الذكاء الاصطناعي الإيراني يُربك دفاعات تل أبيب: صواريخ تخطط وتراوغ وتنفّذ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي الإيراني يُربك دفاعات تل أبيب: صواريخ تخطط وتراوغ وتنفّذ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 02:53 مساءً

بعد الهجوم الجوي الإسرائيلي واسع النطاق على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران ليلة 12 إلى 13 يونيو/حزيران 2025، ردّت طهران بسلسلة ضربات صاروخية غير مسبوقة في نوعها، لا من حيث العدد فقط، بل من حيث التقنية المستخدمة. إذ أطلقت صواريخ مدعومة بخوارزميات ذكاء اصطناعي قتالي، قادرة على اتخاذ قرارات لحظية أثناء الطيران، ما أربك منظومات الدفاع الإسرائيلية والأميركية المتطورة، وأعاد رسم مشهد جديد في الحروب الجوية.

 

في هذه المواجهة، لم تكن الصواريخ مجرد أدوات قصف، بل وحدات هجومية ذكية "تفكّر " وتراوغ وتنفّذ   دون تدخل بشري مباشر، في سابقة تنذر ببدء عصر جديد من التسلّح الذكي.

 

صواريخ توجَّه ذاتياً بدقّة عالية

بحسب تقرير نشرته مؤسسة Cybersecurity Intelligence في فبراير 2025، أظهرت إيران خلال مناورات عسكرية في الخليج استخدام صواريخ مزوّدة بخوارزميات ذكاء اصطناعي ضمن أنظمة التوجيه، بهدف تحسين دقة الاستهداف وزمن الاستجابة. وتشير تصريحات رسمية من الحرس الثوري إلى أن الصواريخ الحديثة أصبحت "مدفوعة بالذكاء الاصطناعي"، ما يتيح لها تحليل المعطيات البيئية والتشويش الراداري أثناء التحليق.

 

ووفق تقديرات عسكرية، فإن صواريخ مثل "فتاح‑1" و"قاسم بصير" تجمع بين السرعة العالية – التي يُعتقد أنها تصل إلى سرعات فرط صوتية (ربما تتجاوز Mach 10) – وبين إمكانات مناورة محسّنة تجعل اعتراضها أكثر صعوبة. ورغم عدم توفّر تفاصيل دقيقة حول طبيعة الذكاء الاصطناعي المستخدم، يُعتقد أن قدرته على تعديل المسار في الزمن الحقيقي قد تمكّنه من التصرف بطريقة "شبه مستقلة"، بما يشبه اتخاذ قرارات لحظية محدودة في إطار المهمة المبرمجة مسبقًا.


كما أن هذه الصواريخ مزوّدة بأنظمة توجيه حراري–بصري (electro-optical/IR seekers)، وهي تكنولوجيا تتيح للرأس الحربي تمييز الهدف والتحرّك نحوه بدقة دون الاعتماد على مركز قيادة خارجي، ما يعزز مفهوم "الوحدة الهجومية الذاتية" بشكل جزئي.

 

 

خوارزميات الدفاع... تتعثّر
رغم تطوّر الخوارزميات التي تستخدمها منظومات الدفاع الجوية مثل Kalman Filter أو أنظمة التتبع الفوري، فإنها صُممت للتعامل مع أهداف تتبع مساراً شبه منتظم. في المقابل، فإن الصواريخ الإيرانية الذكية تغيّر مسارها باستمرار، وتراوغ الأنظمة الدفاعية بنفس طريقة مراوغة الطائرة لليد التي تحاول الإمساك بها.

 

 

 

 

ووفقاً لتحليلات صدرت عن مؤسسة "راند" (RAND Corporation)، فإن هجمات التشبّع (Saturation Attacks) تُعد من أبرز التحديات التي تواجه أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، سواء من الناحية التقنية أو البشرية. إذ تؤكد المؤسسة أن إطلاق عدد كبير من الصواريخ أو المسيّرات في وقت متزامن يمكن أن يؤدي إلى إرباك منظومات الرادار وأنظمة الاستشعار، والضغط الشديد على قدرات المعالجة الآنية، سواء تلك التي تعتمد على المشغل البشري أو الخوارزميات الدفاعية.

 

ترى مؤسسة RAND أن هجمات التشبع، التي تعتمد على إطلاق عدد هائل من الصواريخ أو المسيّرات دفعة واحدة، يمكن أن تُشعِل أزمة معلوماتية تضغط على أنظمة الاستشعار والرصد، وتستنزف قدرة مراكز القرار البشرية والآلية على التصرف السريع، ما يعزز فرص تفلّت بعض الأهداف من اعترض.

 

اللعب تحت عتبة الرادار

جزء من التحدي الذي واجهته منظومات الدفاع الإسرائيلية والأميركية في التصدي للصواريخ الإيرانية الحديثة لم يكن محصوراً في عددها أو سرعتها فحسب، بل أيضاً في نمط تحليقها. فبعض هذه الصواريخ، مثل "فتاح-1" الفرط صوتي و"قاسم بصير" عالي الدقة، يُعتقد أنها تمتلك قدرات مناورة على ارتفاعات عالية داخل الغلاف الجوي، ما يعقّد عملية التعقب ويقلص من نافذة الإنذار المتاحة.

رادارات متطورة مثل AN/TPY‑2، المستخدمة ضمن منظومة "ثاد"، صُممت لرصد أهداف على ارتفاعات تصل إلى 100 كيلومتر وأكثر، إلا أن التحدي يكمن في سرعة الصواريخ العالية وتغيّر مسارها المفاجئ، وهو ما قد يضغط على زمن رد الفعل ويحدّ من دقة الاستجابة في اللحظات الحرجة.


وعليه، فإن الخصائص التقنية للصواريخ – مثل المناورة والسرعة الفائقة – تُعد من العوامل الرئيسية التي تفسر وصول بعض المقذوفات إلى العمق الإسرائيلي خلال الموجات الأولى من الهجوم، دون أن يعني ذلك بالضرورة عجزًا كليًا في أداء منظومات الدفاع المتعددة الطبقات، بل تعكس طبيعة التهديد المتطور الذي يواجه هذه الأنظمة.

 

 

التشويش والإغراق: الذكاء الاصطناعي لا يعمل وحده

إلى جانب استخدام أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في التوجيه والتحكم، اعتمدت إيران في بعض هجماتها على ما يُعرف بتكتيك "الإغراق الدفاعي" (defensive saturation)، عبر إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ والطائرات المسيّرة في وقت متزامن. هذا الأسلوب يهدف إلى تجاوز قدرة منظومات الدفاع الجوي على التعامل مع الكمّ، حيث يتم خلط الأهداف الحقيقية بأهداف وهمية أو شِراك خداعية، مما يربك أنظمة الرصد والتصنيف.

في هذه الحالات، لا يكمن التحدي فقط في الكم، بل في سرعة اتخاذ القرار من قِبل أنظمة الدفاع المتعددة مثل "آرو" و"ثاد"، خاصة عندما يتم الضغط عليها بزخم كبير في فترة زمنية قصيرة. وقد أشار تحليل في موقع Breaking Defense إلى أن التحديات المستقبلية أمام الدفاعات الجوية لا تتعلق فقط بتطوير اعتراضات دقيقة، بل أيضاً بقدرتها على التعامل مع سلوكيات معقدة وقرارات تكتيكية قد تُدمج في الطائرات المسيّرة أو الصواريخ المتقدمة، والتي تتحكم بها برمجيات شبه ذاتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.


وعلى الرغم من أن الأنظمة الدفاعية مثل "ثاد" و"آرو" تمتلك تقنيات متقدمة في الاعتراض، إلا أن التنسيق الكثيف بين الإغراق الكمي والتكتيك الخداعي يمكن أن يقلل من كفاءتها، خصوصاً في لحظات الضغط القصوى. وهذا لا يعني فشلها، بل يعكس التطور المستمر في طبيعة التهديدات الحديثة، حيث أصبح السلاح أكثر قدرة على التحايل، لا على الاختراق فقط.

 

 

نحو جيل جديد من الحروب
ما شهدته الأيام الأخيرة هو أكثر من مجرد تبادل ناري. إنها إشارات واضحة على دخول الحروب الجوية مرحلة جديدة، يكون فيها العنصر الحاسم ليس نوع الصاروخ أو سرعته فقط، بل قدرته على التفكير والتحايل على أنظمة الدفاع.

 

وبينما كانت الأنظمة الدفاعية الأميركية والإسرائيلية تُبنى لحماية السماء من أجسام محددة المسار، أصبحت اليوم في مواجهة خصم غير ثابت، لا يتبع نمطاً، ولا يُدار من بعيد.

كما أشار تقرير من National Defense University Press، فإن المرحلة القادمة من الردع الجوي لن تكون ممكنة إلا عبر "إدماج الذكاء الاصطناعي داخل الأنظمة الدفاعية نفسها، لضمان استجابة آنية مرنة تواكب تغيرات الهدف".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق