يكثّف الجيش الإسرائيلي من اقتحاماته لمحافظة جنين، لتتوسع وتشمل البلدة القديمة وسط جنين، على وقع مخاوف متصاعدة من تجدد الأعمال العسكرية الإسرائيلية التي تسببت في دمار كبير للمنشآت والبُنى التحتية والطرقات.

ويخشى سكان جنين من أن يؤدي انتقال المسلحين من المخيم إلى مناطق داخل المدينة إلى تكرار سيناريو الدمار الذي لحق بالمخيمات في الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية، خاصة بعد أن باتت جنين إحدى أكثر مدن الضفة الغربية تضررًا منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وقد هدم الجيش الإسرائيلي، منذ بدء عمليته العسكرية داخل مخيم جنين، بحسب بلدية المدينة، نحو أربعة آلاف منزل، إضافة إلى خسائر في البُنى التحتية تُقدَّر بأكثر من 300 مليون دولار، وفق تقرير رسمي نُشر الأسبوع الماضي.

تحرّكات ليلية وأصوات انفجارات

وعلى مدى الليالي الثلاث الماضية، أفاد سكان محليون بأن قوات الجيش الإسرائيلي توغلت مرارًا في أطراف البلدة القديمة، مستخدمة طائرات استطلاع مسيّرة في سماء المدينة. كما سُمع دويّ انفجارات متقطعة في محيط الحي، دون أن تعلن إسرائيل عن عملية عسكرية رسمية في المنطقة حتى الآن.

يقول أبو أحمد، أحد سكان الحي، في حديث لـ"شبكة أخبار الشرق":
"نحن ننام وقلوبنا على أي لحظة قد يقتحم فيها الجنود منازلنا. لا نريد المزيد من الدمار والتهجير، لأن من سيدفع الثمن هم أطفالنا."

بين الخوف من الجيش والغضب من الفصائل

تزداد المخاوف الشعبية من أن تتحول الأحياء السكنية إلى ساحات مواجهة مفتوحة، حيث تتهم إسرائيل بعض الفصائل المسلحة، مثل سرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي، باتخاذ الأزقة الضيقة في البلدة القديمة كنقاط انطلاق لهجمات مسلحة.

وفي هذا السياق، حذّرت شخصيات سياسية فلسطينية من أن العمل المسلح داخل المناطق السكنية يشكل خطرًا مباشرًا على المدنيين، ويمنح "الاحتلال" الذريعة لضرب البُنى التحتية مجددًا، ما يُعيد المدينة إلى نقطة الصفر.

شلل اقتصادي في ظل الإغلاق وتراجع الزوار

على الصعيد الاقتصادي، لا تبدو الصورة أفضل حالًا. فقد حذّر تجار في غرفة تجارة وصناعة جنين من أن أي تصعيد إضافي أو فرض إغلاق على معبر الجلمة – الشريان التجاري الحيوي الذي يربط جنين بالداخل – سيؤدي إلى "انهيار شامل للحركة التجارية" في المدينة، التي تعاني أصلًا من ركود اقتصادي غير مسبوق منذ أشهر.

وكانت وزارة العمل الفلسطينية قد أعلنت مؤخرًا أن الضفة الغربية فقدت نحو 500 ألف فرصة عمل منذ بدء الحرب، معظمها بسبب توقف العمل داخل الخط الأخضر، ما أثّر على دخل آلاف العائلات.

وأكد الخبير الاقتصادي ياسين دويكات أن "أي حصار جديد على جنين أو إغلاق للمعابر يُعد عقابًا جماعيًا، ستكون له تداعيات عميقة على الواقع المعيشي والاقتصادي."

تحذيرات وتحركات عاجلة مطلوبة

بدوره، يرى المحلل السياسي حسن سوالمة أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى "انفجار داخلي، إذا استمرت المعادلة الأمنية والعسكرية على ما هي عليه".

وقال سوالمة: "الفلسطينيون باتوا ضحايا لغياب خطة سياسية واقتصادية وأمنية واضحة، والجميع يدفع الثمن. إن لم يتم كبح هذا التدهور، فقد نشهد موجة جديدة من النزوح الداخلي والانهيار الاجتماعي."