نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان بين ألم الماضي وأمل المستقبل - تكنو بلس, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 10:13 صباحاً
ريمي الحويك
لم يكن تاريخ لبنان الحديث إلا سلسلة من الأزمات المُتلاحقة، من الحرب الأهلية في 1975، إلى الإحتلالات والإنقسامات، فالشلل السياسي، فالإنهيار المالي والإقتصادي، وانفجار مرفأ بيروت الذي زاد الجروح عمقًا. واليوم، مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، يطلّ شبح الحرب مجددًا على لبنان، مهدّدًا أمنه واستقراره ومستقبل أبنائه.
ومع كل أزمة، يتجدّد حلم اللبنانيين القديم الجديد، بقيام دولة حقيقية. دولة تحمي، لا تهدّد. تجمع، لا تفرّق. دولة تقوم على الكفاءة لا على المحاصصة، وعلى القانون لا على الزبائنيّة، وعلى المواطَنة لا الطائفيّة. بعد أكثر من خمسين سنة من الأزمات، بات اللبناني يُطالب بأبسط حقوقه، أن يعيش بأمان، وأن يرى أولاده يكبرون في وطن يستحقّهم.
لقد تعب اللبناني من تكرار المشهد, كهرباء مقطوعة، إقتصاد منهار، مستشفيات عاجزة، تعليم مُكلف، وطبقة سياسيّة غارقة في مصالحها. تعب من أن يكون رهينة الأجندات الخارجية وصراعات لا تعنيه. لقد قالها مرارًا في الشارع، نريد دولة.
وهذا المطلب ليس طارئًا، بل هو امتداد لإرث طويل من العطاء اللبناني في كل الميادين. فهذا البلد الصغير لطالما أنجب عمالقة رفعوا إسمه عاليًا في المحافل الدولية. من جبران خليل جبران، أيقونة الأدب العالمي، إلى شارل مالك، واضع شرعة حقوق الإنسان، وغبريال يارد المؤلّف الموسيقي العالمي، وفيروز التي غنّت للبنان الحلم.
من حسن كامل الصباح، رائد الإبتكار والإختراع، إلى غسان تويني الذي خاض معارك الكلمة، وكامل مروّة وأنسي الحاج وبيار صادق الذين رفعوا راية الصحافة والفكر الحر. هو لبنان ميشال شيحا، مفكر الكيان اللبناني، وأمين الريحاني، رسول التنوير، ومي عريضة، روح الثقافة، ووليد عقل راهب البيانو، وإيلي صعب الذي نسج الأرز بالإبرة والخيط .
لبنان ليس بلد أزمات فحسب، بل هو بلد منجزات. بلد يرفض أن يموت. بلد كلّما حاولوا دفنه، نهض بفكرة، بقصيدة، بلحن، بابتكار، بشابّة تؤسّس مشروعًا، أو شاب يحمل حقيبته ليعود ويبني رغم كل شيء.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لبنان بحاجة إلى فرصة. إلى مسؤولين يعترفون بحجم الخطر ويختارون العقل بدل الإنفعال، السيادة بدل التبعيّة، السّلام بدل التصعيد.
إمّا أن نصنع من هذا الرُكام وطناً، وإما أن نترك الريح تسلب ما تبقّى من حكايتنا.
ولبنان، مهما طال ظلّه... لا يزال يستحق النور.
0 تعليق