نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معرض ليلى داغر ضدّ الطمأنينة المميتة - تكنو بلس, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 06:26 مساءً
هذا مآلُ لوحةٍ تتفكّر في الصيرورة التي تهتدي بها إلى مستقبليّتها، متّكئةً على إرث تجاربها النوعيّ في معالجة المشهد الطبيعيّ من جهة، وإرثها في معالجة المكان المدينيّ من جهةٍ ثانية، وهذان إرثان متكاملان في المعرض، متوأمان، متداخلان، بل هما يؤسّسان لعالمٍ تأليفيٍّ وتعبيريّ متجانس، لا لبس في تضامنه ووحدته.
هذا عالمٌ لا تتنكّر فيه اللوحة لماضيها، بل تعيد "اجتراحه"، كما لم يكن من قبل. وها هي اللوحة تجعل هذا الماضي الأليف الهادئ والحكواتيّ يهتدي إلى حياته المقبلة، التي تحاكي تعقيدات العصر، وتمتحن أسئلة الفنّ، وتختبرها، وتقارعها، وتتجادل وإيّاها، وتتناغم معها.
وهي في هذا كلّه، تتخلّص من البوح، لتحتفظ بالدلالات والترميزات، مركّزةً الهجسَ البحثيّ والتأليفيّ على كيفيّات الملاءمة بين الجزئيّات والعناصر والأدوات والإضافات والملصقات والألوان، بحيث تتجاسد في بنيةٍ أوركستراليّة واحدة، مشهديّة – مدينيّة، من شأنها أن تفتح رحابة الأفق أمام اللوحة، فتغدو ثمرةً من ثمراتِ ما يشهده الفنّ اليوم من ولاداتٍ مغايرة.
الهدوء "الماكر" الذي تستشفّه العين وهي تقرأ الحيوات المتنوّعة في اللوحة، إنّما يعكس بلا ريب، عدم استكانة الفنّانة إلى ما هو جاهزٌ ومألوفٌ ومتعارفٌ عليه ومطمئنٌّ في لوحة المشهد الطبيعيّ، واللوحة المدينيّة.
هذا الهدوء "الماكر" نفسه، إنّما يعكس أيضًا الاجتهاد الصابر والمتقن الذي يحيط بعمليّة التأليف، والثقافة الاختباريّة التي لا تني تستنبط ما يمنحها القدرة على مواجهة ما تشهده الحياة المعاصرة من مشقّات، وعلى استيعابها، وتظهيرها، بما ينبئ بالميزة التي تختصّ بها لوحة ليلى داغر.
معرضٌ يهجس بالبحث عن لوحةٍ تخرج من دائرة الطمأنينة المميتة، وهو ينجح في العثور على لقياه.
وهنا يكمن سرّه.
0 تعليق