نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هجرة العقول من الولايات المتحدة.. هل تصبح المنطقة العربية وجهة بديلة؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 06:30 صباحاً
في أروقة الجامعات الأميركية، يسير آلاف الباحثين بين مختبراتهم وصفوفهم الأكاديمية حاملين قصص نجاح لافتة، ولكن أيضاً قلقاً متزايداً من تحولات سياسية قد تهدد وجودهم المهني في بلاد الفرص. وبين رغبة في الاستقرار وشغف بالعلم، يبرز سؤال مؤرق في ظل وقف التمويلات: هل حان وقت الرحيل من الولايات المتحدة؟
تشير استقصاءات حديثة إلى تزايد القلق في الأوساط العلمية بأميركا، وسط مؤشرات واضحة على موجة هجرة علمية مرتقبة. فقد كشف استطلاع أجرته مجلة Nature في آذار/مارس الماضي أن ثلاثة أرباع العلماء المقيمين في الولايات المتحدة يفكرون بجدية في مغادرة البلاد بحثاً عن فرص أفضل في الخارج، وتحديداً في كندا وأوروبا.
الاستطلاع الذي شمل 1600 مشارك، من بينهم أكثر من 1200 عالم، أظهر أن 75.3 في المئة يخططون للبحث عن وظائف في الخارج. وتتصاعد هذه النسبة بين الباحثين في المراحل المبكرة من مسيرتهم العلمية، حيث أعرب نحو 79.4 في المئة من طلبة الدراسات العليا و75 في المئة من طلاب الدكتوراه عن نيتهم مغادرة البلاد.
ويعزو العديد من هؤلاء الباحثين رغبتهم في الرحيل إلى غياب الاستقرار المهني والتمويلي، إلى جانب ضعف شبكات الدعم، ولا سيما لدى الباحثين الشباب، الذين لم ينجحوا بعد في ترسيخ مواقعهم الأكاديمية أو تأمين مصادر تمويل دائمة لأبحاثهم. هذه المؤشرات تثير تساؤلات جادة حول مستقبل البحث العلمي في الولايات المتحدة، وما إذا كانت البلاد على أعتاب أزمة فقدان العقول في واحد من أكثر القطاعات حيوية.
المنطقة العربية
الأكاديمي المصري الدكتور طارق قابيل، عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية، أكد في حديث لـ"النهار: "اطلعت على عدد من التقارير العلمية التي تشير إلى تزايد رغبة العديد من الباحثين الأميركيين في العمل بأوروبا، ويرجع ذلك إلى تأثير السياسات الأخيرة التي اتبعها الرئيس دونالد ترامب".
ويتابع: "في الواقع، هناك عدد من المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي أصبحت جاذبة للعلماء الأميركيين، مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية، وفروع الجامعات الأميركية الدولية في الإمارات وقطر. وقد بدأ بعض العلماء العمل في هذه المؤسسات بالفعل".
ويشير إلى أن الباحثين العرب المقيمين في أميركا يواجهون تحديات متزايدة، تتعلق بسياسات الهجرة، وصعوبات الحصول على تمويل كافٍ لمشروعاتهم البحثية، وهو ما يدفع بعضهم إلى التفكير الجدي في العودة إلى أوطانهم".
تحديات
ثمّة تحديات كبيرة تواجه عمل الباحثين في المنطقة العربية، على رأسها نسبة الإنفاق على البحث العلمي التي لا تزال منخفضة للغاية مقارنة بالمعدلات العالمية، مما ينعكس على جودة البنية التحتية البحثية، وتوافر المعدات والتقنيات الحديثة، كما أن كثيراً من التمويل المتاح يوجه إلى الأجور بدلاً من دعم المشروعات البحثية الفعلية، مما يحد من فرص الابتكار العلمي.
ونوّه الدكتور قابيل إلى أن العلاقة بين البحث العلمي والقطاع الصناعي في العالم العربي لا تزال ضعيفة، مما يؤدي إلى إنتاج أبحاث نظرية غير مرتبطة بواقع الصناعة والاقتصاد: "هذا الفصل بين الأكاديميا والتطبيق يعرقل تحويل الأبحاث إلى حلول واقعية، أو منتجات قابلة للتسويق، ويفقد البحث قيمته المجتمعية".
ويرجح قابيل أن يتوقف قرار الباحث أو العالم بالهجرة إلى دولة بعينها على خلفيته الثقافية وأولوياته العلمية؛ فإذا توافرت له فرصة للالتحاق بجامعة أوروبية أو كندية توفر بيئة بحثية متقدمة، وتمويلاً مستقراً، ومدارس علمية متخصصة تُسهم في تطوير مشروعاته، فسيكون من الطبيعي أن يفضل تلك الوجهات.
وبرأيه "يعود ذلك إلى التشابه النسبي في نمط الحياة والخلفية الثقافية، مما يمنحه شعوراً أكبر بالاستقرار والاندماج، كما قد يتردد كثير من العلماء في الانتقال إلى دول تختلف ثقافياً ولغوياً، وتفتقر إلى سجل علمي موثق في مجالات بحوثهم".
ومع ذلك، يعتقد أن "الرواتب المجزية قد تكون عامل جذب مؤثر، يدفع بعضهم إلى التفكير بجدية في العمل في مؤسسات علمية عربية".
0 تعليق