في زيارة تعكس أبعادًا دبلوماسية وثقافية ودينية، قام وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بجولة داخل منطقة خان الخليلي التاريخية في قلب القاهرة، أحد أكثر المعالم شهرة وأصالة في مصر. ورافقه في هذه الزيارة عدد من المسؤولين الإيرانيين، من بينهم مهدي شوشتري، مدير قطاع غرب آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية، وسط اهتمام إعلامي وشعبي ملحوظ.

زيارة الوزير الإيراني لمنطقة خان الخليلي لم تكن مجرد جولة سياحية عابرة، بل حملت بين تفاصيلها إشارات واضحة إلى رغبة طهران في التفاعل مع المكون الثقافي المصري، والاقتراب من الذاكرة الشعبية العربية. خان الخليلي، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 600 عام، يُعد رمزًا للهوية المصرية والعربية، ويعج بالحرفيين، والمقاهي التقليدية، والبازارات التي تعبّر عن روح المدينة القديمة. السير في أزقة هذا الحي العريق يُعدّ رسالة ضمنية بأن إيران تسعى إلى بناء علاقات قوامها الود والتقدير للتراث المصري على وجه الخصوص.

المحطة الأبرز في زيارة عباس عراقجي كانت أداؤه صلاة المغرب في مسجد الإمام الحسين، أحد أهم وأقدس المقامات الدينية في مصر. وقد استُقبل الوزير الإيراني بحفاوة من قبل مدير مكتب رعاية المصالح الإيرانية لدى القاهرة، السفير محمد حسين سلطاني فرد، وسط أجواء يسودها الاحترام المتبادل. هذا الحدث يعكس رمزية دينية قوية، خاصة في ظل المكانة الروحية الكبيرة التي يتمتع بها مسجد الإمام الحسين في نفوس المصريين والشيعة على حد سواء، ما يُضفي على الزيارة طابعًا وجدانيًا يضيف إلى بعدها السياسي.

ولم تقتصر الزيارة على الجوانب الثقافية والدينية فحسب، بل تخللها أيضًا جانب سياسي رفيع المستوى، حيث استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الوزير الإيراني عباس عراقجي، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، واللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة. هذا اللقاء يُعدّ خطوة مهمة في إطار محاولة ترميم العلاقات المصرية الإيرانية بعد سنوات من البرود والتباعد، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيارة تمهد لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

في المحصلة، جاءت زيارة عباس عراقجي إلى خان الخليلي وصلاته في الحسين لتجمع بين الرمزية الثقافية والروحية والدبلوماسية، في مشهد يعكس محاولة إيران مدّ جسور جديدة مع مصر عبر لغة التراث والدين واللقاءات الرسمية.