نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"حادث بسيط": جردة حساب سياسية وأخلاقية - تكنو بلس, اليوم الأحد 25 مايو 2025 10:31 مساءً
ه. ح.
حادث سير بسيط تتعرض له سيارة، لكن ما يبدو عرضياً يتحوّل سريعاً إلى شرارة تفتح بوابة الماضي. فالرجل الذي كان خلف المقود (إبرهيم عزيزي) ليس إلا أحد الجلادين السابقين لدى النظام الإيراني، رجل ترك خلفه سلسلة من الأجساد المعذّبة والندوب النفسية، من بينها ندوب وحيد (وحيد مبصري)، الذي سيلقي القبض عليه. سنوات من الصبر تنتهي بلحظة مواجهة غير متوقّعة. الضحية يلقي القبض على جلاده، لكنه يتردد. هل هو متأكّد من هوية هذا الرجل؟ هل في إمكانه أن يُسلّم ضميره لقرار مصيري بناءً على شكّ؟ هكذا سيبدأ رحلة للتحقّق من الحقيقة، حيث يستدعي عدداً من الضحايا، من السجناء السابقين والمعارضين الذين نالوا نصيبهم من التعذيب، ليتأكّد من أن الجلاد الذي في قبضته هو ذاته الذي نكّل بهم.
الحادثة العابرة تصبح مدخلاً إلى "جردة حساب" سياسية وأخلاقية، حيث يمتنع بناهي عن الأجوبة. هكذا، يكتب، من خلال هذا العمل، أشبه بوصيته السينمائية. رغم كلّ ما عاناه من ظلم وقمع، يقارب مسألة الديكتاتورية بهدوء، وبنزاهة فكرية تسعى إلى الفصل بين الجريمة والمجرم. كما يمرّر تساؤلات عن الفساد والانقسام داخل المجتمع وانهيار الثقة.
لا يتوقّف الفيلم عند حدود إدانة السلطة القمعية، فهذا تحصيل حاصل، بل يتخطاها ليصوّب عدسته نحو مَن يتلقى هذا القمع، أي الضحايا أنفسهم. من خلال سلسلة من الحوارات المشحونة بينهم، يظهر بناهي أن لا موقفاً موحّداً في كيفية التعامل مع الجلاد. ببساطة شديدة، يطلق بناهي تحذيره: إياك أن تصبح وحشاً وأنت تحارب الوحوش. ففي لحظة معينة، يجد الضحية نفسه فجأةً في موقع القوة، والجلاد في موقع الضعف. فكيف سيتصرف؟ كيف سيتعامل مع هذه المفارقة القاسية؟ هنا يكمن جوهر الفيلم، في هذا السؤال المربك: ما الذي يميّزك عن الذي قهرك؟
”حادث بسيط“ الفائز بـ“سعفة“ كانّ 78.
0 تعليق