نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أخطر عقدة صراع في العالم... تايوان بين "نارين"! - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 04:58 صباحاً
في واحد من أعنف تصريحاته، حذر بيت هيغسيث وزير الدفاع الأميركي، الأسبوع الماضي، من أن الجيش الصيني يتدرب على "غزو تايوان"، وقال إن خطر الصين حقيقي ووشيك، والرئيس شي جينبينغ أمر جيشه بأن يكون قادراً على غزو الجزيرة بحلول 2027، لافتاً إلى العواقب الوخيمة لغزو تايوان على منطقة المحيطين الهندي والهادي والعالم، لكن هيغسيث ذكّر بتعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "بكين لن تغزو تايوان في عهده"، وطمأن حلفاء واشنطن بالمنطقة بأنهم "لن يكونوا وحدهم في المواجهة"!
وحضّ هيغسيث- خلال منتدى شانغريلا الأمني بسنغافورة، المنتدى الآسيوي الأبرز لقادة الدفاع والجيوش والديبلوماسيين- حلفاء بلاده الآسيويين على تعزيز إنفاقهم العسكري في مواجهة التهديد الصيني، مثلما فعلت الدول الأوروبية أعضاء حلف الناتو، عندما رفعوا إنفاقهم العسكري 5 بالمائة من ناتجهم الإجمالي. وحذر الوزير الأميركي من رغبة بكين في الهيمنة والسيطرة على آسيا، منوها بأن أميركا عادت إلى منطقة المحيطين الهندي والهادي وستظل فيها، لردع ما وصفه بـ"عدوان الصين الشيوعية" على جيرانها، تضايقهم، وتشن عليهم هجمات سيبرانية، وتصادر أراضي بحرية وتحولها مواقع عسكرية في البحر الجنوبي، كما انتقد طموحاتها في أميركا اللاتينية، خاصة بسط نفوذها على قناة بنما.
رد الصين لم يتأخر، إذ سارعت للتنديد بتصريحات وزير الدفاع الأميركي، وصفتها بالتحريضية والاستفزازية، وأوضح ممثلها، في منتدى شانغريلا، الأميرال هو غانغ فينغ أن "الاتهامات الأميركية بلا أساس، وتهدف إلى زرع الفتنة وزعزعة استقرار آسيا والمحيط الهادئ. بينما سخر دا وي، مدير مركز الأمن الدولي بجامعة تسينغهوا، من ازدواجية معايير واشنطن التي تطالب الصين باحترام جيرانها، في حين تضايق هي جيرانها: كندا والمكسيك وكذلك غرينلاند!
يأتي ذلك في وقت تشهد العلاقات الأميركية- الصينية توترات في ملفات عدة، أبرزها التجارة والتكنولوجيا والنفوذ العسكري وتايوان؛ فمنذ عودته إلى المكتب البيضاوي، أطلق ترامب صراعاً تجارياً مع بكين، رفع الرسوم الجمركية على صادراتها، مع تقييد حصولها على التقنيات الأميركية، ويواصل تعزيز العلاقات مع جيرانها المعادين لها، مثل: الفلبين واليابان والهند واستراليا.
وبالنسبة لتايوان، حافظت الولايات المتحدة على علاقات خاصة مع الجزيرة، طوال عقود، أصبحت من أهم ركائزها الأمنية والاقتصادية في منطقة الإندو-باسيفيك. تعتبر واشنطن تايبيه جزءاً من السلسلة الأولى في "استراتيجية الجزر" التي تطوق بها النفوذ الصيني، وتبدأ من اليابان حتى الفلبين، لحرمان الصين من أن تصبح قوة مهيمنة في محيطها الإقليمي، ومن ثمّ تعجز عن تحدي الهيمنة الأميركية عالمياً، كما أن تايوان أحد أبرز شركاء واشنطن التجاريين، وهي المنتج الأول عالمياً للرقائق الإلكترونية، التي تدخل في صناعات الهواتف المحمولة والدفاع والفضاء، إلخ.
الوضع القائم في تايوان هو أفضل السيناريوات لأميركا. يعطيها الفرصة للاستفادة من علاقاتها بالصين، والحفاظ على مصالحها في تايوان أمنياً وإستراتيجياً؛ لذلك تنتهج واشنطن سياسة براغماتية يميزها "الغموض الاستراتيجي" في موقفها من أي تحركات لاستقلال تايوان، فلا تستطيع الصين ولا تايوان، بناء تقدير مؤكد عن موقف "الكاوبوي" في حال سعت أي منهما لحسم وضع الجزيرة، وهو ما أطلق عليه سياسة "الردع المزدوج"؛ حيث تتمتع جزيرة تايوان بالحكم الذاتي، لكن الصين تعتبرها جزءاً من أراضيها، وتعهدت "بإعادة التوحيد" بالقوة إذا لزم الأمر.
وتشعر بكين بالغضب حيال تعميق واشنطن علاقاتها الدفاعية مع بلدان المنطقة، ما يجعلها تحجم حتى الآن عن غزو تايبيه، تحاشياً لاحتمال أن تتدخل أميركا بأقصى قوة ممكنة، برغم ذلك لا يستسلم "التنين" لفكرة استقلال تايوان. ترى بكين أن استعادة السيطرة عليها ضرورة حيوية لكسر الطوق الأميركي، وتأكيد قوتها الجيوسياسية ومكانتها الاقتصادية الصاعدة؛ لحد أن القانون يلزم القادة الصينيين باستعادة تايوان، ويترك لهم اختيار الزمن والطريقة المناسبة لذلك.
هذا الصراع بين القوتين العظميين في عالم اليوم، يجعل من تايوان التي تبلغ مساحتها 36 ألف كم، إحدى أهم عقد الصراع في العالم؛ قد تعني سيطرة بكين عليها تدشين بداية حقيقية لانهيار الهيمنة الأميركية وصعود الصين كقطب شريك بقيادة الكوكب، وبالعكس؛ فإن امتناع الصين عن استعادة تايوان هو الدليل الأبرز على قدرة واشنطن على تحجيم بكين، وبالتالي أي طرف آخر قد يفكر في تحدي الهيمنة الأميركية، تايوان بين نارين!
ولا يمكن أن ننسى أن سجل ترامب حافل بالتناقضات، يصعب معه التنبؤ بمسار واضح لسلوكه السياسي مع الصين، كما أن الالتزام الغربي بأمن أوكرانيا يردع "التنين" عن محاولة تكرار تجربة "الدب الروسي". وفي كل الأحوال، قد يستبعد بعض الخبراء أن تذهب الأطراف المعنية إلى السيناريوات الأسوأ، لتجنب كلفتها الباهظة، لكن التاريخ الحديث مملوء بحروب كانت أسوأ الاحتمالات ثم حدثت في النهاية. لهذا يصعب القول إن سيناريو الحرب في تايوان صار وشيكا، لكنه يظل في كل الأحوال ليس مستبعداً!
0 تعليق