نظم المعلومات الجغرافية والذكاء الاصطناعي: تجربة أردنية في تحويل البيانات إلى قرار - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نظم المعلومات الجغرافية والذكاء الاصطناعي: تجربة أردنية في تحويل البيانات إلى قرار - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 08:34 صباحاً

تعكس التجربة الأردنية في إدارة قطاعي المياه والبيئة توجهاً متصاعداً نحو الاعتماد على التكنولوجيا كأداة استراتيجية لتجاوز التحديات، وتطوير سياسات قائمة على المعرفة الدقيقة والتحليل المكاني. هذا التحول لا يُبنى على التصورات النظرية، بل على أدوات مثل نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والذكاء الاصطناعي، التي باتت حاضرة بقوة في المؤسسات الرسمية، وتُستخدم لاتخاذ قرارات تستند إلى بيانات واقعية ورؤية طويلة المدى.

 

أجرت "النهار" مقابلة مع الدكتورة فايزة الشماعين، خبيرة نظم المعلومات الجغرافية ورئيسة وحدة GIS في وزارة المياه والري بمحافظة الكرك، لتسليط الضوء على هذه التجربة التقنية الرائدة، التي تنمو من الميدان وتصل إلى السياسات الوطنية.

البيانات المكانية كأداة تخطيط
توضح الشماعين أن نظم المعلومات الجغرافية لم تعد مجرد وسيلة لرسم الخرائط، بل هي نظام متكامل لجمع وتحليل وإدارة وعرض البيانات المكانية. وتقول إن هذه التقنيات تُستخدم في تحديد أماكن المياه الجوفية والسطحية، وتحليل كمّيتها وجودتها، واختيار المواقع المثلى لحفر الآبار أو بناء السدود ومحطات المعالجة.
وتضيف أن أهمية هذه الأنظمة تتضاعف خلال فترات الجفاف أو الأزمات، حيث تتيح للوزارة تحليل الخيارات المتاحة بسرعة وفاعلية، اعتماداً على معطيات دقيقة.

 

إدارة الشبكات وتقليل الفاقد
أحد أبرز التطبيقات العملية التي تحدثت عنها الشماعين يتعلق بإدارة شبكات المياه والصرف الصحي. فمن خلال نظم GIS، تُرسم خرائط دقيقة للبنية التحتية، وتحديد الأعطال والتسريبات، ما يسهّل توجيه أعمال الصيانة وتخطيط التوسعة بكفاءة.
وترى أن هذه القدرة على التحليل المكاني الدقيق تسهم في خفض الفاقد المائي، وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين، وتحديد أولويات الاستبدال أو الصيانة بناءً على بيانات حقيقية لا على التخمين.

 

 

بُعد بيئي وتحليل الأثر
تشرح الشماعين أن الوزارة تستخدم GIS أيضاً في تقييم الأثر البيئي ورصد مصادر التلوث في المياه والتربة والهواء. وتقول إن هذه الأنظمة تساعد في تحديد المناطق المهددة، ما يسهّل اتخاذ قرارات مثل إنشاء المحميات أو المناطق العازلة.
وكذلك تؤدي دوراً محورياً في مواجهة تأثيرات التغيّر المناخي، من خلال تحليل أثر المناخ على الموارد، وبناء نماذج للتنبؤ بالفيضانات أو الجفاف، ما يدعم سياسات مرنة وتكيفية.

 

نهج مؤسسي قائم على التكنولوجيا
تشير الشماعين إلى أن وزارة المياه والري لا تستخدم هذه الأدوات بشكل محدود، بل دمجتها ضمن خططها الاستراتيجية، من خلال مشاريع مموّلة من جهات دولية مثل GIZ وUSAID وUNDP. وتشمل هذه المشاريع تحسين إدارة الأحواض المائية، وتحليل التوزيع العادل للمياه، وتطوير حلول طويلة المدى.
وتقول: "GIS لم تعد أداة مساعدة، بل أصبحت جزءاً من عملية اتخاذ القرار على أعلى المستويات في الوزارة".

 

 

 

الذكاء الاصطناعي يوسّع الأفق
لم يتوقف التطوير عند GIS، بل بدأت الوزارة والمراكز البحثية الأردنية بالتحول نحو دمج الذكاء الاصطناعي في هذه المنظومات. وتوضح الشماعين أن المركز الجغرافي الملكي الأردني كان من الجهات الرائدة في هذا المجال، من خلال مشاركته في المؤتمر الثاني للذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة في 2023، وورش تدريبية لتعزيز قدرات الموظفين على استخدام AI في العمل المؤسسي.
كذلك أطلقت وزارة المياه والري ورشة توعوية بعنوان "مواطنة الذكاء الاصطناعي – مستقبل قطاع المياه"، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي ومجموعة ستاليون، وشاركت في مؤتمر نظم المعلومات الجغرافية التابع لمعهد Esri في الولايات المتحدة، حيث عرضت تجربتها في استخدام AI لتقليل الفاقد وتحسين إدارة الشبكات

.

 

مبادرات تطبيقية على الأرض
من المبادرات التطبيقية التي تحدثت عنها الشماعين، مشروع التحول الذكي لشركة "مياهنا"، الذي يشمل تركيب عدادات ذكيّة ومحابس تُدار عن بعد، لتحسين توزيع المياه وتقليل الهدر. وتعمل شركة مياه العقبة على مبادرات مشابهة في أتمتة الشبكات.
وتطرقت إلى مشروع حكومي جديد لاستخدام الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الصناعية في تحليل خصوبة التربة وترشيد استخدام المياه، إضافة إلى تدريب فنيين من الوزارة وهيئة وادي الأردن على استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد لتحسين كفاءة الري.

 

 

من الاستجابة إلى التوقع
في ختام المقابلة، تؤكد الدكتورة فايزة الشماعين أن استخدام التكنولوجيا غيّر طبيعة العمل المؤسسي، وتحوّل من الاستجابة إلى القدرة على التوقع، ومن اتخاذ القرار التقليدي إلى صناعة القرار المبني على الأدلة.

وتضيف: "ما ننجزه اليوم في الوزارة ليس مجرد تحسين تقني، بل بناء ثقافة مؤسسية تعتمد على البيانات والتحليل المكاني، من أجل إدارة أكثر عدالة وكفاءة واستدامة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق