نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شادي الصفدي: الدراما ليست للتسلية… بل مرآة للوجع الإنساني - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 09:25 صباحاً
يجيد الصفدي الانتقال بسلاسة بين التمثيل والموسيقى، من دون أن يفقد صدقه أو فرادته. في مقابلة خاصة مع "النهار"، يكشف عن نظرته إلى الفن كرحلة داخلية، ويبوح بشغفه الذي لا يخبو، سواء أمام الكاميرا أم على خشبة المسرح، في أداء لا يبحث عن الأضواء بقدر ما يسعى إلى قول الحقيقة، بصوت عميق وأداء لا يشبه أحدًا.
يستعيد الفنان شادي الصفدي أولى تجاربه الفنية بشغفٍ لا يخلو من الامتنان، ويتوقف عند مشاركته في مسلسل الزير سالم، التي كانت بمثابة الانطلاقة أمام المخرج الراحل الكبير حاتم علي. لم يكن الصفدي يملك الخبرة حينها، لكنه كان يملك الشغف الكافي لاحتضان كلّ تفصيلة في موقع التصوير، والتعلّم من كل كلمة ومشهد. تلك التجربة الأولى لم تكن مجرّد دور عابر، بل كانت البوابة التي فتحت أمامه دربًا طويلًا من الاكتشاف والتكوين الفني.
في رصيده شخصيات عديدة شكّلت معالم هويته التمثيلية، وكل واحدة منها نالت نصيبًا من محبته، إذ يؤمن الصفدي بأن تمثيل أي شخصية لا يمكن أن يتم بصدق إن لم يحبها الممثل بما لا يقلّ عن 80%. من بين تلك الأدوار، يبقى "أبو عدنان" في ضبو الشناتي، و"رشوان" في الواق واق، و"شفيق" في أخيراً وجركسفي العربجي من الأقرب إلى قلبه، بينما يرى في شخصية "سيف" في سوق الحرير صدى خاصًا يلامس شيئًا عميقًا بداخله. ومع ذلك، لكل شخصية تركت أثرًا، ولكل تجربة أضافت بعدًا جديدًا لمسيرته.
رؤية الصفدي للفن تتجاوز الإطار الترفيهي. في نظره، الفن رسالة إنسانية أولًا، وأداة لكشف تعقيدات النفس البشرية، ومقاربتها بطريقة تفتح باب الفهم والتأمل. فالدراما، كما يراها، ليست فقط انعكاسًا للواقع، بل وسيلة تمنح المتلقي أدوات للتعامل مع ذاته وضغوطه. وهي مسؤولية تتطلّب احترامًا عميقًا لمكانة الفن، وحرصًا على عدم تسطيحه أو تحويله إلى مادة استهلاكية مبتذلة.
لكن ما يشهده المشهد الدرامي في السنوات الأخيرة يُقلقه، إذ يرى أن بعض الأعمال أساءت إلى هذه الرسالة، وسخّفت المحتوى، وأساءت إلى صورة الممثل، الأمر الذي لم يمرّ مرور الكرام لا على النقّاد ولا على الجمهور. ويجد في التجارب العالمية نموذجًا مضادًا، حيث يُصان الفن من التبسيط المفرط، ويُعامل بوصفه عنصرًا فاعلًا في الوعي المجتمعي.
ورغم الإحباطات التي قد تعترض الطريق، يؤكد الصفدي تمسّكه بخياره الفني، متمثلًا بعاشق لا يرى في الفن مهنة فقط، بل علاقة قائمة على الشغف والإخلاص. فالفن، بحسب وصفه، مساحة لا تُحتمل إلا إذا كانت العلاقة فيها صادقة، والعطاء غير مشروط.
أما عن النجاح، فلا يُخفي ارتباكه في التعامل معه، إذ يعترف بأنه لا يعرف كيف يستثمره بالشكل الأمثل، رغم فرحه العميق بكل إنجاز يحققه. تجربة أغنية "يا ويل ويلي" كانت محطة مهمة، تعلم منها الكثير، وهو الآن بانتظار أن يطرح عملاً غنائيًا جديدًا حين تسمح الظروف. لديه رغبة واضحة في المحاولة من جديد، وفي اختبار فرص أخرى للتعامل مع النجاح بطريقة أكثر وعيًا واستعدادًا.
وبين الطموح والمخاوف، يقف الصفدي على أرضٍ صلبة. فهو لا يخشى الفشل، ويرى في الخوف مجرّد وهم يعرقل المسار. بالنسبة له، الخوف هو أقصر الطرق للفشل، ومواجهته ضرورة لاستكمال الرحلة.
ختامًا، لا يخفي الفنان السوري أن هناك أدوارًا كثيرة يحلم في أدائها، وأمنيات فنية لم تتحقق بعد، لكن المشوار الطويل لا يخيفه. هو مستعد للمضي قدمًا، خطوة بخطوة، مؤمنًا بأن الزمن جزء من النضوج، وأن الفن الحقيقي لا يتعجل، بل ينضج مع التجارب.
0 تعليق