لم يكن يعلم الحاج الليبي عامر المهدي منصور القذافي أن رحلته لأداء مناسك الحج ستتحول إلى قصة إنسانية نادرة، تُروى في صالات المطارات وتُستشهد بها كدليل على أن الإيمان بقضاء الله قد يفتح الأبواب المغلقة.

في صباح هادئ بمطار سبها الدولي جنوبي ليبيا، أنهى الحاج عامر كافة إجراءاته الرسمية للسفر ضمن فوج الحجاج المتجه إلى المملكة العربية السعودية، مستعدًا لرحلة العمر. ولكن، قبل لحظات من صعوده إلى الطائرة، أوقفه رجال الأمن بسبب خطأ بسيط في الاسم المدون بجواز السفر، ما حال دون صعوده للطائرة.

 طائرة حجاج عادت من السماء 3 مرات

غادرت الطائرة بالفعل نحو مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، بينما جلس عامر في صالة الانتظار تغالبه الدموع، يردد في نفسه: "ما كتبه الله لا يُمنع".

لكن ما بدا وكأنه نهاية حزينة، تحوّل بسرعة إلى سلسلة من المفاجآت.

فبعد دقائق فقط، اضطرت الطائرة للعودة إلى مطار سبها بسبب عطل فني مفاجئ، ما أشعل الأمل مجددًا في قلب الحاج عامر. إلا أن قائد الطائرة لم يفتح الأبواب، وأقلعت الطائرة مجددًا دون أن يُسمح له بالصعود.

معجزة ربانية

وفي تطور غير متوقع، لم تبتعد الطائرة كثيرًا حتى تعرضت لعطل ثانٍ، هذه المرة في نظام الكبح، ما أجبرها على العودة مرة أخرى إلى المطار. ووسط دهشة الركاب والعاملين، بدأت القصة تتحول إلى ما يشبه المعجزة.

عند العودة الثانية، تدخلت السلطات المعنية في المطار، وتم السماح للحاج عامر بالصعود إلى الطائرة، وسط تصفيق وتكبيرات ودموع من رفاقه الحجاج الذين اعتبروا ما حدث تجليًا للإرادة الإلهية وعدالة السماء.

أقلعت الطائرة في محاولتها الثالثة، وهذه المرة وعلى متنها راكبها المنتظر، في مشهد مؤثر يجسّد معنى الإصرار والإيمان والرجاء.

وتناقلت القصة عدد من وسائل الإعلام الليبية، من بينها إذاعة مصراتة، التي وصفت ما جرى بأنه "أكثر من مجرد عطل فني"، بل "قصة وطنية وإنسانية تؤكد أن النية الصادقة قد تُحدث فرقًا لا تصنعه الإجراءات".