القضاء يوقف موجة ترامب الجمركية: صفعة قانونية تهدد عقيدته الاقتصادية - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القضاء يوقف موجة ترامب الجمركية: صفعة قانونية تهدد عقيدته الاقتصادية - تكنو بلس, اليوم الخميس 29 مايو 2025 01:13 مساءً

في واحدة من أقوى الضربات القانونية التي يتلقاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصدرت محكمة التجارة الدولية حكمًا يقضي ببطلان معظم الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها، معتبرةً أنها أُسندت إلى قانون طوارئ بشكل غير قانوني. هذه الخطوة لا تمثل تطورًا قانونيًا فاصلًا فحسب، بل تكشف عن معركة أعمق تتعلق بحدود السلطة التنفيذية، ومكانة أميركا في النظام التجاري العالمي.

 

حكم تاريخي يوقف "يوم التحرير" ويُربك حسابات البيت الأبيض
في مشهد نادر يُعيد التوازن الى قواعد اللعبة التجارية العالمية، أصدرت محكمة التجارة الدولية في نيويورك حكمًا حاسمًا يُبطل الغالبية العظمى من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية. القرار لم يكن مجرد حكم قانوني، بل لحظة فاصلة في الحرب التجارية التي أرّقت الأسواق العالمية منذ وصول ترامب للبيت الأبيض. 

 

الرئيس الأميركي كان قد استخدم قانون الطوارئ الاقتصادية – المصمم أصلاً لمعالجة تهديدات مالية وأمنية نادرة – لفرض رسوم شاملة على واردات من الصين وكندا والمكسيك، إضافة إلى ما سُمّيت "رسوم الفنتانيل"، مدعيًا أن العجز التجاري يمثل تهديدًا وطنيًا غير عادي. لكن المحكمة قالت كلمتها: "ما حدث ليس طوارئ... بل استغلال مفرط للسلطة التنفيذية".

الأسواق ترد سريعًا: الدولار ينتعش، وشهية المخاطرة ترتفع
ما إن صدرت تفاصيل الحكم حتى قفزت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بنسبة 2%، وسط موجة تفاؤل انتشرت كالنار في الهشيم عبر وول ستريت. 

الدولار ارتفع، وأسهم شركات التكنولوجيا استردت أنفاسها بعد شهور من القلق بشأن التكُلفة الجمركية. وفي طوكيو، تنفّست الأسهم رياح الانتعاش، بعدما أشارت تقديرات إلى أن سوني وحدها قد تستعيد أكثر من 100 مليار ين من أرباحها بفضل تراجع الأكلاف.

 

من واشنطن إلى نيويورك... معركة الدستور والسلطة
البيت الأبيض لم يلتزم الصمت. المتحدث باسم الإدارة قال بلهجة غاضبة: "ليس من حق قضاة غير منتخبين أن يقرروا كيف نواجه تهديدًا وطنيًا بهذا الحجم". لكن المحكمة الثلاثية – التي ضمّت قضاة أحدهم عيّنه ترامب نفسه – أجابت بشكل واضح: "لا يوجد استثناء للدستور، حتى في ظل خطاب الطوارئ". مثل هذا التصريح يُعد تأكيدًا غير مباشر على عمق الأزمة المؤسسية.

وزارة العدل استأنفت الحكم فورًا، ما يفتح الباب أمام معركة قضائية جديدة قد تصل إلى المحكمة العليا. وبينما يتفاءل المستثمرون، يُدرك صانعو السياسة أن ما خسرته الإدارة الحالية في نيويورك قد تحاول استعادته في واشنطن.

 

رأي

أحمد عزام

الفيديرالي الأميركي في غرفة المراقبة: ما الذي قد يكشفه محضر مايو عن معركة التضخم والنموّ؟

الفيديرالي وقراراته دائماً كانت ردّة فعل على البيانات الاقتصادية، وليست استباقية، أي إنه يتوخّى الحذر بتعديل السياسة النقدية إلى حين وضوح تأثير الحرب الحمائية من ترامب.

 

ما وراء الحكم: عودة "عقلانية التجارة"؟
الحكم لا يقتصر على طي صفحة قانونية فحسب، بل يُعيد النقاش إلى جوهر السياسة التجارية الأميركية. هل أصبحت الرسوم الجمركية أداة سياسية؟ وهل يمكن التعامل مع العجز التجاري كحالة طوارئ مزعومة؟ الحكم يعيد التأكيد على أن التجارة الدولية لا تُدار بنزوات سياسية، بل بتوازنات اقتصادية وقانونية دقيقة.

من الناحية الاقتصادية، فإن إلغاء هذه الرسوم – إذا تم تثبيته في محكمة الاستئناف – قد يؤدي إلى:
-انفراج في التوتر التجاري مع الصين وأوروبا وكندا.
-دعم أرباح الشركات الأميركية المستوردة ومستهلكيها.
-انخفاض في معدلات التضخم الجمركي التي أثرت على الربع الأول جرّاء ارتفاع واردات الشركات.
-وعلى الأقل، السيطرة على القلق من حالة عدم اليقين.
لكن السيناريوهات ليست كلها وردية. قد يلجأ ترامب إلى أدوات بديلة مثل المادة 301، أو يستعين بالكونغرس لتمرير صلاحيات جمركية جديدة تحت شعار "المعاملة بالمثل".

 

الأسواق العالمية بين تفاؤل حذر وقلق مستتر
الأسواق العالمية سترى في هذا القرار عامل استقرار موقتاً، لكن القصة لم تنتهِ بعد:
-العملات: صعود الدولار قد يستمر إذا خفّت التوترات التجارية.
-الأسهم: أسهم الشركات المتضررة من الرسوم قد تواصل الارتداد.
-المعادن: الذهب قد يتراجع على وقع تراجع التوتر، لكن المخاوف من فوضى قانونية قد تُبقي الانخفاضات محدودة دون انخسار التوترات الجيوسياسية.
-السلع الزراعية: قد تستفيد من رفع الرسوم على المكسيك وكندا.
-تحركات الأسواق قد تبدو رهينة التطورات المقبلة؛ وقد يبدو أن تداولات "الكلمة" سيسيطر على الأسواق في الأيام العشرة المقبلة، أي تصريح واحد أو كلمة واحدة كفيلة بقلب الأسواق رأسا على عقب.

 

الولايات المتحدة أمام لحظة حساب قانوني
قرار المحكمة ليس صفعة لترامب فحسب، بل هو تذكير بأن النظام الأميركي رغم كل ضغوط السلطة، لا يزال قادرًا على الوقوف في وجه التجاوزات. السؤال الآن ليس فقط ما إذا كانت هذه الرسوم قانونية، بل: هل كانت فعالة للوصول إلى حلول تجارية؟ وهل آن الأوان لإعادة التفكير في أدوات النفوذ الاقتصادي الأميركي؟

في زمن تزداد فيه الحروب الاقتصادية، يُعيد هذا الحكم تعريف خطوط المعركة: بين سلطة الرئيس وحدود الدستور، بين الضرائب والرسوم، وبين الطوارئ والسياسة. وتفتح الباب لعشرة أيام سيزداد فيها الحوار الأميركي والترقب العالمي.

 

** رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق