وداع فارتفاع فقداسة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وداع فارتفاع فقداسة - تكنو بلس, اليوم السبت 24 مايو 2025 03:26 صباحاً

اليوم الأربعون بعد أحد الفصح المجيد هو وداع الفصح ليتورجيًّا. أربعون يومًا صرخنا فيها: «المسيح قام»، وزلزلنا جبال الخطايا الَّتي داسها الربُّ يسوع المسيح بقيامته بسلطان ذاته الإلهيِّ، على رجاء أن نكون أنقياء وتائبين لنُعيِّد خميس الصعود مباشرة، وننطلق في مسيرة العشرة أيام لنبلغ أحد العنصرة المجيدة، حيث نُعيِّد تذكار حلول الروح القدس على التلاميذ.

أمَّا مسك الختام، فيكون في أحد جميع القدِّيسين، الأحد الَّذي يلي أحد العنصرة، وهو ختام زمن البندكستاريون الَّذي بدأناه في أحد الفصح المجيد. هذا الترتيب الليتورجيُّ له هدف واحد: قداستنا، أي الامتلاء من الروح القدس.

التوقُّف في بدء الصلوات عن قول «المسيح قام» بعد يوم وداع الفصح، هو مرحلة ترقُّبٍ وفرحٍ وصمت داخليٍّ، واشتهاء وشوق كبير لننتقل إلى مرحلة جديدة نُعلن فيها، بفرح عظيم في العنصرة، الصلاة الَّتي تبدأ: «أيُّها الملك السماويُّ، المعزِّي، روح الحقِّ[1]...».

إذا عدنا في التاريخ إلى القرن الأوَّل، لشاهدنا التلاميذ في خميس الصعود ينظرون بفرح كبير إلى صعود الربِّ: «وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم وأُصعِد إلى السماء. فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم، وكانوا كلَّ حين في الهيكل يسبِّحون ويباركون الله. آمين» (لوقا 24: 51-53).

مهلًا، لقد قال الإنجيل: «بفرح عظيم»... فكيف ذلك؟!

ألا يجب أن يحزنوا لفراق يسوع عنهم؟ لن يروه بعد اليوم بالجسد، فما الَّذي يُفرحهم إذًا؟

4164714_1748017181.jpgالجواب هو أنَّ المسيحيَّة لا تعيش بحسب الجسد، وتتخطَّى الإيمان المنظور. فيسوع قال لهم: «ها أنا معكم كلَّ الأيَّام إلى انقضاء الدهر» (متَّى 28: 20)، و«أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا موعد الآب الَّذي سمعوه منه، لأنَّ يوحنَّا عمَّد بالماء، وأمَّا أنتم فستتعمَّدون بالروح القدس» (أعمال 1: 4-5).

هذا الروح الَّذي ينبثق من عند الآب، ويشهد ليسوع (يوحنَّا 15: 26)، سيؤازرهم في بشارتهم وحياتهم، ويفعل الأمر ذاته معنا إذا سلكنا الطريق المستقيم.

وإذا راجعنا الأحداث الإنجيليَّة، يمكننا تعليل فرح التلاميذ بثلاثة أسباب:

1. الأربعون يومًا بعد القيامة:

لقد أمضى يسوع معهم أربعين يومًا بعد قيامته، عاشوا فيها فرح القيامة، وأصبحوا شهودًا لها، كما وعدهم قبل صلبه: «سأراكم أيضًا فتفرح قلوبُكم، ولا ينزع أحد فرحَكم منكم» (يوحنَّا 16: 22).

فهل نحن، بدورنا، أمضينا الأربعين يومًا الماضية كما يليق بالإنجيل؟

هل عشنا فعلاً مقولة «المسيح قام»، وقلنا له: «أَقِمْنا معك»، أم ردَّدناها ببَّغائيًّا؟

هل خلعنا إنساننا العتيق، أم ما زلنا نلبسه ونجمِّله بمظاهر زائفة؟

هل تبنا، وصِرنا بالمسيح القائم خليقة جديدة؟

هل نشتهي الصعود مع الربِّ إلى موطننا السماويِّ؟ أم ما زلنا نعشق الحياة الترابيَّة الزائلة المليئة بالأهواء المريضة؟

هل نريد السماء أم القبر، النور أم الظلمة؟

2. وعد يسوع لهم بإعطائهم الروح القدس، وأنَّه لن يتركهم يتامى (يوحنَّا 14: 18).

الروح القدس هو الأقنوم الثالث، المنبثق[2] أزليًّا من الآب، مثلما الابن مولود[3] أزليًّا من الآب.

وهو واحد في الجوهر مع الآب والابن. لذا نقول: الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، وهم إله واحد، ولا يوجد أيُّ فرق بينهم في الزمن.

الربُّ قال عن الروح القدس إنَّه يشهد له، وبأنَّه روح الحقِّ ويرشد إلى جميع الحقِّ، ويعطي روح النبوءة (يوحنَّا 16: 13). وشرح بولس الرسول ثماره الَّتي تظهر فينا: «وأمَّا ثمر الروح فهو: محبَّة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفُّف» (غلاطية 5: 22-23).

هل نسعى بدورنا للامتلاء من الروح القدس؟

فهذه ليست مجرَّد فضائل أخلاقيَّة، بل نتيجة مباشرة لسكنى الروح القدس فينا وتَنقِيَتنا وتجديدنا.

3. عيش الجماعة: وجودهم مع بعضهم كجماعة واحدة لأنَّ همَّهم واحد وهو الربُّ يسوع المسيح.

كيف نعيش مسيحيَّتنا معًا؟ بصدق، أم برِياء ووصوليَّة؟ هل نحاول أن نطبِّق تعاليم يسوع ونعيشها، أم نردِّدها بأفواهنا دون أن نؤمن بها بقلوبنا؟ هل نحن حقًّا مصدر تعزية لبعضنا البعض، أم نعيش في بيئة قاتلة مفرَّقة؟

«هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا!» (مزمور 133: 1).

وفي الختام، لا ننسَ أنَّ باب مراجعة الذات على ضوء الإنجيل والتوبة ما زال مفتوحًا، ما دمنا على هذه الأرض. فلنغتنم الفرصة، ونتقدَّم بتواضع نحو الولادة الجديدة، لننضمَّ إلى فرح القدِّيسين.

إلى الربِّ نطلب.

[1] أيُّها الملك السماويُّ المُعزِّي روح الحقِّ، الحاضر في كلِّ مكان، والمالئ الكلَّ، كنـز الصالحات ورازق الحياة، هلمَّ واسكن فينا وطهِّرنا من كلِّ دنس، وخلِّص أيُّها الصالح نفوسنا.

[2]. "«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي." (يوحنا 26:15)

[3]. " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." (يوحنا 1:1) – " اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ." (يوحنا 18:1)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق