نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مرحبا... إتّفاقيّات ابراهام ! - تكنو بلس, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 12:25 مساءً
الاب ايلي قنبر
"بيت الرحمة"
جاء في رواية يوحنّا للإنجيل أن "كانَ في أورَشَليمَ عِندَ بابِ ٱلغَنَمِ بِركَةٌ تُسَمّى بِٱلعِبرَانِيَّةِ "بَيتَ حِسدا"[ أي بيت الرحمة]... وَكانَ مُضَّجِعًا فيها جُمهورٌ كَثيرٌ مِنَ ٱلمَرضى، مِن عُميانٍ وَعُرجٍ وَيابِسي ٱلأَعضاءِ يَنتَظِرونَ تَحريكَ ٱلماءِ".
تَوازيًا، شعوب منطقتنا العربيّة "المُستَعمَرَة" فيها "جمهورٌ كثيرٌ من المرضى، ينتَظرون تحريك الماء"، ماء السلام المَوعود منذ مئات السنين والازدهار، ولكن، ليس لها مَن يُنجِدها أو بالحَريّ هي لا تسعى لـ"الخروج"(فِصح) إلى الحُرِّيَّة و"الحياة بِوَفرة"للجميع[ (يوحنّا 10:10).]. نعم، "المُستعمَر غائبٌ عن الفلك الإنساني. المستعمَر "ملعون" لأنه صار كذلك، وقد صار "ملعوناً" بعدما أطلق الرجل الأبيض لعنته عليهِ. إنّ "الملعون"[ پول مخلوف، سارتر وفانون: في مديح العنف، الأخبار، السبت 03 ايّار 2025] هو إنسانٌ مهدور: يُنهَب، ويُستغَل، ويُقتَل، ولا يلتفت إلى جثّته أحد. إنه مكروهٌ ومنبوذ ويُعامَل بوَصفه "بشرياً أدنى"، يدنو إلى مرتبة الحيوان". ما يعني أنّ "هذا "الملعون" لا يمتلك نظرة، بل هو "فاقدٌ الكلمة" بوَصف جان پول سارتر. إنه مجبولٌ بالعدَم". ولأنّ إنساننا العربيّ "الملعون"[ لا الشرق أوسَطيّ] هو "كائنٌ ما قَبل طبَقيّ، بالتالي لا يتَماهى مع باقي عُمّال العالم المُعذَّبين لأنه "مقتولٌ رمزياً" و"مهدورٌ واقعياً" من قبل الرجل الأبيض وليس فقط مُستغلاً كما حال الپروليتاريَا". مُعاناة إنساننا العربيّ "مُستَدامة" لأنّه "إنسان محكوم بالتَوحُّش السياسيّ والأمنيّ لاغتيال المجتمع وتأديبه وتدريبه على الركوع"، على حَدّ تعبير نصري الصايغ[ في رحلة إلى الجحيم العربي، "على الطريق"، 06 ايّار 2025]. وهوَ محكومٌ بالتعذيب كـ"قرار سَماويّ، دينيّ، رأسماليّ" كما استَنتج الصايغ، الذي يُضيف: "المهمّ: ممنوع أن تموت. مسموح أن تتعذب. أن يكون إحساسك بالألم لذّة لدى المُخابرات المُصابة بالخَصاء الإنسانيّ". ليَصِل إلى حافّة الصُراخ: "أين أنت يا الله؟ ردّ علينا مرّة واحدة. أو، نُدمِن على اليأس، بلَذَّة النِهايات"[ المرجع السابق].
"الإبراهيميّة؟"
بالعَودة إلى المُخلَّع[ يوحنّا 5: 1-15]، وتَوازيًا أيضًا وأيضًا، وكي لا نصِل إلى "لذّة النهايات"، يُفيدنا الأب يُواكيم مُبارَك[ جمع وتحقيق سركيس ابوزيد، الأب يواكيم مبارك- كتابات في المارونيّة والإسلام وفلسطين، (المجموعة الكاملة باللُّعة العربيّة)، دار أبعاد، 2025] أن "المنطقة التي ينتمي إليها لبنان تُعاني من داءَين عظيمَين: الاحتلال الصهيونيّ في فلسطين والتخلُّف الاقتصاديّ والاجتماعيّ". فكيف لنا أن نلِج إلى مرحلة الكَيّ؟
حان الوقت "للنخبة أو بالحَرِيّ للمسيحيّة أن تضع نفسها في خدمة الجماهير العربيّة المحرومة". جاء كلامه هذا في أواخر ستّينات القرن العشرين. ثُمّ أوصي مبارك اللبنانيين "بعد (إجراء) الاتفاق الإسلاميّ المسيحيّ في ما بينهم أن يُشركوا اليهود ليكتمل المشهد. وبهذا يعتبر "أنّ إزالة الصهيونيّة عن فلسطين واجب باسمِ الدين اليهوديّ والوصايا الإبراهيميّة".
يُقابِل إعلان الأب مبارَك "بيان الاتفاقيات الإبراهيميّة" أو "اتِّفاقيّات أبراهام"[ أوThe Abraham Accords Declaration ] الذي أُعلِِن عنها في البيت الأبيَض بتاريخ 15 أيلول 2020[ بين الإمارات العربيّّة المتَّحدة والبحرَين والولايات المتّّحد الأميركيّة زالكَيان الغاصب، ولحِقت بها المملكة المغربيّة والسودان. ما المُراد منها، وماذا ترتَّب عنها؟]، التي يعتبرها مُوَقِّعوها بمثابة "معاهدة للسلام والتطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسيّة مع (الكَيان الغاصِب)"، وانخراط مع الولايات المتحدة في ما سمّاه الاتفاق "أجندة إستراتيجيّة لاستقرار الشرق الأوسط". والمُضحِك المُبكي أنّ الوارد في مَتن تلك الاتّفاقيّات يجري تحقيقه "هُنا والان: أي في غزّة ولبنان وسوريا والسودان وليبيا والعراق: "ندرك أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط والعالم...". وبالتمام كما أعدّت له وكالة [ سعيد محمد، هكذا «لغّمت» الـ CIA الثقافة، الأخبار، السبت 3 أيّار 2025]CIA لمنطقتنا العربيّة: "إذا كان ثمَّة خلاصةٍ لتاريخ سقوط الأنظمة في السنوات الـ 75 الأخيرة، فإنّ "وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة" كانت دائماً هناك، في كل مرّة، من دون استثناء تقريبًا، في عمل ممَنهَج، صبور، طويل المدى، لا يَقتصر على أدوات السياسة والدِّين لتأليب المُواطنين على حكوماتهم الوطنيّة، بل يُوظِّف أيضاً الثقافة والأدب أسلحةً ناعمة لكَسب "العقول والقلوب" ومَنح الجماهير حلماً كاذباً بحياة أفضل".
"أتُريد أن تَبرأ؟"
هذا هو السؤال الذي طرحه يسوع على المُخلَّع يومًا. لا يستطيع مُسانَدته بدون موافَقته وبِلا فِعله التَغيِيريّ تُجاه نفسه: "ساعِد نفسك، تُساعدك السماء"، كما جاء في مثَلٍ فرنسيّ. أو بلُغة الفيلسوف الأميركيّ المُعاصِر فرانز فانون، "لقد صرنا إزاء مُستعمَرٍ ومستعمِر. نحن أمام ثورة تحرُّرية تَروم تهشيم الاستعمار والانفكاك من النخب "المحليّة" التابعة له". فَمع فانون، امتلكت الثورة الجديدة هُوِّيَّةً ثقافيّة، والحال أنّها صراعٌ للقَبض على هُوِّيّةٍ ضائعة؛ إنها هُوِّيّةٍ مسلوبة". ولَن يقوم بها المُثَقَّفون، إذ "لم يَعُد المثقَّف عند فانون هو من يقود الثورة، بل يقودها المُستعمَر. إنسان "العالم المتخلِّف"، الذي يَعلم أنّ لا مجال للتحرُّر من الاستعمار إلَّا بعُنفٍ مُضاد يُماثل العنف المُمارَس عليه". ويرى جان- پول سارتر أنّ "الممارسة السياسية العنيفة التي تحدث في المجال الواقعيّ هي الثورة الوحيدة والمُستعمَرون هم قادة الصراع الكونيّ". نحن أمام واقع جديد مختلِف تمامًا عن المالوف. لِمَ؟ لـ"أنّ السنن الكَونيّة أثبتَت أنّ جدليّة "السلطة – المقاومة"[ زينب عقيل، عصر «النيوإمبريالية الذكية»: عن الترامبية والأمركة والعولمة، الأخبار، 12 ايّار 2025
] لا تَسقط طالما أنّّ هناك بشراً يتفاعلون. بل ثمَّة حتميّّة مُتَّّفق عليها تُفيد بأن كل مرحلة من الضغط لا بدّ ستَنتج منها مقاومة، وإن كان ضغطًا مقنّعًا بطيئاًً لا تنضج أهدافه ولا تتّضح أدوات مقاومته إلَّا بعد حين. وأنّ كلّ مرحلة من ثُنائيّة "الضغط والمقاومة"، ستُنتج شكلاً جديداً من التوازن أو النظام". هكذا نَبرأ ونُعيد إنسانيّتنا إلى ذواتنا.
0 تعليق