نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هزيمتان بطعم الانتصار... على طريق "الحرب والسلام"! - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 01:13 صباحاً
مرة أخرى، في أقل من شهر، يتعرّض "تلاميذ" ترامب-بوتين في الغرب، لخسارة انتخابية مدوّية. ولئن كان مارك كارني سحقهم في كندا قبل أسابيع، فإن جورج سيميون، ممثل قوى "ماغا" (اجعلوا أميركا قويّة من جديد) المعارض لدعم أوكرانيا ضد الغزاة الروس، قد اندحر ليل الأحد الماضي في رومانيا أمام نيكوسور دان المعتدل الأوروبي الهوى.
غير أن هذا الفوز الذي انتزعه عمدة بوخارست السابق، "من بين شدقي الهزيمة"، على حد تعبير تشرشل، لا يكفي لجعل بروكسل ومؤيدي الوسطية قريري العين. ربما سبح دان عكس التيار مثل كارني، إذ تكهنت استطلاعات الرأي بخسارته أمام منافسه المعارض للاتحاد الأوروبي. فمرشحو اليمين المتطرّف اقتربوا كثيراً من عتبة القصر الرئاسي في بوخارست من جديد بعدما كادوا يدخلونه قبل نحو ٦ أشهر لو لم يحرمهم "التحايل" من ذلك.
ولم يكن اليمين الشعبوي في البرتغال أوفر حظاً، إلا أنه تكبّد مثل نظيره الروماني خسارة لها مذاق الربح. فحزب "شيغا" (يكفي) المتطرف حقق تقدّماً مدهشاً، إذ نافس الحزب الاشتراكي على المركز الثاني في الانتخابات. وعزّز ترسانته البرلمانية من (49 مقعداً) في انتخابات العام الماضي لتضمّ 58 مقعداً (من أصل 230) هي حصة الاشتراكي ذاتها. وهزّ الحزب المتشكك في الاتحاد الأوروبي أركان النظام السياسي البرتغالي بعنف أكبر هذه المرة.
وسواء نسف "شيغا" في 18 أيار/ مايو النظام القائم على تبادل السلطة بين حزبي اليمين واليسار الرئيسيين أو لا، فإن ثمة نتيجتين يمكن استخلاصهما من ادعائه ذلك. الأولى تتمثل في أن الأحزاب الناشئة صارت تشعر بأنها قادرة فعلاً على إحداث تغيير جذري. في هذا السياق، "شيغا" يذكّر بحزب "الإصلاح البريطاني" الأقل تطرّفاً منه، الذي عزف قبل أسابيع على الوتر ذاته، ربما لأنه يظن أيضاً أن طريقه إلى القمّة لم يعد طويلاً.
أما النتيجة الثانية، فهي أن من الممكن تفهّم حماسة "شيغا" و"الإصلاح" وإحساسهما بثقة متنامية. فهما مجرد عينتين من أحزاب اليمين المتطرف والشعبوي الذي يقترب بإصرار من خطف السلطة في الغرب وخارجه. ويتقدم المتطرفون رغم حداثة عهدهم وقلة خبرتهم، مثل "شيغا" الماضي في تعزيز نفوذه على حساب أكبر حزبين في البلاد تأسس كل منهما قبل نصف قرن مع أنه لم يكمل سنته الخامسة بعد.
وهذه هي الحال مع أحزاب اليمين المتطرف في سائر الدول الأوروبية حيث نجحت، وتنجح، في القيام بقفزات مدهشة على صعيد الشعبية. وهذا لا يعود فقط إلى الظروف الموضوعية، لجهة تفاقم الصعوبات وفشل الأحزاب التقليدية في تذليلها. فالأحزاب الشعبوية، أو بعضها، تتمتع بقيادات شابة ذكيّة تعلمت بسرعة كيف تدير مفاتيح اللعبة السياسية.
أندريه فينتورا، 42 عاماً، مؤسس وزعيم "شيغا"، ورفيقه جورج سيميون، 38 عاماً، المؤسس المشارك ورئيس حزب "التحالف من أجل وحدة الرومانيين" الذي أبصر النور كـ"شيغا" في 2019، من هؤلاء القادة الصاعدين. صحيح أن الأول يبدو محنكاً أكثر من سيميون الذي قد يسير على خطى مثله الأعلى، الرئيس دونالد ترامب، لناحية رفض الاعتراف بهزيمته بفارق 8 نقاط. لكن من الخطأ تقليل أهمية السياسي الذي تمكن من حصد تأييد كبير لأفكاره المتطرفة، ما ساعده على الغلبة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية قبل أسبوعين، رغم أنه كان قد حلّ رابعاً في الانتخابات السابقة في تشرين الثاني (نوفمبر)، التي تم إلغاؤها.
اليمين يزداد قوة منذ الاختراق الذي سجله "حزب الحرية" النمساوي بقيادة يورغ هايدر في 1999. والآن صار يحظى بدعم أكبر قوة في العالم حتى ولو كان ينتسب إلى سلالة نازية يحمل ألوانها الفاقعة على جبهته، كحزب البديل الألماني. فكم من الوقت يفصل اليمنيين العنصريين عن القبض على السلطة في عواصم أوروبية عدة، لاتزال حتى الآن تقاوم بضراوة جحافلهم الزاحفة أبداً صوب مراكز القوة؟ وكم سيتغير العالم إن وقعت باريس ومدريد ولندن وبرلين وفيينا إلى جانب بودابست وروما وأمستردام في أيديهم قبل نهاية العقد الحالي؟
ثمة متفائلون يستبعدون هذا السيناريو ويبشّرون بإفلاس المتطرّفين السريع إذا اكتسحوا الموقف. في المقابل، هناك من يخشى حرباً عالمية بسبب سياسات هؤلاء المتشددين. والمستقبل غير البعيد كفيل ببتّ الأمر!
0 تعليق