نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما المغزى السياسي من تدشين إذاعتين بالجنوب الغربي الصحراوي الجزائري؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 04:13 صباحاً
في إطار دعم مؤسسات الإعلام الجزائري، دشن وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان، الأسبوع الماضي، إذاعتين جهويتين في كل من محافظتي (ولايتي) بشار وبني عباس الصحراويتين المتاخمتين للحدود المغربية والموريتانية.
وفي هذه المناسبة، ألقى الوزير مزيان كلمة شدّد فيها على أهمية هذا الحدث الإعلامي الجهوي، وأبرز أن الهدف من ورائه هو "تعزيز خدمة الإعلام العمومي وتطويرها وضمان حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة أينما كانوا"، و"تطوير هياكل هذه الوسيلة الإعلامية وعصرنتها".
في هذا الشأن، ينبغي التذكير بأن السلطات الجزائرية تمكنت خلال السنوات الماضية من تأسيس كثير من الإذاعات المحلية الناطقة باللغتين العربية والأمازيغية في معظم المحافظات (الولايات) الجزائرية، وكان الشعار المرفوع هو تقريب هذه المؤسسات الإعلامية المسموعة من المواطنين وترسيخ "دمقرطة" الإعلام السمعي على مستوى الجزائر العميقة.
ولكن ينبغي الإشارة بسرعة إلى بعض العراقيل التي تعاني منها هذه الإذاعات الجهوية مثل الاصطدام بتحديات عدة، منها على سبيل المثال ضعف قدرتها على منافسة منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتميز بالسرعة في نشر المعلومات وتوصيلها إلى المواطنين عبر الجغرافية الجزائرية الشاسعة جداً، أما التحدي الثاني فيتمثل في ندرة توزيع برامج هذا النوع من الإذاعات في مواقع شبكة الإنترنت.
وفي الحقيقة، فإن هذه الإذاعات المحلية تحتاج إلى ضخ موازنات مالية كافية لتمكينها من أداء عملها الإعلامي الميداني، وبخاصة القيام بمسح عام للكنوز الثقافية والفنية والسياحية والحضارية والتقاليد الاجتماعية التي تزخر بها منطقة الجنوب الغربي الجزائري، ومنطقة الطاسيلي التي تعتبر متحفاً حضارياً مفتوحاً على الهواء الطلق وله قيمة عالمية، وتقديم كل ذلك إلى المستمع الجزائري وللمستمعين بدول الجوار.
ولإنجاح هذه المهمة ثمة من يلح على ضرورة تركيز نشاط هذه الإذاعات الجهوية بالجنوب الصحراوي الجزائري من أجل تحقيق هدف بناء جسور التلاقح الثقافي والفني والاجتماعي مع دول الساحل الأفريقي، من خلال تقديم عناصر الثقافة الجزائرية إلى شعوب هذه الدول، وكذلك نقل صور حية بشكل دائم عن حياة مواطني هذه الدول وثقافاتهم وفنونهم بشكل متواصل وتقديمها بالتالي إلى المواطنين الجزائريين ليتفاعلوا معها ولينهلوا منها.
وفي الحقيقة، فإن سكان الشمال والشرق الجزائريين يجهلون الكثير في ما خص المكونات الثقافية والفنية والحضارية التي تزخر بها دول الساحل الأفريقي مثل السنغال، وغامبيا وبوركينا فاسو، ومالي وتشاد والنيجر، ويطاول هذا الجهل ثقافات وفنون غالب دول الاتحاد الأفريقي مع الأسف.
والحال، فإن الإذاعات الجهوية الجزائرية في حاجة ماسة إلى تفعيل دورها كقوة ناعمة، وذلك للمساهمة في نسج علاقات التواصل الجدي مع شعوب الدول المجاورة للجزائر سواء في المنطقة المغاربية أو في الجوار الأفريقي معاً، وفي هذا الصدد يقترح خبراء إعلاميون جزائريون العمل بآلية تأسيس التوأمة بين الإذاعات الجهوية الجزائرية التي تنشط في صحراء الجزائر الكبرى وبين إذاعات الدول المجاورة.
في هذا السياق، يأمل مراقبون جزائريون متخصصون بالشأن الإعلامي الوطني ألا يكون اهتمام وزارة الاتصال الجزائرية بمحافظتي بشار وبني عباس الصحراويتين مجرد رد فعل سياسي براغماتي موقت، على المشكلات والتوترات الساخنة التي ما فتئت تشهدها الجغرافيا الممتدة من أقصى الغرب الجزائري إلى عمق الفضاء الجنوبي الصحراوي، وبخاصة انتشار آفة المخدرات وذيول الأزمة التي ما فتئت تعقّد علاقات الجزائر مع محور دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
0 تعليق