نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جيوتيان: رسالة الصين الصامتة إلى أفق القوة الجديدة - تكنو بلس, اليوم الخميس 22 مايو 2025 04:13 مساءً
في زمنٍ تتراجع فيه الوجوه البشرية عن مشهد القرار، تبرز "جيو تيان" الصينية كعلامة فارقة: حاملة طائرات بلا طيار، تحلّق في صمت، وتخطط بلا قلب. هل دخلنا عصر الحروب التي لا يشهدها أحد؟ وهل ما زال للإنسان كلمة في سماءٍ تقرّرها الخوارزميات؟ إنها لحظة تكنولوجية تُعيد رسم حدود الحرب والسلم، وتفتح أبوابًا لأسئلة معلّقة لا تجيب عنها المدافع، بل المعادلات.
كانت السماء يومًا ملاذًا للمتأملين، فإذا بها تتحوّل إلى ساحة مراقبة. "جيو تيان" ليست تطورًا عسكريًا فحسب، بل تحوّل في فلسفة القوة. من يملك الهواء، يملك الأرض؛ ومن يتحكم بالبرمجة، يختصر القرار. لا تحتاج إلى مدرج ولا طيار، بل إلى فكرة تُنفَّذ دون تردد، وأسرابٍ من طائرات تُدار كما تُدار الأفكار في عقل بارد، لا يعرف الرحمة ولا الخطأ.
لم تعد الحروب ضجيجًا وأعلامًا، بل بياناتٍ وعمليات صامتة. كانت المعارك تُخاض بخطب ودماء، أما الآن فتُدار خلف الشاشات، حيث الجنرالات متوارون، والأوامر تُنفّذ بلا مساءلة. "جيو تيان" ليست مجرد سلاح، بل مشهد جديد لعالم بلا شهود، تُقصى فيه الأخلاق عن القرار، ويُختزل الإنسان في رقم على شاشة.
تكمن خطورة هذه المرحلة في أنها لا تعترف بالندم، ولا تتيح للمسؤولية أن تتنفس. من نحاسب إذا أخطأت الآلة؟ وأين يقف الضمير حين تكون المعركة خالية من الوجوه؟ لقد بات الإنسان خارج المعادلة؛ لا يشهد، لا يقرّر، ولا يعترض.
كما كان اختراع النار لحظة فاصلة في تاريخ البشرية، تبدو "جيو تيان" فصلًا جديدًا بين سماء كانت تأوي المصلّين، وسماءٍ باتت ترصد الجميع. لم يعد السؤال: "كيف تُحلق الطائرات؟"، بل: "إلى أين تسقط القيم؟". النجوم لا تزال في مكانها، لكن من يراها الآن ليس الحالمون، بل الأجهزة. وحين تُدار الحروب بلا دماء، فإن الخطر الأكبر هو أنها تُشنّ أيضًا بلا ذاكرة.
0 تعليق