نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"فَسبيلُنا أن نَنهَض من غفوَتنا" - تكنو بلس, اليوم الخميس 3 أبريل 2025 10:58 صباحاً
الاب ايلي قنبر
1. "لِماذا لَم نَستَطِع نَحنُ أَن نُخرِجَهُ؟"
نُواجه أحيانًا صعوبة في حلّ بعض المشاكل أو مُعالَجة التحدِّيّات. تختلف الأسباب وتتعدَّد، إذ ترتبط بعَواملَ باطنة أو خارجة عَنّا، أو حتّى تقنيّة. لكن المفتاح بيَد كلٍّ منَا: "إِنِ ٱستَطَعتَ أَن تُؤمِنَ، فَكُلُّ شَيءٍ مُمكِنٌ لِلمُؤمِن"(مرقُس 9: 23).
أيّ مؤمن(ة) هوَ المفصود؟ نتحدَّث عن إنسانٍ يثِق بنَفسِه، يعرِف ما يريدُه ويُخطِّط للوصول إلى ما يُنشِدُه، واضِعاً نًصب عينَيه البوصلة التي تدُلّه على الاتّجاه الصحيح نحوَ الهدَف المُحَدَّد: "إِنَّ هَذا ٱلجِنسَ لا يُمكِنُ أَن يَخرُجَ بِشَيءٍ إِلاّ بِٱلصَّلاةِ وَٱلصَّوم"(مرقُس 9: 29). اي بالتركيز على الجوهَر دون سِواه، والنضال من أجل تحقيقه مَهما كلَّف الأمر.
أمام هَول المصائب التي تَضرب الكوكب، يقف كثيرون "عاجزين"، مُستسلٍمين، خاضِعين لقدَرِهم كما يُوحُون، تماماً مِثل تلاميذ يسوع: "لِماذا لَم نَستَطِع نَحنُ أَن نُخرِجَهُ؟". كيف ذلك؟ هل قاموا بالتشحيص الصحيح وأعدّوا العُدّة للمُواجَهة واقتحموا الصِعاب التي تَعترضهم؟ هؤلاء لا يفقهون هذا الكلام للمُصلّي: "أنِر عَينَيَّ ايُّها المسيحُ الإلَه، لِئَلَّا أنامَ نومةَ الموت؟"، إنّهم في الجحيم يقبعون، ويأبَونَ "الخروج" إلى حرِّيَّتهم والمسؤوليّة الذاتيّة أو الاستقلاليّة والمُبادَرة. وقد عبَّر مارتن لوثر كِينْغ عن الأمر بمقَولَتِه: "أسوَاُ مكانٍ في الجحيم مَحجوزٌ لِأُولئكَ الذين يبقَون على الحِياد في أوقات المعارِك الأخلاقيّة العظيمة". واليوم هو يوم هذه المعارك الوُجوديّة والمصيريّة حيث تُعَمَّم التفاهة. "هُنا والآن" علينا العمل ليبقى الكوكب موئلاً للإنسان الحرّ والخلَّاق والمُبادِر والعامِل مع الله "لحياةٍ بوَفرة"(يوحنّا 10ك 10) للجميع. نعم، يُمكننا أن نتَشبَّه بوالد الشاب الذي جاء يسوع طالباً مُسانَدته: (إبني) بِهِ روحٌ أَبكَم. وَحَيثُما ٱعتَراهُ يَصرَعُهُ، فَيُزبِدُ وَيَصرِفُ بِأَسنانِهِ وَيَيبَس"(مرقُس 9: 17-18). ولأنّ ذلك الأب كان متشبِّثاً بالثقة بالذات، ولَو ضعيفة نوعاً ما، "صاحَ .. لِساعَتِهِ بِدُموعٍ وَقال: "إِنّي أومِنُ يا رَبُّ، فَأَعِن قِلَّةَ إيماني" (مرقُس 9: 24). فهَل نكون نحنُ أيضاً مِثل والد ذاك الصبيّ؟ "يا بني البشر، حتّى متى تثقُل قلوبُكم؟"(مزمور 4).
2. . "ولا تتغاضى عن لحمك ودَمِك"
هناك مثَل لبنانيّ يقول: "الدَّم ما بيقلُب مَي". ما يعني أنّ القُربى تلعب دَوراً حاسِماً في إصلاح ذات البَين بين الأأشخاص مهما بلغ حدّ الخلاف بين الأقارب لأنّهم ينتمون إلى العائلة نفسها. وهذا يمكن أن ينسحِب على المُتَخاصِمين وإيّانا أو العكس، لأنّهم من "لحمنا ودَمنا" أيضاً، أي هُم أخوات وإخوة لنا في الإنسانيّة.
هل نحنُ راضُون عن أحوالنا وأحوال كوكبنا؟
إن كُنّا كذلك، فهذا يعني أنّا مُصابون بلَوثةٍ وغفوتنا عميقة وتُوصَف بـأنها "نَومة الموت"، ونكون لا حَولَ لنا ولا قوّة. وإن كنّا نأبى ما نحنُ علَيه من استِعباد وذُلٍّ وإخضاع ونوَدُّ الخلاصَ منه، فلا بُدَّ من حركةٍ تُنقذُنا وتُنجّينا مِمَّا نتخبَّط فيه وتَنقُلنا غلى ضفّة الأمان وبَرّه. غير أنّ التكلفة عالية وباهظة، وتتطلَّب إغاثةً فوريّة لإنساننا وكوكبنا بكلّ ما فيه.
هل نحن مُستَعِدّون ؟
حقل العمل واسع: ينبغي البَدء بـ"حلِّ اغلال الإثْم". الشرور تتمادى والمطلوب عملٌ لإزالتها من النُفوس أوَّلًا ومِن ثَمَّ من المُعاش اليَوميّ. إن لم أَطرُد الشرّ المُتغلغِل فيَّ، فلَا سبيل إلى استئصاله من المُجتمعات. وتالياً علينا "قطْع رُبُطَ الظلم" في الأفكار والنَيات والأقوال والأفعال، كما في الاقتصاد والاجتماع وفي قطاعات التكنولوجيَا التي يُمكن ان تتَخلَّص من الإنسان في مجالاتٍ لا تُحصى. وعلينا أن "نُجانب المكر والغِش، ونُعتِق المستعبَدين، نَكسر خبزنا للجائع، ونُؤْوِيَ الغريب في بيوتنا، ونُنصِف الأيتام والأرامل، ولا تتغاضى عن لحمنا ودَمِنا". أليسَ هذا ما يَجدُر بنا تذكُّرَه وتبَنِّيه والتزامه فكراً وقَولاً وعملاً في كلّ وقت؟
أجَل، "َسبيلُنا أن نَنهَض من غفوَتنا" ! هل هذا صحيح؟
0 تعليق