التزام مصر كامل بالحفاظ على المكانة الدينية لدير سانت كاترين وعدم المساس به والأماكن الأثرية التابعة له - تكنو بلس

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التزام مصر كامل بالحفاظ على المكانة الدينية لدير سانت كاترين وعدم المساس به والأماكن الأثرية التابعة له - تكنو بلس, اليوم الأحد 8 يونيو 2025 11:25 صباحاً

مشروع «التجلى الأعظم» يعيد للمنطقة رونقها ومكانتها.. وتحويله إلى مقصد عالمى للزائرين من شتى بقاع الأرض

 

نقلاً عن العدد الورقى 

 

فى قلب جبال جنوب سيناء، وتحديدا عند سفح جبل موسى، يتربع دير سانت كاترين فى شموخ هادئ، منذ ما يزيد على 17 قرنا، إذ يعد الدير من أقدم الأديرة المسيحية المأهولة فى العالم، وارتبط بتاريخ روحى وإنسانى طويل، واكتسب قداسة فريدة لارتباطه بقصة النبى موسى عليه السلام، وبالميراث المسيحى الذى تحمله جدرانه ومكتباته وكنائسه وأيقوناته النادرة.

 

غير أن هدوء المكان المقدس، حاول البعض تكديره مؤخرا بإطلاق موجة من شائعات تناقلتها بعض وسائل التواصل الاجتماعى حول نية الحكومة المصرية إخلاء الدير من الرهبان تمهيدا لبيعه، وهو ما أحدث ضجة واسعة، وفرض على المؤسسات الرسمية والدينية والقضائية أن توضح الصورة، وتعيد تثبيت الحقائق، لتؤكد مصر التى تضم أقدم الكنائس والمساجد وتشهد على تلاقى الأديان، أن دير سانت كاترين شاهدا على قدرة الدولة على التوازن بين التطوير والحفاظ على التراث، وبين القانون والروح.

 

بداية القصة

بدأت الأزمة حين انتشرت شائعات على منصات التواصل الاجتماعى تفيد بوجود مخطط لإفراغ دير سانت كاترين من رهبانه، وتسليمه لصالح جهة استثمارية أجنبية أو مشروع سياحى، بالتزامن مع جهود تطوير واسعة تشهدها منطقة جنوب سيناء.

 

وتضاعف زخم الشائعات بسبب توقيت صدور حكم قضائى بشأن قطع أراضٍ متنازع عليها حول الدير، ما أثار تساؤلات حقيقية لدى الرأى العام، خاصة فى ظل الحساسية التاريخية والدينية للموضوع، وارتباط الدير بالكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، والعلاقة الخاصة بين مصر واليونان.

 

لكن ردود الفعل الرسمية جاءت حاسمة، وبدأت الجهات المعنية فى كشف الملابسات القانونية والدستورية للأزمة، مؤكدين أن «لا مساس مطلقا بالدير أو قيمته الدينية».

 

وكان موقف الدولة المصرية فى هذه الأزمة واضحا منذ اللحظة الأولى، إذ شددت جميع المؤسسات، بدءا من رئاسة الجمهورية، ووزارة الخارجية، وحتى المؤسسات القضائية، على أن دير سانت كاترين يتمتع بحماية دستورية وقانونية كاملة، بوصفه أحد الرموز الدينية والتاريخية الفريدة فى العالم، وأكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته للعاصمة اليونانية أثينا، فى 7 مايو 2025، على التزام الدولة المصرية بحرية العبادة، وحماية دور العبادة، والحفاظ على مكانة دير سانت كاترين باعتباره «رمزا تاريخيا وإنسانيا عابرا للأديان والثقافات».

 

والأسبوع الماضى، جرى اتصال هاتفى بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، شدد فيه الجانبان على قدسية الدير، وضرورة صون العلاقات الأخوية والاستراتيجية التى تربط البلدين.

 

وفى 28 مايو 2025، أصدرت محكمة استئناف الإسماعيلية، مأمورية طور سيناء، حكما مهما فى الدعوى المرفوعة بشأن الأراضى المحيطة بدير سانت كاترين، وأكد الحكم أحقية تابعى دير سانت كاترين فى الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، فى ضوء أن تابعى الدير يتواجدون فيها بصفتهم الدينية، ويمارسون شعائرهم الدينية تحت رئاسة مطران الدير المعين بقرار رئيس الجمهورية رقم 306 لسنة 1974، ويشرف على هذه المواقع الأثرية المجلس الأعلى للآثار.

 

كما قررت المحكمة بوجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير، بشأن بعض قطع الأراضى المستغلة بمعرفة تابعى الدير، ما ينفى وقوع تعدى على هذه الأراضى.

 

وانتهت المحكمة إلى أن باقى قطع الأراضى المتنازع محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم تصدر بشأنها أية عقود من جانب جهة الولاية.

 

وهو ما أكده أيضا المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية فى فى تصريح أكد خلاله أن «الحكم يُعد المرة الأولى التى يتم فيها تقنين أوضاع الدير بشكل قانونى، ويعزز من مكانته الروحية، ولا صحة على الإطلاق لما أشيع حول مصادرة الأراضى أو نية بيعها».

 

دير سانت كاترين.. إرث يتجاوز الجغرافيا

لا يمكن النظر إلى دير سانت كاترين باعتباره مجرد مبنى أثرى أو منشأة دينية، فالمكان، الذى بُنى فى القرن السادس الميلادى، بأمر من الإمبراطور البيزنطى جستنيان، يضم فى جنباته واحدة من أقدم مكتبات العالم، وتحتوى على مخطوطات نادرة بالعربية واليونانية والسريانية، كما يحتضن الدير شجرة العليقة التى يُعتقد بأنها الشجرة التى ناجى عندها النبى موسى ربه، وفقا للتراث الدينى.

 

والدير محاط بسور دفاعى بُنى للحماية، وداخله تقيم جماعة من الرهبان الأرثوذكس الذين يعيشون وفق نظام روحانى صارم، فى تفرغٍ شبه كامل للعبادة والخدمة، ويحوى الدير منشآت مختلفة، منها كنيسة التجلى التى تحوى داخلها كنيسة العليقة الملتهبة، و9 كنائس جانبية صغيرة، كما يشمل 10 كنائس فرعية، وقلايا للرهبان، ومنطقة خدمات، ومعرض جماجم والجامع الفاطمى.

 

ويضم كذلك مكتبة تحوى 4500 مخطوطة، منها 600 مخطوط باللغة العربية، علاوة على المطويات، بالإضافة إلى المخطوطات اليونانية، الإثيوبية، القبطية، الأرمنية والسريانية، وهى مخطوطات دينية، تاريخية، جغرافية، أقدمها يعود إلى القرن الرابع الميلادى، كما تحوى المكتبة عددا من الفرمانات صادرة من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب.

 

ويوجد أيضا داخل الدير عدة آبار مياه، منها بئر موسى شمال كنيسة التجلى، وقيل هى البئر التى سقى منها نبى الله موسى عليه السلام غنم بنات الرجل الصالح شعيب، وبئر العليقة وهى بئر عميقة مطوية بالحجر، قيل أيضا إنها أقدم من الدير، وبئر اسطفانوس جنوب غرب كنيسة التجلى وجنوب كنيسة اسطفانوس، وماؤها عذب حيث يشرب منها الرهبان الآن، وفى تقاليدهم هى البئر التى حفرها اسطفانوس مهندس الدير وبجانبها شجرة سرو، كما يوجد ثلاث آبار وثلاث عيون بالحديقة خارج أسوار الدير.

 

ويوجد بالدير معرض جماجم ومقبرة الرهبان بالدير، وتسمى بالطافوس، ويقع مدفن الرهبان ومعرض الجماجم فى وسط حديقة الدير، ويدفن الرهبان موتاهم فى هذا المدفن، ويتركون الجثث حتى تتحلل فينبشونها ويأخذون عظامها ويجعلونها فى معرض خاص قرب المدفن يسمى الآن معرض الجماجم.

 

رمزية الدير فى علاقات مصر واليونان

ولطالما شكّل دير سانت كاترين رمزا حيا للعلاقة الفريدة التى تجمع بين مصر واليونان، ليس فقط باعتباره أحد أقدس المواقع المسيحية الأرثوذكسية فى العالم، بل أيضا لأنه يخضع لإشراف الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، فى ظل احترام كامل من الدولة المصرية، ويُعين مطران الدير بقرار جمهورى مصرى، فى تقليد يعكس عمق التنسيق الروحى والدبلوماسى بين البلدين.

 

ويمثّل الدير نقطة التقاء نادرة بين حضارتين عريقتين، ما يجعل الحفاظ عليه مسئولية مشتركة تُقدّرها القاهرة وأثينا على حد سواء، وحرصت وزارة الخارجية المصرية، أثناء لقاء وزير الخارجية بدر عبدالعاطى بسفراء الاتحاد الأوروبى فى القاهرة، على توضيح كامل للحقائق المتعلقة بالحكم القضائى، فى إطار «شفافية الدولة وحرصها على تجنب أى سوء فهم قد يؤثر على العلاقات مع الشركاء الأوروبيين».

 

كما أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا أكدت فيه أن «الالتزام الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بها، يعد جزءا أصيلا من السياسة المصرية تجاه الحريات الدينية»، وأضاف البيان أن «الحكم القضائى الأخير جاء منسجما مع ما أكده السيد رئيس الجمهورية خلال زيارته لليونان، ويعكس احترام الدولة الكامل لحقوق الرهبان ومكانة الدير التاريخية والدينية».

 

تطوير لا يُهدد المقدسات

ومنذ سنوات، تعمل الدولة المصرية على تطوير منطقة جنوب سيناء، ضمن مشروع «التجلى الأعظم»، الذى يهدف لتحويل منطقة سانت كاترين إلى وجهة عالمية للسياحة الروحانية، دون المساس بهوية المكان الدينية.

 

ويؤكد المسؤولون أن أعمال التطوير تراعى تماما حرمة الدير ومكانته، وتتم تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، وبتنسيق كامل مع الكنيسة الأرثوذكسية ومطرانية الدير، وأن الهدف هو إبراز القدسية وليس طمسها.

 

ومشروع التجلى الأعظم بسانت كاترين، يهدف إلى تطوير المنطقة بالكامل ويعمل على ترويج السياحة الدينية لمختلف الأديان، وهو عبارة عن مشروع تطويرى بَحت، يهدف إلى إحياء المكانة الروحانية والدينية لمدينة سانت كاترين فى جنوب سيناء، كما يرتكز هذا المشروع على إعادة تخطيط المدينة بالكامل والحفاظ عليها كمحمية طبيعية، ذلك من خلال إبراز البُعد الجمالى والطابع البدوى التراثى لأهالى سانت كاترين، ناهيك عن وضع معايير التنمية المستدامة فى الاعتبار عند تنفيذ أعمال التطوير.

 

ويحظى المشروع الضخم باهتمام كبير من القيادة السياسية والحكومة، وشهد منذ بداية وضع حجر الأساس له زيارات عديدة من قبل رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، للوقوف على آخر التطورات.

 

وقال رئيس الوزراء، فى وقت سابق عن أهمية المشروع الذى يبلغ تطويره نحو 4 مليارات جنيه، إن الدولة المصرية بمختلف وزاراتها وأجهزتها المعنية بذلت جهودا كبيرة لتحويل تلك البقعة المتفردة مقصدا عالميا للزائرين من شتى بقاع الأرض، وذلك من خلال مواصلة تنفيذ ذلك المشروع المتكامل بجهود حثيثة طوال الفترة الماضية، اتساقا مع مكانة تلك البقعة المقدسة التى تعتبر جزءا أصيلا من أرض مصر، والتى شرفها المولى عز وجل بالتجلى فوقها، وذلك من أجل تقديمها للإنسانية ولشعوب العالم أجمع، على النحو الذى يليق بها، تقديرا لقيمتها الروحية الفريدة التى تنبع من كونها حاضنة للأديان السماوية الثلاثة.

 

فيما أكد المهندس شريف الشربينى، وزير الإسكان، أن الوزارة قامت بوضع مخطط متكامل لمشروع «التجلى الأعظم» فوق أرض السلام بمدينة سانت كاترين بهدف إنشاء مزار روحانى على الجبال المحيطة بالوادى المقدس، لتكون مقصدا للسياحة الروحانية والجبلية والاستشفائية والبيئية على مستوى العالم، بجانب توفير جميع الخدمات السياحية والترفيهية للزوار وتنمية المدينة ومحيطها مع الحفاظ على الطابع البيئى والبصرى والتراثى للطبيعة البكر، وتوفير أماكن لتسكين العاملين بمشروعات مدينة سانت كاترين، مشيرا إلى أن الوزارة تتولى تنفيذ المشروع، من خلال الجهاز المركزى للتعمير، وجهاز تعمير سيناء، بتمويل من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

 

وتشمل المشروعات الجارى تنفيذها، إنشاء مركز الزوار الجديد بمدخل المدينة بموقع ميدان الوادى المقدس، ويتضمن إنشاء ساحة ومبنى السلام على مساحة 12 ألف م2، حيث تشغل المبانى مساحة 7300 م2، وتشمل ساحة للاحتفالات الخارجية، ومبنى عرض متحفى متنوع، إضافة إلى مسرح وقاعة مؤتمرات، وكافيتريا، وغرف اجتماعات؛ لتستوعب مختلف الفعاليات مع إخفاء خدماتها الضرورية فى مبنى تحت الأرض غير ظاهر وغير مؤثر على البيئة الطبيعية.

 

ويتضمن المشروع إنشاء فندق جبلى متكامل على مساحة 12900 م2، ويتمتع بإطلالات متعددة على دير سانت كاترين وهضبة التجلى ووادى الراحة مع حديقة جبلية خلفية ذات تكوينات صخرية نادرة، ويقوم المشروع على استغلال التجويف الكبير الموجود فى الجبل بوادى الراحة، لإنشاء الفندق الجبلى ليضم مختلف المقومات التى تجعله فندقا عالميا يتمتع بإطلالات متعددة.

 

ويتضمن المشروع إنشاء النزل البيئى الجديد «الامتداد» بمنطقة وادى الراحة على مساحة 39500 م2، ويتكون من 7 مبان باجمالى 192 غرفة فندقية بيئية، بالإضافة إلى 56 جناحا، فضلا عن إنشاء الحديقة الصحراوية بمحازاة سفح الجبل، وتربط النُزل البيئى الجديد بالفندق الجبلى وإنشاء ممشى درب موسى، ليحاكى المسار التاريخى لسيدنا موسى عبر وادى الراحة، وصولا لجبل التجلى، بالإضافة إلى تطوير 74 «شاليه» بالنزل البيئى القائم وتطوير مطعم الصفصافة، لاستيعاب وخدمة عدد النزلاء بالنزل البيئى الجديد والقائم.

 

ويتضمن مشروع التجلى الأعظم تطوير منطقة وادى الدير، ويشمل تنفيذ مسار للمشاة، ومسار للجمال، واستبدال الأرضيات بالتدبيش بالجرانيت المتماشى مع البيئة، وكذا تطوير مبرك الجمال القديم، إضافة إلى إنشاء مبرك جديد لخدمة رحلة جبل موسى ودير سانت كاترين، وينتهى مسار وادى الدير بمركز الزوار والطريق الرئيسى.

 

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : التزام مصر كامل بالحفاظ على المكانة الدينية لدير سانت كاترين وعدم المساس به والأماكن الأثرية التابعة له - تكنو بلس, اليوم الأحد 8 يونيو 2025 11:25 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق