إفادات الخيانة: هكذا يُباع لبنان على الورق ويُسلّم بلا مقاومة! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إفادات الخيانة: هكذا يُباع لبنان على الورق ويُسلّم بلا مقاومة! - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 02:50 مساءً

بسام صراف

 

يعيش لبنان اليوم واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخه الحديث، حيث تتشابك الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مشهد مأزوم، وتزداد هشاشة الدولة ومؤسساتها في مواجهة تحديات متراكمة. وسط هذه العاصفة، يتسلل خطر ديموغرافي صامت، لكنه بالغ التأثير، يهدد الكيان اللبناني في عمقه: إنه ملف "إفادات مكتومي القيد"، الذي تحوّل من قضية إنسانية هامشية إلى أداة تفكيك ممنهج للسيادة والهوية الوطنية.
تُمنح هذه الإفادات غالبًا لأفراد دخلوا الأراضي اللبنانية بطرق غير شرعية أو يفتقدون إلى أوراق ثبوتية، وتحمل صفة استثنائية موقتة يفترض أن تُستخدم لمعالجة حالات خاصة. غير أن غياب الرقابة القانونية، وسوء الإدارة، والتوظيف السياسي والمالي لهذا الملف، حوّل الإفادات إلى "بطاقات مرور" نحو إقامة شبه شرعية، قد تفتح الباب لاحقًا للتجنيس والتوطين، ما يُعدّ تفريطًا صريحًا بالسيادة الوطنية.
تقدّر تقارير غير رسمية صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد الولادات غير المسجّلة في لبنان سنويًا بما بين 30 و40 ألف حالة، معظمها بين اللاجئين السوريين والفلسطينيين. هذا الرقم الضخم، وإن لم يتم توثيقه رسميًا بعد، يكشف عن خلل هيكلي في إدارة ملف الولادات والتوثيق السكاني، ويضع مستقبل لبنان الديموغرافي على المحك. ففي غياب سياسة واضحة، يتم التعامل مع هذه الحالات بعشوائية، وبأسلوب متضارب بين الجهات الأمنية والإدارية، ما يُنتج واقعًا خطيرًا لا يمكن تجاهله.
الخطورة لا تكمن فقط في الأعداد، بل في الإهمال المتعمّد، أو المتواطئ أحيانًا، من قبل جهات رسمية وأممية، تسعى تحت شعارات "الرحمة" و"حقوق الإنسان" إلى تمرير واقع قانوني جديد يضرب مبدأ السيادة، ويخلق مسارًا قانونيًا بديلًا عن الجنسية اللبنانية، يتم من خلاله تثبيت إقامة من لا يحق لهم البقاء على الأراضي اللبنانية، بل ويتلقون مساعدات بالدولار تفوق أحيانًا ما يناله المواطن اللبناني المنهك اقتصاديًا.
المواطن اللبناني اليوم يشعر أنه أصبح غريبًا في وطنه، يُحرَم من الحد الأدنى من الخدمات والرعاية، بينما تُمنح الامتيازات لمن لا يحملون صفة قانونية واضحة، تحت رعاية منظمات دولية تمارس ضغوطًا مالية وإنسانية على الدولة، في ظل غياب استراتيجية لبنانية موحّدة للتعامل مع ملف النزوح والهجرة غير الشرعية.
من هنا، لا بد من وقفة وطنية شاملة تُعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها، وتحسم هذا الملف بسيادة القانون. ولتحقيق ذلك، تُطرح سبعة مطالب وطنية ملحّة تُشكّل خارطة طريق لإعادة ضبط هذا الملف الحساس:
1. اتخاذ قرار فوري بإلغاء جميع إفادات مكتومي القيد الصادرة منذ عام 2011، تمهيدًا لمراجعة شاملة لهذه الملفات ضمن معايير قانونية واضحة.
2. فتح تحقيق قضائي وأمني لمحاسبة كل من تواطأ أو سهّل إصدار هذه الإفادات خارج الأطر القانونية.
3. نشر لوائح الأسماء المرتبطة بالملف من مستفيدين، موظفين موقّعين، ومسهلين، بما يحقق الشفافية والمساءلة.
4. إلغاء أي عمليات تجنيس جرت استنادًا إلى هذه الإفادات، كجزء من تصحيح قانوني شامل.
5. إقرار قانون خاص بمكتومي القيد يُنظّم أوضاعهم ضمن رؤية تحفظ السيادة وتمنع الاستغلال السياسي أو المالي للثغرات.
6. ترحيل كل من دخل الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية، بالتوازي مع وضع استراتيجية واضحة لمعالجة النزوح السوري، بعيدًا عن الحلول المؤقتة والعشوائية.
7. إعادة تقييم دور المنظمات الدولية العاملة في لبنان، ووقف أي تمويل مشروط أو برامج تُسهم في ترسيخ واقع خارج سيطرة الدولة.
لبنان ليس ساحة مفتوحة للتجاذبات الدولية ولا حقل تجارب ديموغرافية. إن الحفاظ على الكيان اللبناني يتطلب يقظة وطنية وموقفًا واضحًا، تشارك فيه الدولة، ومؤسساتها، والمجتمع المدني، دفاعًا عن السيادة، والهوية، والعدالة الاجتماعية. فالتفريط بهذه المبادئ لا يعني فقط خسارة الأرض، بل انهيار الفكرة اللبنانية من جذورها.

 

المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق