نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب ترامب - نتنياهو: إيران بلا خيارات! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 10:55 صباحاً
كانت المهاتفة بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي (الاثنين 9.6.2025) حاسمةً في إشعال الضوء الأخضر للهجوم على إيران، وأُعلن باقتضاب أنهما بحثا في المفاوضات النووية والوضع في غزّة. على الأثر تصرّف بنيامين نتنياهو كمن تلقّى أمراً تنفيذياً، فدعا إلى اجتماع وزاري أمني موسّع، ولم يدلِ بأي بيان. أما دونالد ترامب فقال الكثير: "ردّ إيران غير مقبول (على المقترح الأخير)"، "تخصيب اليورانيوم عائق رئيسي أمام إبرام اتفاق"، "يطلبون أشياء لا يمكن تنفيذها" و... "سنرى ما سيحدث في جولة مفاوضات يوم الخميس (12.6.25)". لم يكن هناك توافق على هذا الموعد، لكن ترامب تعمّد الإعلان ليتبيّن بعدئذ أنه اليوم الـ60 الذي كان قد حدّده سابقاً للحصول على اتفاق "خلال شهرين".
كانت طهران قد تجاهلت هذه المهلة خلال الجولات الخمس. ثم حُدّد الأحد (15.6.25) لجولة سادسة في مسقط. استبعد المتابعون تحركاً عسكرياً قبل ذلك، لكن الجولة ألغيت إلى أجل لن يُسمّى قبل انتهاء المواجهة التي بدأتها إسرائيل في اليوم الـ61، كما أراد ترامب. استُخدم موعد المفاوضات لتمرير "خدعة الحرب".
قال ماركو روبيو، مبرّئاً أميركا ومبرّراً الهجمات، إن إسرائيل "تصرّفت منفردةً لاعتقادها بأن العملية كانت ضرورية للدفاع عن النفس". لكن رئيسه كان متحمّساً، فما حصل (هجمات بالطائرات والمسيّرات، اغتيال جميع القادة العسكريين الإيرانيين، تعطيل الدفاعات الجوية، ضرب منشأة نطنز ومراكز نووية أخرى) كان بالنسبة إليه "ممتازاً"، و"الهجمات التالية المخطط لها ستكون أكثر قوّة"، و"منحنا الإيرانيين فرصة لم يستغلّوها"، و"على إيران التوصل إلى اتفاق قبل أن تخسر كل شيء، ولإنقاذ ما عُرف سابقاً بالإمبراطورية الإيرانية". تلك كانت إملاءات الطرف المنتصر.
لذا تتساءل مراجع عديدة لماذا ذهب ترامب أساساً إلى المفاوضات إذا كان لديه شرط وحيد: وقف التخصيب كلياً أو لا اتفاق. وهل أراد التفاوض فقط لإضفاء "مشروعية" على الهجوم الإسرائيلي. وأيُّ تصوّر لديه (ولدى إسرائيل) الآن لتطوّر المواجهة ما دام لم يترك لإيران سوى خيار "الاستسلام"، لكنها تريد إطالتها لتحدّد نهايتها، كما تقول، بعدما كان الإسرائيليون قد حددوا بدايتها؟
المفاجأة الكبرى كانت اغتيال القادة العسكريين جميعاً خلال الهجوم السريع المباغت، فمعها تأكد أن حجم الاختراق الاستخباري الإسرائيلي (والأميركي) لإيران تجاوز كلّ تصوّر، وقد استُكملت الاغتيالات لاحقاً. يُذكر أنه في ضربات أواخر تشرين الأول / أكتوبر 2024 تحكّمت الإدارة الأميركية السابقة بخطط الإسرائيليين وقلّصت أهدافهم، فمنعتهم من التعرّض للمنشآت النووية وقطاع الطاقة، ومع ذلك تمكنت إسرائيل من إحداث خسائر جسيمة في البنى الدفاعية من دون أن تواجه أي أخطار، وأمكنها حينئذ أن تتلمس نقاط الضعف الإيرانية. هذه المرّة تحرّك الإسرائيليون بلا قيود، وبتنسيق أميركي كامل، ومهما بلغت شدّة الردود الإيرانية فإنها لن تستطيع بلوغ مستوى التفوّق الإسرائيلي أو مجاراته. ومنذ فقدت إيران إمكان الاعتماد على الأذرع التي صنّعتها في لبنان وسوريا والعراق وغزّة لتشكل خط دفاع عنها، أصبحت في حال دفاع مباشر عن النفس، فانكشفت حقيقة قوتها.
لم تكن إيران تجهل هذا الواقع، لكنها راهنت على جملة معطيات تبين أنها خاطئة أو وهمية. من ذلك، مثلاً، أن ترامب يقدّم نفسه كـ"رجل سلام" ولا يريد خوض حروب، وأنه يحتاج إلى إيران ويضعها في صلب استراتيجيته لمواجهة الصين، وبالتالي يمكنها الدخول في مساومات معه. لذلك، فهي دخلت المفاوضات النووية وفي ظنها أن الأمر يتطلّب فقط تعديلات على اتفاق 2015 النووي أو التنازل عن نشاطات أقدمت عليها ردّاً على الانسحاب الأميركي من ذلك الاتفاق، بل أعدّت نفسها لتقديم "حوافز استثمارية" يحبذها ترامب.
لكن ترامب "المسالم" لم يفرمل خطط إسرائيل في غزّة ولبنان وحتى في سوريا، بل تركها تكمل حربه في اليمن، وعندما أوحى بأنه يضغط على نتنياهو كي يمتنع عن ضرب إيران، كان يرضيه بإطلاق يده في تجويع غزّة. لكن الأهم والأخطر أن ترامب ونتنياهو كانا دائماً متوافقين على ضرورة تصفية النفوذ الذي بنته إيران في المنطقة. أكثر من ذلك، ليس مطلوباً فقط إجبار أي طرف تهزمه إسرائيل (والولايات المتحدة) على وقف إطلاق النار، بل إرغامه على أن يوقّع صاغراً على نزع سلاحه، فهذا هو الهدف في غزّة وهو ما كان مع "حزب إيران/ حزب الله" في لبنان، وهذا ما يتبدّى من الاتصالات السورية - الإسرائيلية. لكن هل ينطبق ذلك على إيران؟
مكالمة اليوم الثاني من الحرب بين ترامب وفلاديمير بوتين حُمّلت إشارات إلى أن الرئيس الروسي قد يتوسّط مع طهران لإنهاء المواجهة الحالية، لكن لقاء ماذا؟ استبق نتنياهو أي توقّعات بتحريض الإيرانيين على تغيير النظام، فهل حرب ترامب - نتنياهو صمّمت للوصول إلى هذا الهدف؟
0 تعليق