نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التوتر في الشرق الأوسط... إلى أي مدى قد تستفيد السياحة في شمال أفريقيا؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 08:34 صباحاً
بينما يُلقي عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بظلاله على قطاعات عديدة متسبباً في حالة من عدم اليقين، تبدو دول شمال أفريقيا في موقع أفضل للاستفادة من هذه التطورات. فبينما تعاني الوجهات السياحية التقليدية في المنطقة من تداعيات الاضطرابات، تبرز دول مثل المغرب وتونس كبدائل محتملة قادرة على جذب السياح والاستفادة من هذا التحول.
أرقام مشجّعة
تشير دراسة نشرها البنك الدولي إلى أن منطقة شمال أفريقيا نجحت في الاستفادة من التصعيد الحاصل في الشرق الأوسط. ووفقاً للدراسة، استقبلت دول الشرق الأوسط غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 نحو 2.35 مليوني زائر أوروبي أقل مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. في المقابل، جذبت دول شمال أفريقيا 2.75 مليوني زائر أوروبي إضافي.
ويُعزى هذا الاتجاه، حسب الدراسة، إلى ما يُعرف بـ"أثر الإحلال"، إذ يختار المسافرون وجهات بديلة في شمال أفريقيا تقدّم تجارب مشابهة ولكنها تقع خارج مناطق النزاع.
فرصة واعدة
ويرى عدد من الخبراء أن ما يحدث في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر، وصولاً إلى التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، يشكّل فرصة سانحة لدول شمال أفريقيا للاستفادة على الصعيد السياحي، من خلال استقطاب السياح الذين قد يعدلون عن السفر إلى المناطق المتوترة.
وتقول المحللة الاقتصادية إيمان الحامدي، لـ"النهار"، إن جزءاً من الحجوزات السياحية في دول مثل الأردن ولبنان قد ينتقل إلى شمال أفريقيا نتيجة التصعيد الراهن. وتوضح أن هذه الوجهات تقدّم منتجات سياحية متشابهة، ما قد يدفع منظّمي الرحلات السياحية إلى التفكير فيها كبدائل أكثر أماناً في الوقت الحالي.
وتضيف أن التطورات الأخيرة، وفي مقدمتها إغلاق مجالات جوية في عدد من الدول وتغيير مواعيد الرحلات، سيكون لها تأثير واضح على القطاع السياحي. وتقول: "السائح عادةً ما يبحث عن وجهة آمنة، وما يحدث في الشرق الأوسط قد يفقد بعض الوجهات هناك أسواقها التقليدية".
في المقابل، ترى الحامدي أن السائح الذي خطّط لزيارة منطقة الشرق الأوسط قد يجد بديلاً مناسباً في شمال أفريقيا، مشيرةً إلى أن قرب المسافة والتشابه في طبيعة المنتج السياحي يُشكّلان عامل جذب إضافياً. لكنها تؤكد في الوقت ذاته أن عوامل مثل الأسعار التنافسية، وجودة خدمات النقل، وتوفّر المقاعد الكافية على الرحلات، ستكون حاسمة في مدى قدرة المنطقة على استقطاب هذه الشريحة من السياح.
وتلفت إلى أن التصعيد الأخير يتزامن مع فترة الذروة السياحية في معظم دول الشرق الأوسط والبحر المتوسط، ما يعني أن كثيراً من الحجوزات قد تتحول إلى "حجوزات الساعة الأخيرة"، وهي فئة تتطلب شروطاً خاصة من بينها توفّر عدد كافٍ من الرحلات وأسعار مناسبة.
بدوره، يرى حازم الهمامي، المختص في تنظيم الرحلات، أن شمال أفريقيا أمام فرصة حقيقية لطرح نفسها كوجهة بديلة، في حال استمر التوتر في الشرق الأوسط. ويؤكد لـ"النهار" أن الموسمين السياحيين الأخيرين شهدا أرقاماً جيدة في دول المنطقة، ويضيف: "هناك منافسة قوية مع وجهات مثل الأردن ولبنان وتركيا ومصر، خصوصاً في الأسواق الأوروبية. علينا أن نُقدّم أنفسنا كخيار جاهز إذا ما استمرت حالة عدم اليقين هناك".
المخاوف قائمة
في المقابل، يعبّر بعض المهنيين عن مخاوف من أن تمتد تداعيات الأزمة في الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا، رغم بُعد المسافة واختلاف الظروف. ويعتبر رئيس جامعة وكالات الأسفار في تونس أحمد الطيب أن الحديث عن تأثير مباشر لما يحدث في الشرق الأوسط على السياحة في شمال أفريقيا لا يزال سابقاً لأوانه.
ويؤكد الطيب، في تصريح لـ"النهار"، أن الفاعلين في القطاع يراقبون الوضع بحذر شديد، لافتاً إلى أن القطاع السياحي يتأثر غالباً بمستوى الأمن العام. ورغم أن دول شمال أفريقيا بعيدة جغرافياً عن مناطق التوتر، إلا أن استمرار التصعيد، في تقديره، "قد ينعكس سلباً على صورة المنطقة ككل"، ويوضح: "قد تصدر توصيات عامة بعدم السفر إلى الدول العربية والإسلامية، بذريعة وجود تهديدات محتملة للسياح، وهو ما قد ينعكس على القطاع بأكمله، رغم أن دولاً مثل تونس تُعد وجهة آمنة".
ورغم هذه المخاوف، يشير الطيب إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على نسق الحجوزات حتى الآن بالنسبة لفصل الصيف، معتبراً ذلك "مؤشراً جيداً".
وتعوّل دول شمال أفريقيا على القطاع السياحي الذي يُعد أحد أعمدة اقتصادها، وتسعى جاهدة لتعويض الخسائر التي لحقت به جرّاء جائحة كوفيد-19، وما تلاها من تراجع في المؤشرات. واليوم، تجد هذه الدول نفسها أمام فرصة محفوفة بالتحديات لاقتناص حصة من السياحة العالمية الهاربة من مناطق النزاع.
0 تعليق