لاون الرابع عشر ودونالد ترامب: أميركيان لمجدين مختلفين - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لاون الرابع عشر ودونالد ترامب: أميركيان لمجدين مختلفين - تكنو بلس, اليوم الخميس 22 مايو 2025 09:25 مساءً

بقلم جورج أبو ملهب

في قلب هذا العصر المضطرب، تبرز أمامنا مواجهتان رمزيتان تجسّدان صراعاً أعمق من السياسة: صراع على معنى المجد، وعلى صورة الإنسان في الحضارة الغربية. في هذه الزاوية، البابا لاون الرابع عشر، أول بابا أميركي في التاريخ؛ وفي الزاوية الأخرى، دونالد ترامب، الرئيس الذي أصبح مرآة مشتهاة لأميركا الإمبريالية.

لاون الرابع عشر، بحضوره الكاريزماتي وسلوكياته الليتورجية المهيبة، لا يسعى فقط إلى الإبهار. بل يؤمن بأن الشكل يحمل المعنى، وأن الجمال يمكن أن يكون وسيلة للوحدة. طقوسه ليست استعراضاً، بل تأويلاً معاصراً للإنجيل، دعوة إلى السلام، وحلم بوحدة الشعوب تحت راية الرحمة. في كل بركة يمنحها، وفي كل إنجيل يرفعه، تظهر رؤيته لمجد لا يعلو على الآخر بل يحتضنه.

هذا المجد ليس غريباً عن تاريخ الكنيسة. فمنذ القرون الوسطى، حين كانت أوروبا تتناحر بالحروب الإقطاعية، كانت الكنيسة توحِّد الأمم من خلال مجامعها وصلحها وعلمها. لم تنتصر بالسيف، بل بالكلمة؛ لم تحكم بالجيوش، بل بالمجمعات. كانت ركيزة الاستقرار في وجه الفوضى، وصوت الضمير في وجه الطغيان. ومهما تعثرت، بقيت مركزاً للمعنى، وملجأً للضعفاء، وصوتاً للسلام في عالم يلهث وراء الهيمنة.

في المقابل، يقف ترامب كشهوة متحركة للسيطرة. لغته الجارحة، ووعوده التي تُمجّد القوة وتستصغر الضعف، ليست مجرد خطابة انتخابية، بل تعبير نقي عن روح إمبراطورية لا تكتفي بالهيمنة، بل تسعى لفرض شكلها على العالم.

وليس ذلك جديداً: فمنذ حرب الفلبين مروراً بفيتنام، حتى العراق وأفغانستان، بُنيت الإمبراطورية الأميركية على منطق السلاح قبل السلم، وعلى تصدير "الديمقراطية" بمدافع لا بكتب. إن أميركا التي يمثلها ترامب ليست أميركا روزفلت أو كينيدي، بل أميركا الصفقات، والقواعد العسكرية، والمصالح العارية.

ليست المقارنة بين الرجلين مجرد مقارنة بين شخصيتين، بل بين رؤيتين لأميركا نفسها: أميركا إنجيلية تنادي بالسلام والوحدة، وأميركا استعراضية تحكمها الأسواق والمحاكم والمصالح المتضاربة.

ترامب يحلم بإمبراطورية لا تموت. لاون يحلم بكنيسة لا تقهر. الأول يفرض، الثاني يدعو. الأول يرفع اسمه، والثاني يرفع الصليب.

وفي هذه اللحظة المفصلية من التاريخ، نحن مدعوون لاختيار نوع المجد الذي نؤمن به: مجد يصنع السلام أم مجد يشتهي السيطرة؟ مجد يُخلِّد الاسم، أم مجد يُنقذ الروح؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق