بناهي ينتصر في كانّ… رحلة مناضل من سجون إيران إلى الـ"السعفة" - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بناهي ينتصر في كانّ… رحلة مناضل من سجون إيران إلى الـ"السعفة" - تكنو بلس, اليوم الأحد 25 مايو 2025 10:30 مساءً

كانّ - هوفيك حبشيان

بعد إثني عشر يوماً من المنافسة الحامية بين مجموعة أعمال سينمائية، أُسنِدت مساء السبت الماضي "السعفة الذهب" إلى المخرج الإيراني جعفر بناهي، 65 عاماً، عن فيلمه "حادث بسيط"، وذلك في ختام الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كانّ السينمائي (13 - 24 أيار). جاءت الجائزة تتويجاً لاختيار لجنة التحكيم التي ترأستها الممثّلة الفرنسية جولييت بينوش ذات الروابط المتينة بالسينما الإيرانية، منذ تعاونها مع عباس كيارستمي. وكأن القدر شاء أن يكرّس مساراً بدأه كيارستمي نفسه حين نال أولى "السعفات" الإيرانية عن "طعم الكرز"، وها هو بناهي، بعد ثمانية وعشرين عاماً، يعود ليحمل "السعفة" الثانية إلى بلاده.

بناهي الفائز الثاني بـ"السعفة"، يتكبّد مرارة الظلم والسجن. فقد سبق له أن شهد هذا المصير المخرج التركي الكردي يلماز غونيه، الذي فاز بها عام 1982 عن فيلمه "يول"، الذي كتبه أثناء وجوده خلف القضبان. وبعد فراره إلى فرنسا، أكمل هناك مونتاج الفيلم، ليصل به إلى مهرجان كانّ ويحرز الجائزة الكبرى، مسجّلاً به شهادة على دور الفنّ في مواجهة القهر والاستبداد.

هذه هي المرة الأولى، منذ 15 عاماً، يخرج فيها بناهي من إيران، للمشاركة في مهرجان سينمائي. ورغم أنها ليست زيارته الأولى لفرنسا منذ رفع حظر السفر عنه، إذ سبق أن زارها قبل عامين بعد الإفراج عنه من السجن إثر إضراب عن الطعام، فظهوره هذا العام يحمل طابعاً استثنائياً، ليس فقط لرمزية الحدث، إنما لما يحمله من انتصار شخصي وفنّي يتحقّق بعد عذابات طويلة. بعد تسلّمه "السعفة"، قال بناهي الذي ظلّ جالساً في كرسيه للحظات، بأنه شاهد وجوه الذين كانوا معه في السجن فرداً فرداً. 

في 2010، حجزت السلطات الإيرانية جواز سفر بناهي، ووجّهت إليه تهمة "نشر الدعاية المناهضة للنظام"، وقضت بسجنه ست سنوات، مانعةً اياه من العمل في السينما لمدة عشرين عاماً؛ وهو حظر لم يرضخ له. ومنذ ذلك التاريخ، دخل السجن وخرج منه أكثر من مرة، وكان آخر اعتقال له قبيل عرض فيلمه السابق "لا دببة" في البندقية، حيث شارك العمل في المسابقة بينما كان مخرجه خلف القضبان، ليفوز حينها بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

رغم المضايقات التي لا تُعدّ ولا تُحصى والتي تعرّض لها بناهي على يد السلطات الإيرانية، لم يتوان عن مواصلة عمله السينمائي. والمفارقة أن فترة الحظر المفروضة عليه، التي كان يفترض أن تغلق باب السينما في وجهه، تحوّلت إلى فسحة إنتاج مكثّفة، إذ أنجز خلالها ستّة أفلام، صوّرها جميعها سراً في مسقطه طهران. من بينها "تاكسي" (2015) الذي نال عنه جائزة "الدبّ الذهب" في مهرجان برلين، إلى جانب عدد من الجوائز الدولية التي لم يتمكن من تسلّمها شخصياً بسبب منع السفر.

وكان من المعتاد أن تترك له المهرجانات كرسياً شاغراً، كتعبير رمزي عن حضوره الغائب، في كلّ مرة شارك فيها بفيلم، قبل أن يعود مساء السبت، ليتسلّم بنفسه أول جائزة كبرى له مذ تتويجه بـ"الأسد الذهب" في مهرجان البندقية عن فيلمه "الدائرة" في بداية مسيرته، مطلع الألفية. وبهذا الفوز، ينضمّ بناهي إلى نادٍ صغير من المخرجين الذين حصدوا الجوائز الثلاث الكبرى في كانّ وبرلين والبندقية.

فهل كانت الجائزة ذات امتداد سياسي، رغبة من لجنة التحكيم في اغتنام الفرصة لجعل التتويج لحظة رمزية، احتفاءً بفنّان لم ينكسر رغم كلّ القيود؟ سؤال مشروع، لا سيما في زمن تزحف فيه الفاشية إلى الفنّ، وفي مهرجان اعتاد أن يكرّم الأعمال التي تقف في وجه القمع منتصرةً لحرية التعبير.

الجوائز الأخرى جاءت على النحو الآتي: “قيمة عاطفية" للنروجي يواكيم ترير نال "الجائزة الكبرى"، ثانية الجوائز من حيث الأهمية. دراما عائلية تدور على علاقة أب مخرج سينمائي بابنتيه بعد غيابه الطويل ووفاة الأم. يحمل الفيلم بصمة فنية دقيقة، يدمج السخرية بالألم ويتناول مواضيع الفقد والمصالحة.

"صوت السقوط" للألمانية ماشا شيلينسكي، فاز بجائزة لجنة التحكيم. الفيلم عن أربع فتيات شابات يعشن مراهقتهن في أربعة عصور متباعدة، لكن في المكان نفسه: مزرعة نائية في شمال ألمانيا. تشارك الفيلم الجائزة (مناصفة) مع "صراط" للمخرج الفرنسي الإسباني أوليفييه لاشيه الذي كان أحد أقرب الأفلام إلى قلوب بعض النقّاد. يأخذ المشاهد في رحلة بصرية وروحية عبر الصحراء، حيث يبحث أب إسباني عن ابنته المختفية.

المخرج البرازيلي كليبير مندونسا فيلو وفيلمه "عميل سري" كانت له جائزة الإخراج. عمل بديع يستعرض فترة الديكتاتورية العسكرية في البرازيل عام 1977 من خلال قصّة مارسيلو (فاغنر مورا - فاز بجائزة التمثيل)، الرجل الأرمل الذي يعود إلى مسقط رأسه وسط جوّ من الخوف والترقّب.

"أمّهات شابات" للأخوين البلجيكيين لوك وجان بيار درادين، نال جائزة السيناريو. فيلم عن خمس مراهقات يجمعهن سقف دار للأمومة، حيث يجدن الدعم في مواجهة تحديات الأمومة المبكرة. ومن أجواء قريبة، استمدّت المخرجة والممثّلة الفرنسية التونسية حفصية حرزي حكاية فيلمها "الصغيرة الأخيرة" (مراهقة من ضواحي باريس تنتمي إلى بيئة عربية إسلامية تقليدية تكتشف مثليتها). الفيلم جلب لناديا مليتي، في دور فاطمة، جائزة التمثيل التي كانت متوقّعة للممثّلة الفرنسية ليا دروكير عن دور المحقّقة في "قضية 137" لدومينيك مول. أخيراً، ابتدعت لجنة التحكيم "جائزة خاصة" لرد الاعتبار إلى "انبعاث" للمخرج الصيني بي غان. عمل قَسَم النقّاد بين مَن اعتبره تحفة فنية ومَن رأى فيه نصّاً كيتشياً. 

 

جعفر بناهي بعد تسلّمه ”سعفة“ كانّ مساء السبت الماضي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق