نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الغارات الإسرائيلية على الساحل السوري: ضغوط تفاوضية أم رسائل تصعيد؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 06:25 صباحاً
استأنفت الطائرات الإسرائيلية اعتداءاتها على الأراضي السورية بعد انقطاع دام قرابة 27 يوماً، تخللته تحوّلات استراتيجية في السياسة الأميركية، أبرزها لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السوري الموقت أحمد الشرع في السعودية، وذلك بعد أسبوع من زيارة الأخير إلى فرنسا.
وإذ أقرّ الشرع، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بوجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، كشفت وكالة "رويترز" لاحقاً عن إجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين للمرة الأولى، ما عزّز الاعتقاد بأن العلاقات السورية–الإسرائيلية تتجه نحو مسار تفاوضي سلمي، بعيداً عن التصعيد العسكري. إلا أن الغارات الإسرائيلية العنيفة التي نُفذت مساء الخميس واستهدفت ثلاثة مواقع حساسة في أرياف الساحل السوري الممتدة بين طرطوس واللاذقية مروراً بجبلة، بدّدت تلك التوقعات.
وعلى خلاف ما درجت عليه في اعتداءات سابقة، التزمت وزارة الخارجية السورية الصمت حيال الغارات الجديدة. في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف مواقع عسكرية في سوريا، موضحاً أن الغارات طالت مستودعات أسلحة تحوي صواريخ أرض–بحر، بذريعة أنها تشكّل تهديداً لحرية الملاحة الدولية والإسرائيلية، إضافة إلى مستودعات صواريخ أرض–جو.
وتُعدّ هذه الغارات الأولى من نوعها منذ لقاء ترامب–الشرع، بل الأولى منذ أيار/مايو الذي شهد تصعيداً عسكرياً على خلفية التوتر في مناطق الدروز، ولا سيما جرمانا وأشرفية صحنايا.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن المروحية التي هبطت في منطقة محاذية للحدود بين درعا والسويداء في ذلك اليوم، تولت نقل أرشيف الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، في خطوة لا تزال يكتنفها الكثير من الغموض وتضارب المعلومات. إلا أن العملية خلّفت انطباعاً بوجود تقدم ملموس في المفاوضات غير المباشرة التي تحدّث عنها الشرع، لا سيما وأنها تزامنت مع استعادة جثة جندي إسرائيلي كان قد قُتل في معركة وادي السلطان يعقوب في لبنان عام 1982.
ودفعت الغارات الإسرائيلية الأخيرة بعض المراقبين للاعتقاد بأنها قد تعكس وصول المفاوضات بين دمشق وتل أبيب إلى طريق مسدود بسبب خلافات على بعض النقاط، فجاءت الاعتداءات كوسيلة للضغط على الإدارة السورية ودفعها لتقديم تنازلات إضافية.
جندي إسرائيلي عند المنطقة العازلة مع سوريا. (ا ف ب)
في المقابل، ربط مراقبون آخرون بين الغارات الإسرائيلية وقرار الاتحاد الأوروبي الذي سبقها بيوم واحد فقط، والذي فرض عقوبات على فصائل سورية بسبب ضلوعها في مجازر الساحل.
واعتبر هؤلاء أيضاً أن إسرائيل تفاجأت بالخطوة الأميركية، وشعرت وكأنها خسرت من مساحة نفوذها في سوريا لصالح تركيا. وقد تعزز هذا الانطباع بتعيين توماس براك، السفير الأميركي في أنقرة، مبعوثاً للإدارة الأميركية إلى دمشق، ما أوحى بأن العاصمة التركية باتت تمسك بزمام الملف السوري.
من هذا المنطلق، أعرب بعض المراقبين عن اعتقادهم أن تل أبيب، عقب صدور قرار العقوبات الأوروبي، رأت في المشهد فرصة سانحة لتوجيه رسائل متعددة الاتجاهات: بعضها موجه إلى الإدارة السورية الموقتة، وأخرى غير مباشرة إلى إدارة ترامب، تعكس عدم رضاها عن السياسة الأميركية الجديدة.
وكان لافتاً ما أوردته مصادر ميدانية لصحيفة "النهار"، من أن موقعين على الأقل من المواقع المستهدفة تم إخلاؤهما من العناصر قبل نحو نصف ساعة من تنفيذ الغارات، ما اعتُبر مؤشراً على أن إسرائيل لم تكن تهدف لإيقاع خسائر بشرية، في محاولة للحد من التصعيد من جهة، والحفاظ على إمكانية العودة إلى مسار المفاوضات من جهة أخرى.
من جانب آخر، اقتصرت الغارات على أهداف في مناطق الساحل السوري فقط، ما دفع بعض وسائل الإعلام لإضفاء بعد مختلف عليها، مشيرة إلى أن المستهدف هو مخازن أسلحة تابعة للواء درع الساحل بقيادة مقداد فتيحة، المحسوب على فلول النظام السابق. وأشارت تقارير أخرى إلى استهداف اللواء 107 في ريف جبلة، باعتباره معقلاً لهذا التشكيل.
لكن مصادر محلية من ريف جبلة أعربت عن استغرابها لما ورد في هذه التقارير، مؤكدة أن اللواء 107، ومنذ سقوط النظام، أصبح مقراً لفصائل أجنبية تسببت بزيادة الاحتقان في المنطقة، لا سيما في ظل الجرائم التي رُصدت آنذاك، وآخرها الجريمة التي حدثت في 11 أيار /مايو وأسفرت عن مقتل أربعة مدنيين، وُجهت أصابع الاتهام فيها إلى مجموعة مسلحة متمركزة في قرية قرفيص.
وأوضحت المصادر نفسها لـ"النهار" أن الفصائل لم تغادر اللواء 107 إلا بعد أسابيع من مجازر الساحل، ليُترك الموقع خالياً من أي تواجد عسكري، لكنه وُضع تحت حراسة مشددة من عناصر تعمل تحت إشراف الأمن العام. وتساءلت هذه المصادر عن مدى دقة التقارير التي تتحدث عن وجود فلول النظام في المقر، معربة عن خشيتها من أن يؤدي نشر مثل هذه المعلومات المغلوطة إلى مزيد من التوتر في المنطقة.
0 تعليق