خامنئي في مواجهة الوجود.. الضربات الإسرائيلية تهدد أركان النظام الإيراني - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خامنئي في مواجهة الوجود.. الضربات الإسرائيلية تهدد أركان النظام الإيراني - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 11:35 مساءً

يواجه المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي (86 عاماً)، أزمة وجودية غير مسبوقة خلال مسيرته التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود على رأس هرم السلطة في الجمهورية الإسلامية. ف

ينما نجح سابقاً في تجاوز عقوبات دولية خانقة واحتجاجات داخلية قمعها بعنف، وتوتر شبه دائم مع الغرب، تهدد الضربات الإسرائيلية المباشرة والعلنية داخل الأراضي الإيرانية بتقويض أركان النظام ذاته وتهديد سلامة خامنئي الشخصية، في لحظة بالغة التعقيد تتزامن مع تقدمه في السن واشتداد التنافس على خلافته.

الخميني و استراتيجية "الدفاع الأمامي"

تولى خامنئي منصب المرشد الأعلى خلفاً لآية الله روح الله الخميني عام 1989، بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية مباشرة. قاد منذ ذلك الحين البلاد عبر عواصف جيوسياسية متلاحقة، فرضت خلالها الولايات المتحدة وحلفاؤها سلسلة متصاعدة من العقوبات الاقتصادية والمالية والعسكرية الشديدة، مستهدفة برنامج إيران النووي ودعمها لأنشطة إقليمية و"إرهابية" حسب وصفهم، مما أضعف الاقتصاد الوطني وأثَّر سلباً على معيشة المواطنين.

 كما واجه موجات متكررة من الاحتجاجات الشعبية، كان أبرزها حركة "السترات الخضراء" عام 2009 التي اندلعت إثر انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وحركة "امرأة، حياة، حرية" عام 2022-2023 التي تفجرت بعد مقتل الشابة مهسا أميني، وقمعت بوحشية من قبل قوات الأمن والحرس الثوري. 

اعتمد خامنئي طوال هذه الفترة استراتيجية "الدفاع الأمامي"، التي تقوم على تصدير الثورة ودعم وكلاء إقليميين أقوياء مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وميليشيات في العراق وسوريا، لمواجهة أعداء إيران – خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل – بعيداً عن حدودها، مما ضمن لها نفوذاً إقليمياً واسعاً مع تجنب المخاطر الكارثية لمواجهة مباشرة.

نقطة تحول خطيرة في طبيعة التهديد

غير أن الضربات الجوية الإسرائيلية المباشرة والمتزايدة في الجرأة على الأراضي الإيرانية، والتي بلغت ذروتها بغارة استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق أسفرت عن مقتل شخصيات عسكرية رفيعة المستوى مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة وقائد الحرس الثوري، تلتها ضربات على مواقع داخل إيران نفسها (مثل إصفهان)، تمثل نقطة تحول خطيرة في طبيعة التهديد. 

نجحت إسرائيل في اختراق الدفاعات الإيرانية وإلحاق ضربات موجعة في عمق الجغرافيا الإيرانية أو على مقربة شديدة منها، مما يهز صورة القوة والمنعة التي يسعى النظام لترسيخها داخلياً وخارجياً. كما أظهرت هذه العمليات قدرة استخباراتية إسرائيلية عالية الدقة على تتبع واغتيال كبار القادة العسكريين والأمنيين الإيرانيين، مما يطرح سؤالاً مقلقاً في طهران حول إمكانية أن يصبح المرشد الأعلى نفسه هدفاً قابلاً للتحقيق. 

خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي

هذا الخطر تعززته تصريحات إسرائيلية علنية غير مسبوقة، حيث كشف مسؤول أمريكي رفيع أن الرئيس دونالد ترامب عارض خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي، ليتلو ذلك تصريح صريح من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن اغتيال المرشد "سيضع حداً للنزاع"، ويتبعه تهديد مباشر من وزير الدفاع يوئاف غالانت: "سنضرب الديكتاتور الإيراني أينما كان". هذه الجرأة في التصريح العلني تجعل التهديد ملموساً ومباشراً.

يضع هذا المشهد خامنئي أمام معضلات استراتيجية شائكة في ظل ظروف داخلية هشة. الباحث أراش عزيزي من جامعة بوسطن يشير إلى أن خامنئي، في خريف عمره، لم يعد يمسك فعلياً بكل خيوط القيادة اليومية، التي أصبحت موزعة بين فصائل متنافسة داخل النظام (بين المحافظين المتشددين والبراجماتيين ونخب الحرس الثوري) تتسابق على ترتيب أوراقها لما بعد عهده، وأن الضغوط الحالية تعمل على تسريع وتيرة هذا التنافس الخفي. ويواجه المرشد.

 كما يرى كريم سجادبور من معهد كارنيغي للسلام الدولي، "معضلة افتعلها بنفسه" حيث يفتقر الآن للبصيرة الجسدية والمعرفية لقيادة حرب تكنولوجية متطورة. فأي رد إيراني يحمل مخاطر جسيمة: فلو كان الرد ضعيفاً، سيعزز صورة الضعف ويقوض سلطة النظام وهيبته ويشجع إسرائيل على المزيد من التصعيد. 

مسألة الخلافة الملحة

ولو كان الرد قوياً أو مباشراً، فقد يجر إيران إلى مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل وحلفائها، ذات عواقب غير متوقعة قد تهدد استقرار وبقاء النظام ذاته.

 يضاف إلى ذلك الضغط المتزايد على مسألة الخلافة الملحة، فالقرارات التي يتخذها خامنئي الآن بشأن إدارة الأزمة والرد على إسرائيل ستحدد بشكل كبير المشهد السياسي الذي سيخلفه، وقد تحسم الصراع الداخلي الخفي لصالح فصيل معين داخل المؤسسة الحاكمة.

ضربات جوية متطورة داخل العمق

يشير العديد من المحللين إلى أن الضربات الإسرائيلية المباشرة تنذر بنهاية فعالة لاستراتيجية خامنئي طويلة الأمد في إبقاء المواجهة بعيداً عن الحدود الإيرانية.

 يعلق جايسون برودسكي، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران نووية"، قائلاً: "اعتد خامنئي بإبقاء النزاعات بعيداً من حدود إيران منذ توليه القيادة العليا عام 1989... إذاً فإن خامنئي أخطأ بصورة فادحة في حساباته". ففشل الردود الإيرانية السابقة، مثل قصف إسرائيل بالطائرات المسيرة والصواريخ في أبريل 2024 والضربات عبر الوكلاء، في ردع إسرائيل، بل فتح الباب أمام تصعيد مباشر أكثر خطورة على الأراضي الإيرانية نفسها. 

ويستحضر برودسكي تشابهاً تاريخياً مع أوائل الثمانينيات، عندما شهدت إيران اضطرابات عنيفة واغتيالات لقيادات عليا كالرئيس محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهونار، وإصابة خامنئي نفسه (عندما كان رئيساً) في محاولة اغتيال عام 1981، متوقعاً أن يسترشد المرشد بهذه التجربة. لكنه يحذر من أن "ما نشهده اليوم هو بحجم مختلف تماماً، ويحصل بوتيرة تهدد بتخطي قدرة طهران تماماً"، نظراً لطبيعة التهديد المتمثلة في ضربات جوية متطورة داخل العمق والتصريحات العلنية غير المسبوقة باستهداف شخصه.

أزمات اقتصادية حادة وتوترات اجتماعية متصاعدة

تأتي هذه الأزمة الأمنية في وقت تعاني فيه إيران أصلاً من أزمات اقتصادية حادة وتوترات اجتماعية متصاعدة.

 الباحثة هولي داجريس من معهد واشنطن تلاحظ: "الواقع أن الضربات أججت توترات قائمة، وكان كثير من الإيرانيين يريدون زوال الجمهورية الإسلامية، لكن معظمهم لا يريدون أن يكون ثمن تحقيق ذلك إراقة الدماء والحرب، وهذه نقطة أساسية". ورغم بث بعض القنوات الفارسية المعارضة في الخارج مشاهد لهتافات معادية لخامنئي، لم تشهد المدن الإيرانية حتى الآن احتجاجات حاشدة واسعة النطاق رداً مباشراً على الضربات الإسرائيلية. ويحذر أراش عزيزي من التوقعات المتفائلة بتغيير سهل: "فكرة أن يفضي الوضع إلى انتفاضة شعبية تغير النظام أو تعطي السلطة لشخصية من المعارضة الإيرانية في الخارج، لا تستند إلى الواقع"، مشيراً إلى أن الخوف من الفوضى والعنف الأهلي والتدخل الخارجي يظل عاملاً كابحاً رئيسياً في سلوك الشارع الإيراني.

تفجير النظام من الداخل عبر تصعيد الضغوط العسكرية

يبدو أن القيادة الإسرائيلية، من خلال تصريحات نتنياهو، تضع هدفاً يتجاوز الردع العسكري التقليدي. فقد ألمح نتنياهو في مقابلة مع "فوكس نيوز" إلى أن الضربات قد تؤدي إلى "تغيير النظام"، معتبراً أن "80% من الشعب سيطردون رجال الدين الأوغاد".

 وعند سؤاله بشكل مباشر عن خطط لاغتيال خامنئي، أجاب بشكل مكثف وغامض: "نفعل ما علينا أن نفعل، وسنفعل ما علينا أن نفعل"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن ذلك يصب في مصلحتها. 

هذا يشير إلى أن إستراتيجية إسرائيل قد تتطور نحو محاولة تفجير النظام من الداخل عبر تصعيد الضغوط العسكرية والاقتصادية والنفسية إلى أقصى حد، ربما بدعم أو شبه دعم لانقلاب داخلي كما يلمح عزيزي، أو بمواصلة الاغتيالات على أمل زعزعة الاستقرار. 

بيد أن تحقيق "تغيير النظام" في مجتمع معقد مثل إيران، وفي ظل بنية قوية ومتماسكة للحرس الثوري والأجهزة الأمنية الموالية للنظام، يبقى هدفاً غاية في الصعوبة والتعقيد، وتبعاته غير مضمونة وقد تؤدي إلى فوضى إقليمية أوسع.

==

مصادر التقرير

صحيفة الشرق الأوسط

وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية 

صحيفة الأخبار اللبنانية

مركز الدراسات الإيرانية في بيروت

شبكة الجزيرة القطرية

بي بي سي عربي

موقع ميدل إيست آي العربي

صحيفة القدس العربي

وكالة سبوتنيك العربية

   

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق