لَعبَةَ "الشّدَّة" بين الاُممِ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لَعبَةَ "الشّدَّة" بين الاُممِ - تكنو بلس, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 09:26 صباحاً

ربيع حنا طنوس -   محام بالاستئناف
                                                                        
                                           

في دهاليز العلاقات الدولية لا تُبنى التحالفات ولا تُشنُ الحروب فقط على أساس الأخلاق أو القوانين. بل غالباً ماتُدار اللعبة كما في صالونات "الشّدَّة": أوراقٌ على الطاولةِ انفاسٌ محبوسةٌ، ومناوراتٍ تصاغُ على حوافِ الصمت. كلُ دولةٍ تحتفظ بما في يدها، تُخفي ورقتها الرابحة، وتتظاهر بالضعف احياناً لاختبار نيات اللاعبين الآخرين. لا أحد يكشف أوراقه دفعةً واحدةً، فالخسارة هنا لا تعني مجرد فقدان جولة، بل قد تعني انكساراً في النفوذ، أو تغييراً في ميازين القوى.  مناورة أميركية على طاولة G7
في قمة دول السبع الأخيرة في كندا، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يومٍ من انتهاء القمة، في خطوةٍ بدت كما لو أنه إنسحاب تكتيكي من جولةٍ في لعبة "شدّةٍ" محتدمةٍ. اعلن انه يعود الى وشنطن على خلفية تصاعد التوتر بين اسرائيل وإيران، وان هناك ضرورة ملّحة لعقد إجتماعٍ أمني .
لكن في لعبةٍ كهذه ، ليس المهم ما يُقال، بل ما يُراد إيصاله. فالانسحاب قبل الكشف عن الالتزامات النهائية، كان بمثابة ورقة مناورة أُسقطت بدقةٍ على طاولة التحالفات.
"الشّدَّة" في العلاقات الدولية، لا يحكمها القوي بالعضلات، بل من يمتلك البصيرة، الدولة التي تجيد استخدام أوراقها بدقة، وتعرف متى تخفي ومتى تلوّح.
ترك ترامب مقعده فارغاً، لكن القمة استمرّت وأوروبا تابعت لعبتها بعنايةٍ، معلنة أن العالم لن ينتظر لاعباً واحداً ليتحرك.
ومع ذلك ظل فراغ ذلك المقعد ثقيلاً لأن الجميع يدركون أن في يد واشنطن أوراقا قد تغير قواعد اللعبة بأكملها .
لعبة "الشّدّة" بين الأمم ليست مجرد انعكاس لصراع القوى، بل هي مرآة لذكاء الدول، ولبراعة من يُحّول الورق إلى قراراتٍ، والقرارات إلى واقع جيوسياسيٍّ جديد.
 في زمن تتداخل فيه الأزمات، من الشرق الأوسط إلى شرق أوروبا، ومن ملفات المناخ إلى الذكاء الاصطناعي، فإن الأمم التي تملك أوراقها وتتقن لعبها هي التي ستعيد تشكيل خطوط اللعبة القادمة. فلا عزاء لمن يجلس على الطاولة ولا يجيد اللعب ولا مكان في التاريخ لمن خسر اللعبة لأنه استعجل كشف أوراقه.
                                                                            

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق