إدراج الذكاء الاصطناعى فى المناهج الدراسية.. تحول جذرى لفلسفة التعليم - تكنو بلس

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إدراج الذكاء الاصطناعى فى المناهج الدراسية.. تحول جذرى لفلسفة التعليم - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 02:40 مساءً

ليست مجرد إضافة تقنية للمناهج، بل هو تغيير جوهري في فلسفة التعليم يمثل فرصة تاريخية لتحويل مسار الدراسة من التقليدي إلى الابتكاري، باكتشاف قدرات الطفل لمعالجة نقاط ضعفه وتنمية مواهبه، وكذلك تقليل الفجوة بين الأطفال ذوي القدرات العقلية والمادية، لتحقيق العدالة التعليمية. وبذلك يتحقق تمكين أبنائنا من أدوات العصر، وتعزيز قدراتهم الإبداعية، لتشكيل جيل قادر على التفكير الابتكاري واتخاذ القرار في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي، وهو ما أشارت إليه «الجمهورية أون لاين» في حلقة سابقة من سلسلة تحقيقات عن الذكاء الاصطناعي.

في السطور التالية، تحاور «الجمهورية أون لاين» المتخصصين للوصول إلى هذه الرؤى والتوصيات لنضعها أمام المكلفين بالبرنامج، متطلعين إلى مصر المستقبل، يتعلم أبناؤها مهارات عصرهم دون أن يفقدوا هويتهم وقيمهم الأصيلة، في زمن لم يعد فيه الذكاء الاصطناعي ترفًا معرفيًا ولا رفاهية تكنولوجية، بل أصبح مسارًا إجباريًا لن نصل بدونه.

د. أبو العلا عطيفى أستاذ الذكاء الاصطناعى بكلية الحاسبات جامعة القاهرة:

ضرورة تعليمية عاجلة.. والبداية من التعليم الأساسى

تفاعل الأطفال مع التكنولوجيا يُسهل استيعابهم لمفاهيم الذكاء الاصطناعى

تطوير المناهج باستخدام أدوات تحليل البيانات والتعلم التكيفى

يشير د. أبو العلا عطيفي، أستاذ الذكاء الاصطناعي بكلية الحاسبات، جامعة القاهرة، إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا معرفيًا أو خيارًا مؤجلًا، بل أصبح ضرورة تعليمية عاجلة يجب أن تبدأ من السنوات الأولى في التعليم الأساسي.

أضاف أن الأطفال اليوم يتفاعلون يوميًا مع أشكال متعددة من التكنولوجيا؛ المساعدات الصوتية، والألعاب الذكية، وتطبيقات التوصية، والروبوتات التعليمية، ما يجعل من تعليمهم مفاهيم الذكاء الاصطناعي خطوة استراتيجية نحو بناء جيل لا يكتفي بالاستهلاك الرقمي، بل يبدع ويقود إلى عالم رقمي.

أوضح أن توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بدراسة إدراج مادة «الذكاء الاصطناعي» كمكون إلزامي في المناهج الدراسية لجميع المراحل التعليمية، تأتي ضمن المشروع القومي لبناء الإنسان وتأهيل الأجيال القادمة لسوق العمل.

أشار إلى الخطوات العملية التي اتخذتها الدولة في هذا الصدد، من خلال مبادرة "مركز الابتكار" بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، والتي تهدف إلى تطوير المناهج باستخدام أدوات تحليل البيانات والتعلم التكيفي، وتدريب آلاف المعلمين ليصبحوا سفراء للتكنولوجيا في مدارسهم، إلى جانب برامج تدريبية أطلقتها وزارة الاتصالات لتعليم الأطفال البرمجة والذكاء الاصطناعي في مراكز الشباب.

أضاف أن هذا التوجه لا يقتصر على الجانب التقني، بل يسعى إلى إحداث تحول جذري في فلسفة التعليم، من التلقين إلى التفاعل، ومن الحفظ إلى الإبداع، ومن التكرار إلى التفكير النقدي، مع إعادة تعريف دور المدرسة كمختبر حي لصناعة العقول.

أوضح أنه لتحقيق هذه الرؤية، يجب أن تتكامل الجهود على المستوى السياسي، من خلال تشريعات واضحة، وميزانيات مستقلة، ومجلس وطني يضم ممثلين من الوزارات والجامعات والقطاع الخاص.

تطرق إلى المسؤولية الاجتماعية على المجتمع، من خلال حملات توعية، وورش عمل لأولياء الأمور، وشراكات مع الجامعات والقطاع الخاص، ومشاريع تطبيقية يقودها الطلاب مثل "الزراعة الذكية"، حيث يتعلمون كيف يستخدمون الحساسات والبرمجة لتحليل البيانات البيئية.

نوّه أن هذه المشاريع لا تعزز فقط الفهم العملي للذكاء الاصطناعي، بل تزرع في نفوس الأطفال قيماً بيئية واجتماعية، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة للإبداع والمواطنة الرقمية، مشيرًا إلى أنه رغم تحديات نقص الكوادر، وضعف البنية التحتية، وصعوبة تبسيط المفاهيم التقنية، إلا أنها تمثل فرصًا لإعادة تصميم النظام التعليمي بطريقة أكثر شمولًا وابتكارًا.

لفت إلى أن نجاح هذه المبادرات لا يُقاس بالتطبيقات العملية أو المواد النظرية، بل بمدى التغيير الذي تُحدثه في طريقة تفكير الطلاب وقدرتهم على التفاعل مع العالم من حولهم بذكاء ووعي.

اختتم حديثه بأن مصر، بما تمتلكه من إرادة سياسية وبنية تحتية رقمية متنامية، قادرة على أن تكون نموذجًا رائدًا في تعليم الذكاء الاصطناعي للأطفال، إذا ما تحولت هذه الرؤية إلى خطوات عملية تبدأ من الفصل الدراسي وتنطلق نحو بناء مجتمع معرفي متكامل، لا يكون فيه الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل لغة جديدة تؤهل أطفالنا إلى العالمية.

د. أشرف درويش أستاذ الذكاء الاصطناعى بجامعة حلوان:

بناء جيل قادر على المنافسة دوليًا فى سوق العمل المستقبلية

%65 من الوظائف المستقبلية.. مرتبطة بالتكنولوجيا

تحويل تفكير الطلاب من النمطى إلى التحليلى والإبداعى

خلق تجربة تعليمية ممتعة بشخصيات كرتونية تتفاعل مع الطفل

أكد د. أشرف درويش، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة حلوان، أن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في التعليم قبل الجامعي، يهدف إلى توسيع قاعدة المهارات والكفاءات المحلية، ومواكبة الثورة التكنولوجية العالمية، وبناء جيل قادر على المنافسة دوليا فى سوق العمل المستقبلية، وحل المشكلات باستخدام التقنيات الحديثة.

أوضح أن دمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي في المراحل التعليمية المبكرة لا يثرى المناهج فحسب، بل يؤسس لبناء قاعدة وطنية من المهارات القادرة على التكيف مع سوق العمل العالمية، مشيرًا إلى تقديرات منتدى الاقتصاد العالمى التي تشير إلى أن 65% من وظائف المستقبل ستكون مرتبطة بالتكنولوجيا.

أشار إلى أن هذه المبادرة تسهم في سد الفجوة الرقمية، وخلق كوادر محلية في مجالات تحليل البيانات، البرمجة، والروبوتات، إلى جانب تعزيز الابتكار وريادة الأعمال بين الطلاب، وتقليل الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة، بما يتماشى مع توجيهات "يونسكو" بدمج المهارات الرقمية في التعليم.

ولتبسيط مفاهيم الذكاء الاصطناعي للأطفال أقترح دمج تقنيات الواقع المعزز والافتراضي لخلق تجربة تعليمية تفاعلية ممتعة، من خلال شخصيات كرتونية ذكية تظهر على الشاشة وتتفاعل مع الطفل عند توجيه الكاميرا نحو أشياء محددة، بل ويمكن للطفل تعليم روبوت افتراضي كيفية التمييز بين الحيوانات عبر مسح صورها في الواقع الحقيقي.

شدد درويش على أن تعليم الذكاء الاصطناعي سيحول تفكير الطلاب من النمطى إلى التحليلى والإبداعى، من خلال تحليل المشكلات المعقدة وتفكيكها إلى خطوات قابلة للحل باستخدام الخوارزميات، ما يعزز التفكير المنطقى والنقدى، ويشجع على تصميم نماذج ذكية وتنمية مهارات التفكير التصميمى عبر مشاريع تطبيقية تحاكى التحديات الواقعية.

أكد أن هذه المهارات لن تقتصر على المجال التقنى فحسب، بل ستفتح آفاقا جديدة للطلاب في مختلف التخصصات، ما يخلق جيلا قادرا على التكيف مع التغيرات التكنولوجية السريعة، ويتمتع برؤية استراتيجية تجمع بين الإبداع والتحليل فى اتخاذ القرار.

اقترح استخدام الواقع الافتراضي والمعزز إلى جانب الألعاب التعليمية التفاعلية، كوسائل تعليمية لتحويل المفاهيم المعقدة إلى تجارب واقعية تغذى خيال الطفل وتحفزه على التعلم، مثل تدريب روبوتات افتراضية على التعرف على الأصوات أو الصور.

حول آلية الدمج، تحدث عن إمكانية تضمين مفاهيم الذكاء الاصطناعي تدريجيا ضمن المناهج الحالية في المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم والحاسوب، مع أنشطة قائمة على المشاريع والتقنيات التفاعلية لضمان تكامل سلس مع المحتوى التعليمى.

أشار إلى أهمية تطوير مهارات الطلاب في مجالات مثل التعلم الآلى، ومعالجة اللغات الطبيعية، وفهم الجوانب الأخلاقية للتقنيات، بما يؤهلهم للمنافسة محليا وعالميا، في عصر التحول الرقمى.

ولم يغفل التحديات، مشددا على أن تكلفة إدراج الذكاء الاصطناعي تمثل تحديا كبيرًا، خاصة من حيث البنية التحتية والتدريب، مشيرا إلى أن هذه العقبة يمكن تجاوزها عبر الشراكات مع شركات التكنولوجيا العالمية، والاعتماد على الحلول مفتوحة المصدر.

واقترح تخصيص جزء من ميزانيات التحول الرقمي الحكومية لهذا الغرض، والاستفادة من المعامل الحاسوبية الموجودة بعد تطويرها، وإنشاء معامل افتراضية، إلى جانب التركيز على تدريب المعلمين عبر المنصات الإلكترونية.

واختتم بتأكيد ضرورة تحقيق التوازن بين المهارات التكنولوجية والأساسية، عبر مناهج متكاملة تدمج الذكاء الاصطناعي بالمهارات التقليدية، مثل اللغة والرياضيات والتفكير النقدي، من خلال أنشطة تعليمية تفاعلية تجمع بين التقنية والعمل الجماعي والإبداع.

د. رحاب الرحماوى أستاذ الذكاء الاصطناعى بأكاديمية ناصر العسكرية:

إدراج الذكاء الاصطناعى فى المناهج الدراسية.. ضرورة وطنية واستراتيجية

نحتاج إلى تأهيل المعلمين نفسيًا وتقنيا.. وتأسيس إدارات مدرسية متخصصة

تقليل الفجوة بين الأطفال ذوى القدرات المختلفة.. بتوفير مساعد افتراضى يشرح المعلومات


ترى د. رحاب الرحماوي، أستاذ الذكاء الاصطناعي بأكاديمية ناصر العسكرية، أن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في التعليم الأساسي لم يعد خيارا، بل ضرورة وطنية واستراتيجية، لإعداد جيل قادر على التفاعل مع متطلبات العصر الرقمى.

قالت إن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من الحياة اليومية، من المدن الذكية إلى أدوات التعلم المتصلة بالإنترنت، ما يستدعي دمجه في التعليم بدءا من الحضانة وحتى الجامعة، لا كمادة مستقلة، بل كفلسفة تعليمية متكاملة.

أشارت إلى أن محتوى مرحلة الحضانة يمكن أن يتضمن فيديوهات تعليمية ومحادثات وصورًا تفاعلية، وفي الابتدائية تستخدم الرسوم الكرتونية التعليمية، أما في الثانوية فيمكن إدخال تقنيات الواقع المعزز والافتراضى فى شرح العلوم والرياضيات، بما يفعل الحواس ويعزز الفهم.

حذرت من الإفراط في استخدام هذه التقنيات مع الأطفال الصغار، حفاظًا على سلامتهم العصبية، داعية إلى إعادة تصميم المحتوى الرقمي ليتناسب مع الفئات العمرية المختلفة، في صورة ألعاب وفيديوهات قصيرة آمنة.

أكدت الرحماوي ضرورة تجاوز التعليم القائم على التلقين والحفظ، نحو نموذج يكتشف قدرات الطفل، ويعالج نقاط ضعفه وينمى مواهبه، مشددة على أن دور المعلم يجب أن يتحول من ناقل للمعلومة إلى موجه لقدرات الطالب.

أضافت أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل أداء الطالب واكتشاف نقاط ضعفه، ومعالجتها وتنمية مواهبه مشيرة إلى أن التدخل الإنسانى للمعلم يظل أساسيًا في معالجة هذه النقاط وتوجيه الطفل.

رأت أن هذه التقنية لا تعد فقط أداة لتأهيل الطالب لسوق العمل، بل تسهم في تقليص الفجوة بين الأطفال ذوى القدرات المختلفة، من خلال توفير "مساعد افتراضي" لكل طالب على مدار الساعة، ليشرح له الدروس، ويغنيه عن الدروس الخصوصية.

أشارت إلى أن دور المعلم في المستقبل سيكون أعمق من مجرد التعليم، ليشمل الدعم النفسي والاجتماعي والعاطفي والإبداعي، داعية إلى تأهيل المعلمين نفسيًا وتقنيا، وربط تدريس الذكاء الاصطناعي بالكليات التربوية.

دعت إلى تأسيس إدارات مدرسية متخصصة تتابع تطورات الذكاء الاصطناعي وتحدث المناهج وفقًا لها، واقترحت تطبيقا مرحليًا خلال ثلاث سنوات، يبدأ بالمدارس الرسمية والتجريبية، مع تقييم دوري وتحسين مستمر قبل التعميم.

شددت على أهمية إشراك القطاع الخاص في هذا التوجه، عبر تفعيل مسؤوليته المجتمعية لتوفير الأجهزة والتقنيات، مقابل امتيازات حكومية، مؤكدة أن الفصل بين القطاعين العام والخاص لم يعد مجديًا، وأن الشراكة هي السبيل لضمان مستقبل تعليمي مستدام.

استشهدت بالنموذج الصيني، إذ يذهب الأطفال إلى المدرسة بشغف بسبب الأدوات التعليمية الذكية، متسائلة: لماذا لا نستفيد من هذه التجارب؟ فالتعليم الجاذب هو مفتاح مكافحة التسرب المدرسي وتحفيز التعلم.

اختتمت حديثها بالتأكيد على أن إدراج الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا علميًا، بل ضرورة لبناء مستقبل التعليم والعمل، وقالت: "علينا أن نبدأ الآن، بخطى ثابتة ومدروسة، فالأجيال القادمة لن تنتظرنا، إما أن نلحق بركب التطور، أو نظل في مؤخرة الركب إلى الأبد".

د. دينا قزامل الأستاذ بكلية الذكاء الاصطناعى جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا:

الأمية المستقبلية ستقاس بمدى إلمام الفرد بتقنيات الذكاء الاصطناعى

المادة الجديدة.. خطوة نحو تحقيق العدالة التعليمية بين الطلاب

التفكير النقدى وحل المشكلات وغرس قيم المسؤولية الرقمية

تهيئة التلاميذ لحل مشكلاتهم الحياتية من خلال أدوات ذكية ومقاربات منهجية

تؤكد د. دينا قزامل، الأستاذ بكلية الذكاء الاصطناعي جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، أن الأمية المستقبلية ستقاس بمدى إلمام الفرد بتقنيات الذكاء الاصطناعى، فى عالم يعيد تعريف الأمية لتصبح الجهل بالتكنولوجيا، مشيرة إلى أن فهم هذه التقنية أصبح ضرورة أساسية لتحويل استخدام الأطفال للأجهزة الرقمية من الترفيه إلى اكتساب مهارة رقمية؟

تضيف قزامل أن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية يمثل خطوة نحو تحقيق العدالة التعليمية، إذ لا يستطيع جميع الطلاب تحمل تكلفة تعلم هذه المهارات خارج الإطار المدرسى، مشيرة إلى أهمية توفير الدولة لهذه المعرفة في المدارس، حتى تضمن إعداد جيل منافس عالميا، مؤهل لسوق العمل، ليس مستهلك للتقنيات، بل كصانع لها.

توضح أن تعليم الذكاء الاصطناعي في المراحل الأساسية لا يهدف فقط إلى إكساب الطلاب مهارات البرمجة والمنطق الحاسوبي، بل يمتد لتعزيز التفكير النقدي وحل المشكلات، مع غرس قيم المسؤولية الرقمية، وتشجيع العمل الجماعي من خلال أنشطة ومشاريع جماعية تدمج التقنية بالإبداع.

ولأن المفاهيم التقنية قد تكون معقدة للفئات العمرية الصغيرة، تلفت إلى أهمية تبسيطها باستخدام ألعاب تفاعلية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعرف على الوجوه أو الأصوات من خلال منصات تعليمية مثل Code.org، Machine Learning for Kids، كنماذج ناجحة تقدم هذه المفاهيم بلغة سهلة وممتعة، تربط الطفل بعالم الذكاء الاصطناعي دون إخافته منه.

تقترح قزامل دمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي في وحدات مبسطة ضمن المواد الدراسية القائمة؛ في الرياضيات بتوظيف مفاهيم الأنماط والخوارزميات، وفي العلوم بشرح تطبيقات الذكاء الاصطناعي في البيئة والروبوتات، وفي الحوسبة بتعليم مبادئ البرمجة والتعلم الآلي، وفي التربية الدينية حول أثر التكنولوجيا على القيم والمجتمع.

تتضمن رؤيتها في المراحل المتقدمة تخصيص مادة مستقلة للذكاء الاصطناعي، مثلما يحدث في مدارس «STEM»، التي شاركت في مسابقات قدم فيها الطلاب مشاريع ذات أثر مجتمعي باستخدام الذكاء الاصطناعي.

شددت على أن نجاح هذه المبادرة يتطلب إعداد المعلمين عبر دورات تدريبية مبسطة، تقدم أونلاين لتيسير المشاركة، وتتضمن مهاما وتقييمات عملية، على أن تُختتم باختبارات تحدد مستوى المعلم، إضافة إلى تعيين متخصصين فى المدارس لتقديم الدعم المستمر وضمان جودة التطبيق.

تلفت إلى أن تعليم الذكاء الاصطناعي يكسب الأطفال مجموعة من المهارات الأساسية لعصر التكنولوجيا، تبدأ من التفكير المنطقي والخوارزمى، إلى تحليل البيانات، والوعي بالمسؤولية الرقمية، وهو ما يعزز قدرتهم على التعامل مع عالم يتغير بسرعة، ويهيئهم لحل مشكلاتهم الحياتية من خلال أدوات ذكية ومقاربات منهجية.

استعرضت تجربة الإمارات التي أدرجت الذكاء الاصطناعي كمقرر دراسي من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر؛ والصين التي بدأت منذ 2018 في تطوير المناهج وتدريب المعلمين؛ وخطة كوريا الجنوبية لتدريب 5000 معلم بحلول 2025؛ وربط فنلندا بين المفاهيم التقنية وأثرها الاجتماعى ضمن التعليم الأساسي، مشيرة إلى أن مصر قادرة على الوصول.

رغم اعترافها بالتحديات، مثل تكلفة المحتوى، وضعف البنية التحتية، أو مخاوف التأثير على التفاعل الاجتماعي، تؤكد أن التحديات ليست عوائق، إنما فرص لإعادة تصميم التعليم بدمج الذكاء الاصطناعى في أنشطة جماعية لتعزيز التفاعل؛ وتشجيع نقاشات لتنمية الحس النقدى؛ والحفاظ على تطور المعرفة في التكنولوجيا.

أشارت إلى إمكانية بدء التجربة في مدارس مختارة لتقييم الفعالية، مع تدريب المعلمين عن بُعد، وتقييمهم بعد اجتياز الدورات، فضلًا عن عقد شراكات مع شركات تقنية لتوفير أدوات تعليمية مجانية، واستخدام المصادر المفتوحة لتخفيض النفقات دون التفريط في الجودة.

أوصت بتشكيل لجان وطنية من خبراء التعليم والتقنية لتحديث المحتوى دوريا، مع اعتماد منصات تعلم رقمية مرنة، وتشجيع الطلاب والمعلمين على المشاركة في مسابقات ومشاريع دولية تفتح آفاق الابتكار وتربطهم بأحدث ما وصل إليه العالم.

تقترح مناهج مرنة تدمج التقنية في المواد التقليدية، مع الحفاظ على مساحة زمنية كافية لتطوير مهارات التواصل والقراءة والنقاش، وتدعو إلى تقييمات لقياس مدى تطور الطالب.

في خلاصة رؤيتها، تؤكد أن تعليم الذكاء الاصطناعي لا يهدف فقط إلى مواكبة العالم، بل إلى صنع جيل يفكر ويبدع ويتحمل مسؤولية إعادة تشكيل هذا الوطن، بما يحمله من تحديات وفرص، وبما يملكه من عقول صغيرة قادرة على إنجازات كبيرة.

د. كامل كمال توفيق أستاذ الذكاء الاصطناعى بمركز جامعة الأزهر للدراسات والبحوث:

تحويل التعليم من تلقينى إلى تفاعلى ينمى الإبداع ويحل المشكلات

رفع الثقافة التقنية بأساسيات الذكاء الاصطناعى بطريقة مبسطة وممتعة

منهج مرن ومتجدد من خلال تصميم المحتوى بشكل وحدات قابلة للتحديث

حملات توعية مجتمعية وإشراك أولياء الأمور لضمان دعم وتفهم المبادرة

يشير د. كامل كمال توفيق، أستاذ الذكاء الاصطناعي بمركز جامعة الأزهر للدراسات والبحوث الفيروسية، إلى أهمية إدراج مادة الذكاء الاصطناعي بشكل إلزامى فى المناهج الدراسية لتزويد الطلاب بمهارات القرن الحادى والعشرين، وتعزيز مكانة مصر في اقتصاد المعرفة العالمى، وتحويل التعليم من نظام تلقيني إلى نهج تفاعلي ينمى الإبداع وحل المشكلات.

أضاف أن الإلمام بأساسيات التقنيات الذكية أصبح جزءا لا يتجزا من محو الأمية الحديثة، مشيرًا إلى أن تدريس مفاهيم الذكاء الاصطناعي منذ الصغر ينقل العملية التعليمية من التلقين إلى التفاعل، وينمى التفكير المنطقى والحاسوبى لدى الطفل، ويحوله من مستهلك للتكنولوجيا إلى صانع لها.

أوضح أن تعليم الذكاء الاصطناعي يضمن للناشئين تكوين قوى عاملة وطنية مؤهلة لسوق العمل المستقبلي في مجالات التقنيات المتقدمة، ويعزز تنافسية مصر دوليًا، مشيرا إلى انعكاس ذلك على بناء المستقبل عبر تزويد الطالب منذ الصغر بأدوات العصر الرقمى.

تطرق إلى أن إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم الأساسي يهدف إلى بناء قاعدة معرفية ومهارية وسلوكية متوازنة لدى الطالب، حيث يسهم الجانب المعرفى فى رفع الثقافة التقنية من خلال تعريف الطالب بأساسيات الذكاء الاصطناعى بطريقة مبسطة وممتعة تساعده على فهم عمل التقنيات من حوله.

أضاف أن الجانب المهاري يركز على تنمية القدرات التطبيقية والتحليلية عبر البرمجة المبسطة، والمنطق الحسابى، والتفكير الخوارزمى، وتحليل البيانات واستنتاج الأنماط، أما على المستوى السلوكي والقيمي، فيُعزز البرنامج مهارات التواصل والعمل الجماعي من خلال المشاريع التعاونية، ويغرس في الطالب قيم الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.

نوه إلى تبسيط مفاهيم الذكاء الاصطناعي من خلال شرحها عبر قصص وشخصيات محببة للأطفال، وتمثيل الأدوار كروبوت مفكر يتعلم من أخطائه، مشيرا إلى أن التعلم بالألعاب التفاعلية من خلال تصميم أنشطة وألعاب تعليمية يجعل مفاهيم البرمجة والتصنيف متعة ملموسة للطفل
أشار إلى تعلم البرمجة المرئية والروبوتات التعليمية من خلال استخدام منصات برمجة مبسطة مثل «Scratch»، وروبوتات تعليمية بسيطة للتطبيق العملي.

يلفت كامل إلى إمكانية تطبيق العديد من أشكال دمج الذكاء الاصطناعى في التعليم قبل الجامعى، باستحداث مادة إلزامية مستقلة مخصصة للذكاء الاصطناعى بحصص وكتاب منهجى يضمن تركيزا عميقا، لكنه يزيد أعباء الجدول الدراسى ويتطلب معلمين متخصصين.

أشار إلى إمكانية الدمج ضمن المواد القائمة من خلال تضمين مفاهيم الذكاء الاصطناعي في المناهج الحالية مثل الرياضيات والعلوم والحاسب، ليوضح الترابط بين التقنيات والعلوم المختلفة ويتفادى زيادة الأعباء.

رجّح النموذج التكاملِي التدريجي من خلال البدء بدمج المفاهيم في المواد القائمة في الصفوف الدنيا، ثم التحول إلى مادة مستقلة في الصفوف الأعلى، ما يخفف صدمة إدخال مادة جديدة ويتيح فترة تجريب قبل التعميم.

أوصى بإطلاق مشروع تجريبي محدود لاختبار السيناريو الأفضل للواقع المصري على مدى 3-5 سنوات، وتشكيل لجنة خبراء وطنية للإشراف العلمي والاستراتيجي على المشروع وتحديث المنهج باستمرار، مؤكدا أهمية تأهيل وتدريب الكوادر التعليمية.

أشار إلى أهمية إنشاء مركز وطني لتدريب المعلمين لبناء قدراتهم، وإعداد أدلة منهجية موحدة، وتعزيز البنية التحتية التقنية بالمدارس من خلال توفير معامل حاسوب ونقاط اتصال بالإنترنت، وإطلاق منصة رقمية مركزية.

شدد على أهمية تأمين التمويل المستدام بإقامة شراكات مع شركات التكنولوجيا المحلية والعالمية، واستكمال المتطلبات من ميزانية حكومية، وتدريب المعلمين الحاليين لتعظيم دورهم بعد تأهيلهم عبر دورات متخصصة، باستخدام نهج "تدريب المدربين" لنشر المعرفة بشكل هرمى، إضافة إلى تعيين متخصصين جدد، خاصة من خريجي الهندسة والحاسبات، للعمل كمعلمى ذكاء اصطناعى، خاصة في المراحل العليا، للاستفادة من خلفيتهم العلمية المتعمقة.

تطرق إلى النهج المدمج من خلال البدء بالاستعانة بخبراء في مدارس نموذجية مختارة، بالتوازي مع تدريب المعلمين الحاليين بشكل مكثف، ثم الاعتماد تدريجيا على الكوادر المحلية مع اكتسابهم الخبرة وإدراك قدرات الآلة مقارنة بالعقل البشرى.

لفت إلى اكتساب التلاميذ مهارات تقنية ورقمية من خلال فهم أساسيات التكنولوجيا والبرمجة، وتطوير القدرة على حل المشكلات بطرق منهجية، والتفكير النقدي المبني على الأدلة.

في ختام حديثه، أكد اعتماد منهج مرن ومتجدد من خلال تصميم المحتوى بشكل وحدات قابلة للتحديث لمواكبة تطور التقنيات، يمنحنا الفرصة للمنافسة، وطالب بحملات توعية مجتمعية بإشراك أولياء الأمور والمجتمع لضمان الدعم والتفهم للمبادرة.

   إنفوجرافات   

%47 من أدوات الذكاء الاصطناعى مطبقة فى الدول مرتفعة الدخل.

 %8 فقط من الأدوات مطبقة فى الدول ذات الدخل المنخفض.

%67 نسبة زيادة التفاعل الطلابى لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعى.

%78 من صناع السياسات التعليمية يتخوفون من التحيز الخوارزمى.

120 دولة دمجت الذكاء الاصطناعى فى أنظمتها.

%32 انخفاض فى التكاليف الإدارية لمؤسسات تنفذ حلول الذكاء الاصطناعى.

استفسارات روبوتات الدردشة تخفض نسبة عمل الموظفين 63%

%29 من الموارد المُدّخرة أُعيد توجيهها نحو تحسين التعليم وخدمات دعم الطلاب.

%28 نسبة تفوق الطلاب الذين يتلقون التعلم بالذكاء الاصطناعى.

%418 زيادة فى تطوير الموارد التعليمية المدعومة بالذكاء الاصطناعى بين 2019 و2023.

%73 نسبة تلبية معايير إمكانية الوصول للمتعلمين المتنوعين.

%41 ارتفاعا فى جودة التعليم بواسطة المعلمين المدربين بمساعدة الذكاء الاصطناعى.

13 دولة نفذت بالفعل معايير منقحة تتضمن مكونات معرفة الذكاء الاصطناعى

 المصدر: منظمة «يونسكو»

%47 نسبة تحسن تنفيذ استراتيجيات التدريس القائمة على الأدلة

%39 نسبة تحسن التمييز فى التعليم للمتعلمين المتنوعين.

%44 نسبة تحسن ممارسات التقييم التكوينى.

%35 نسبة تحسن تسهيل التعلم الذى يركز على الطالب.

المصدر: دراسة أجرتها (مؤسسة غيتس) على 3200 معلم فى 9 دول لمدة 3 سنوات.

  مزايا دراسة «الذكاء الاصطناعى»   

الاستغناء عن سلاح التعليم التقليدى لضعفه فى مواجهة تحديات المستقبل

تحول المناهج من التعليم التلقينى إلى التفاعل الذكى

محو الأمية الحديثة بتعلم الذكاء الاصطناعى من الطفولة

تعلم بالألعاب والقصص والروبوتات

اكتساب مهارات المستقبل: التفكير النقدى، حل المشكلات، والوعى الرقمى

محو الأمية التكنولوجية للتعليم قبل الجامعى

إعادة تعريف دور المدرسة كمختبر لصناعة العقول

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق