نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النساء يأخذن المبادرة في العلاقات العاطفية... ما دور الرجل؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 29 مايو 2025 10:08 صباحاً
لطالما كانت القاعدة العامة أن يطارد الرجل المرأة ليفتح باباً للتعرّف إليها، وبقيت حالات قليلة معكوسة ومستغرَبة في مجتمعاتنا، كانت فيها المرأة هي المبادِرة في العلاقات العاطفية. لكن هناك نماذج من الرجال يحبّون أن تأتي المبادرة أولاً من المرأة.
الأدوار الجندرية
يتأثر ميل الرجال إلى انتظار مبادرة النساء في العلاقات العاطفية بمجموعة من العوامل النفسية والأعراف الاجتماعية المتطورة، مثل الخوف من الرفض أو من الالتزام، تطوّر سيناريوهات المواعدة، وغيرها.
الأمر يدور بشكل أساسي حول فكرة الأدوار الجندرية، فهي ليست مُحدّدة بيولوجياً، بل هي مبنيّة اجتماعياً وفق موروثات وأفكار، تختلف اختلافاً كبيراً بين المجتمعات والثقافات. وقد تشكّلت هذه الأدوار الجندرية القائمة على النظام الأبوي الذي يُرسّخ الرجال كفئة اجتماعية مهيمنة، فيما عزّزت المعتقدات الثقافية على مرّ العصور دور الرجل كمعيل والمرأة كربّة منزل في أماكن مثل المؤسسات الدينية والتعليمية والهيئات الحكومية.
انتظار الرجل مبادرة المرأة في علم النفس؟
تشرح المعالجة النفسية الدكتورة ربى موسى لـ"النهار"، أنّ مبادرة الرجل أو غيابها في علاقاته، يعودان إلى عوامل عديدة كثقافته، وشخصيته. فمع التطوّر الحاصل في أيامنا، تغيّرت عادات الرجل حتى لناحية مبادراته في العلاقات. سابقاً، كان الرجل لا يسمح للمرأة بأن تبادر بأيّ شيء وكان هو الطرف المبادر الأول على كل المستويات. في العلاقات العاطفية، كان الرجل ينظر إلى مبادرة المرأة على أنّها خطوة غريبة وغير مألوفة. هذه الموروثات الثقافية لا تزال موجودة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
مع الانفتاح الحاصل حالياً، تتبدّل هذه الثقافات شيئاً فشيئاً، مفسحة المجال للرجل ليتقبّل مبادرة المرأة تجاهه، وفق موسى. وفي مجتمع اليوم، تتغير الأدوار الجندرية التقليدية، ويرى بعض الرجال أن من الاحترام أو الحداثة السماح للمرأة بالقيادة إن أرادت، وقد لا يرغبون في الظهور بمظهر المتسلط أو الحازم.
لطالما كان يُنظر إلى المرأة المبادرة في العلاقات العاطفية في إطار الموروثات الثقافية على أنها وقحة أو أنها ليست ذات قيمة، بينما الحقيقة أنّه إذا ما عبّرت المرأة عن حاجاتها ورغباتها وبادرت فليس في الأمر أيّ خطأ. لكن الرجل غير الواثق من نفسه والمتردّد ينتظر من المرأة أن تبادر تجاهه.
فالشخص المبادِر يتحلى بصفة القيادة والثقة بالنفس. وأصبحنا نرى نساءً يبادرن في العلاقات ويتّخذن الخطوة الأولى بسبب انفتاحهن والحقوق التي حصّلنها وأفكار المساواة التي يتحلّين بها.
كما نعلم، إنّ الرجل بطبيعته الغرائزية لديه حبّ المطاردة للمرأة ليشعر بأهميته لدى الفوز بها، وبالتالي، قد لا يشعر بهذا الاستحقاق إن تقدّمت هي نحوه. في هذا الإطار، تشرح موسى أنّ إشباع هذا الجانب المعنوي يتعلق بشخصية الشخص، فهناك رجال لا يتمتعون بالقدرة ولا يتحلّون بالمواصفات في شخصياتهم ليبادروا تجاه المرأة، ويتمنّون أن تأخذ هي زمام الأمر عنهم. فعامل المبادرة، بحسب موسى، يؤثر على شخصية الرجل وإشباع رغباته. فالرجل غير المبادر لا يهتم بشعور السيطرة ولا التحكّم، لا بل على العكس، يبحث عن الطرف الآخر ليوفر عليه هذا العناء.
اتخاذ سلوك عدم المبادرة لدى الرجل هو أمر في تكوين شخصيته نتيجة التربية مثل التربية القمعية، أو بعض التجارب التي عاشها، بالتالي يبقى في منطقة الراحة الخاصة به خوفاً من الفشل. إذن هناك خوف وتردّد وعدم ثقة بالنفس نتيجة عدم أخذ المبادرة.
وأحياناً داخل العلاقة نفسها، يغيّب الرجل المبادرة كأن ينتظر أن تتصل به شريكته أو أن تبادر هي إلى مصالحته وإن كان هو على خطأ. وتوضح موسى أنّ رغبة الرجل في التحكّم تدفعه أحياناً إلى أن يتصرّف بهذه الطريقة ليمنع نفسه من الشعور بالانكسار. هذا السلوك يعود إلى غياب مفهوم المساواة لديه في العلاقات ورغبته الدائمة في التحكّم بالعلاقة. وبسبب حبّ الأنا لديه، يضع نفسه في مستوى أعلى من مستوى شريكته وينتظر أن تبادر هي تجاهه، لكن طبعاً هذا سلوك غير صحّي وغير سليم يغيب عنه الحوار المثمر.
على صعيد العلاقات المهنية والاجتماعية، يعود غياب المبادرة لدى الرجل إلى نقص في الذكاء العاطفي، أو إلى البيئة التي نشأ فيها وبعض الثقافات أيضاً، أو إلى الزمان الذي عاش فيه، وأحياناً يشعر بعدم الأمان لدى الخروج من دائرته.
على المستوى المهني، قد يقيّد هذا السلوك الرجل في خوضه بعض المهن ويختار المهن التي لا تتطلب منه الاختلاط بالعالم الخارجي والمجتمعات.
0 تعليق