نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إحساس واحد - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 02:08 مساءً
ريمون مرهج
شعر أنها ليست بخير وليست هذه المرة الأولى ولكنها المرة الأكثر خطراً عليها والأكثر إيلاماً لروحها، هو إحساس الطائر الأمين الذي لا يخيب دوماً معها ويدرك في اللحظات الحاسمة ما هو حالها.
انتفض من كبوة الركود، نفض عنه ركام السكوت والغربة ومزق شباك الانتظار وأدرك أنه أحياناً لا يجب الامتثال لما تطلب منه فمن الممكن أنها تتوجع بصمت ولا تبوح له بأيٍ من ألامها. نهل جرعة من جنون حبه وحلق نحوها ثم حطّ بالقرب منها وألقى التحية عليها فردت السلام بتأفف وسألته ماذا يريد منها فكان جوابه أن تكون بخير. صمتت قليلاً ثم أردفت قائلة: ما همك إن كنت بخير أم لا؟ لا تحدثني فما بيننا قد انتهى منذ سنين وأود أن تبتعد عني. فكرر سؤاله دون أن يكترث لحديثها فهو كان يدرك جيداً أن ما تتكلم به ليس من أعماق قلبها بل لكي لا تتعبه ولا تسبب لنفسها القلق والوجع. يلحُ عليها مجدداً محاولاً أن يبعث فيها الأمان فترضى أحياناً وتسرب بعضاً من هواجسها بتردد وحذر ولكي تثبت له عن مدى حبها الكبير دون أن تنطق بكلمة "أحبك".
تعود مجدداً الى ظلمة الهلع والقلق من المجتمع ومعتقداته وأحكامه المستبدة في حق المرأة فتصمت مرة أخرى ويسود سكون تهمس في أرجائه نسائم روحهما الواحدة ثم تنتفض الكلمات من ثغر الطائر الأمين لتذكرها بعهدهما معاً ورابطهما المقدس ووصايا نقشتها هي في فؤاده لتبقى راية في مسيرة حياته ويحيا حبهما للأبد في أعماقهما مهما فرقتهما الظروف وأبعدتهما المسافات بالرغم من قساوة العيش إلا أنهما يتنفسان من رئة عهد حبهما الوجداني الطاهر الأزلي. ما بينهما أكبر وأعظم من أي علاقات عرفتها البشرية جمعاء منذ القدم ولغاية الحاضر الذي يعيشونه. ما بينهما تكلل تحت صفاء السماء النقية وبنار الشمس المبجلة وعلى وقع ترانيم الملائكة وتغاريد الطيور وتزيّن بأزهار الطبيعة البرية الحرة وتعطر بنسائم الحرية المنعشة لقلبيهما ثم ختما زفاف اتحادهما بتوقيع عبارة "أنا هو وهو أنا" على كف يد كل منهما وبقبلة الروح الطاهرة.
هما معاً يشعران ببعضهما في اللحظات العسيرة مهما ابعدتهما المسافات ومهما حجبت حالة الأمر الواقع في بيئتهما عن رؤية بعضهما. فحينما يكون أحدهما في خطر تخفق الأحاسيس وينتفض الآخر ليتحرى ويستكشف كالمجنون لينقذه من كل يأس وخطر داهم تتعرض له روحهما. فمعاً لا مستحيل ومعاً يكملان بمبادئهما رحلة العمر ومعاً لا يقوى عليهما العالم أجمع.
0 تعليق