إيران التقليدية وسوريا الناشئة: من يحمي الدولة من الداخل؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران التقليدية وسوريا الناشئة: من يحمي الدولة من الداخل؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 04:13 صباحاً

إسماعيل الجويم

 

بينما كانت طهران تتفاخر بنفوذها الإقليمي، وتتباهى بقدرتها على إدارة ملفات عواصم عربية، تلقت ضربة استراتيجية قاسية كشفت عمق الهشاشة داخل منظومتها الأمنية. بعدما خسرت طهران إدارة العواصم التي تديرها تباعا فقد نجح جهاز الموساد الإسرائيلي، في واحدة من أكثر عملياته جرأة، باختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية الإيرانية، مستهدفاً قيادات رفيعة في الملف النووي والأجهزة الاستخبارية ,والعسكرية قادة الصف الأول . هذه الحادثة لم تكن مجرد عملية تجسس، بل مؤشر على أزمة داخلية حادة تمس صميم الدولة العميقة في إيران.

الرسالة التي بعثتها تلك الاختراقات تتجاوز إيران نفسها، وتفرض على دول الإقليم "وخاصة سوريا الجديدة" مراجعة شاملة لطرق بناء منظومتها وبنيتها الأمنية والسياسية. فإذا كانت دولة إقليمية بحجم إيران، تمتلك شبكة أمنية معقدة وحرساً ثورياً شديد المركزية، قد انكشفت بهذا الشكل، فكيف يكون حال دولة ناشئة ما تزال في طور التأسيس وإعادة البناء؟

سوريا الجديدة، التي تتشكل من رحم صراعات ومعاناة طويلة، تجد نفسها أمام تحدٍ وجودي: هل تكرّر أخطاء الأنظمة السابقة في الارتهان للمحاور الإقليمية، أم تؤسس لنموذج سياسي مستقل، تتجذر فيه الوطنية قبل أي تحالف؟

اليوم، لم تعد سوريا تدور في فلك طهران وموسكو ، ولم تعد ساحة مفتوحة للنفوذ الإقليمي غير المنضبط وإن كانت تميل لجهات إقليمية جديدة مثل أنقرة. السلطة السياسية الجديدة، تتبلور في ظل فراغ سياسي وأمني معقد، حتى مع المساعي الديبلوماسية للخارجية السورية لكسب ثقة المجتمع الدولي ومع التشديد من قبل السلطة لا مكان للأذرع الأمنية والعسكرية التي تعمل خارج مؤسسات الدولة.

لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في المواقف المعلنة، بل في التفاصيل الخفية. الخطر الأكبر ليس في التحالفات الظاهرة، بل في الاختراقات الصامتة التي تنخر في جسد الدولة من الداخل. تجربة إيران أثبتت أن الأجهزة قد تُخترق، وأن القيادات قد تُستهدف، وأن الخطر قد يأتي من داخل المؤسسة لا من خارجها.

لذلك، فإن الواجب الأول على صانعي القرار في سوريا الجديدة هو بناء جهاز أمني وطني متماسك، مستقل، غير تابع، وغير قابل للاختراق. جهاز تكون ولاءاته للدولة السورية فقط، وليس لأي محور أو طرف خارجي، أياً كان.

إن ما يحدث في طهران يجب أن يُقرأ كدرس تحذيري، لا كمجرد خبر عابر في النشرات السياسية. الاختراق لا يبدأ بزرع عميل، بل بالإهمال، بالثقة العمياء، وبالتساهل مع الهشاشة المؤسساتية.

سوريا اليوم أمام مفترق طرق حقيقي:

إما أن تستفيد من ما يحصل حولها، فتُعيد بناء منظومتها الأمنية والسياسية على أسس صلبة ومستقلة، أو تسير في طريق التبعية والاختراق، وتواجه المصير ذاته، ولو بعد حين.

الرهان اليوم ليس على الخطابات، بل على القدرة على الإجابة عن أسئلة بسيطة وخطيرة : من يحكم؟ من يراقب؟ من يحمي؟ ولمن يدين بالولاء؟

فالدولة لا تُبنى بالشعارات، بل بمنظومة حماية قادرة على صد العدو الخارجي... والأخطر: الداخلي.

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

   

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق