس.
كما تحتضن البجيري فعاليات ثقافية مستمرة، من عروض موسيقية إلى معارض فنية تُسلّط الضوء على التراث السعودي والنجدي خاصة، مما يجعل الزيارة إلى الدرعية ليست فقط متعة بصرية، بل تجربة ثقافية متكاملة.
الدرعية الجديدة: رؤية طموحة لمستقبل مستوحى من الماضي
في إطار رؤية السعودية 2030، انطلقت مشاريع تطوير ضخمة لتحويل الدرعية إلى عاصمة للثقافة والتراث، دون المساس بروحها التاريخية. ويتجسد ذلك في مشروع "بوابة الدرعية"، الذي يهدف إلى جعل المنطقة مركزًا عالميًا للزوار من جميع أنحاء العالم، مع الحفاظ على الهوية المعمارية والمجتمعية الأصيلة. يشمل المشروع منتجعات فاخرة، متاحف، مسارح مفتوحة، ومراكز ثقافية تهدف إلى إحياء القصص التي كُتبت بين جدران الطريف.
كما يُساهم المشروع في توفير فرص عمل لأبناء المنطقة، مما يُعزز من ارتباط المجتمع المحلي بالمكان ويضمن استدامة الحفاظ عليه. إنها رحلة بدأت من الماضي البعيد، وتستمر بثقة نحو المستقبل، حيث تُعيد الدرعية تعريف السياحة التاريخية والثقافية في المملكة.
الدرعية ليست مجرد مدينة تاريخية، بل هي رمز وطني يعكس بدايات الدولة السعودية الأولى وتطورها عبر العصور. في كل حجر وشارع وساحة، هناك حكاية تستحق الاكتشاف. سواء كنت مهتمًا بالتاريخ، أو باحثًا عن تجربة ثقافية غنية، أو حتى عاشقًا للجمال المعماري، فإن رحلة إلى الدرعية تُعد فرصة فريدة للغوص في عمق الهوية السعودية الأصيلة. هنا، لا يكتفي الزائر بالمشاهدة فحسب، بل يعيش لحظاتٍ من الزمن الماضي بكل تفاصيلها، في مشهد يعانق المستقبل بكل طموحاته.
0 تعليق