إغلاق مضيق هرمز ولبنان... ما العواقب وهل الأمن الغذائي في خطر؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إغلاق مضيق هرمز ولبنان... ما العواقب وهل الأمن الغذائي في خطر؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 08:45 مساءً

في ظل تنامي التوتر بين إيران وإسرائيل، يلوح في الأفق خطر تصعيد قد لا تقتصر تبعاته على الجانب العسكري فحسب، بل قد يمتد ليترك آثاراً عميقة على الاقتصاد العالمي. فالمناطق المتأثرة بالصراع تضمّ ممرات بحرية استراتيجية تُعدّ من أهم قنوات التجارة الدولية ومصادر تأمين الطاقة للأسواق العالمية.

 

هذا الصراع لا يُمكن اعتباره مجرد نزاع إقليمي، بل يمثل نقطة التقاء بين المصالح الاقتصادية للدول الكبرى والتوازنات الجيوسياسية الدقيقة. ومع احتمال اتّساع نطاقه، تتزايد المخاوف من اضطرابات قد تمسّ استقرار أسواق الطاقة، سلاسل الإمداد، والأمن الغذائي العالمي.

 

وفي ظلّ ازدياد حدّة التوترات، تجدّدت المخاوف من احتمال أن تلجأ إيران إلى خيار إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعدّ ممراً حيوياً لتصدير النفط عالمياً. ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، النائب إسماعيل كوثري، أن مسألة إغلاق المضيق مطروحة للنقاش، مؤكّداً أن طهران ستتخذ القرار الأنسب بحزم عندما تراه ضرورياً.

 

وأيّ تصعيد في مضيق هرمز لا يمر مرور الكرام على لبنان، إذ يشكّل هذا الممر البحري شرياناً حيوياً لوارداته النفطية. ومع اعتماد لبنان شبه الكامل على استيراد المحروقات، فإن أيّ اضطراب في حركة الملاحة قد يؤدي إلى ارتفاع حادّ في أسعار الوقود وتفاقم أزمته الاقتصادية.

 

سفن في مضيق هرمز (وكالات).

سفن في مضيق هرمز (وكالات).

 

تأثير على لبنان والعالم
في حديثٍ خاص إلى "النهار"، يؤكد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس بو دياب أن "إغلاق مضيق هرمز يؤثّر على أسعار النفط عالمياً، وبالتالي سيتأثّر لبنان تلقائياً بهذا الارتفاع"، مضيفاً: "نحن نستورد النفط من اليونان ومن شركات عالمية، وليس بالضرورة أن يكون اعتمادنا على الإمدادات التي تمر عبر المضيق".

 

ويشير إلى أنه إذا أُغلق مضيق هرمز، "فمن المرجّح أن تتجاوز أسعار النفط حاجز الـ100 دولار للبرميل، مما سيؤدي إلى ارتفاع حادّ في أسعار المحروقات في لبنان".

 

وفي ردّه على سؤال حول إمكانية أن يؤدّي إغلاق مضيق هرمز إلى أزمة أوسع تتجاوز قطاع الوقود، وتمتد لتطال أسعار السلع الأساسية والخدمات في لبنان، يؤكّد بو دياب: "حتماً، نعم"، موضحاً بأن "لبنان يستورد نحو 80 في المئة من حاجاته السلعية، وأسعار هذه السلع سترتفع إذا طرأت مشكلات على سلاسل التوريد، التي ترتبط مباشرة بأسعار النفط والطاقة، التي من المتوقع أن تشهد تصاعدًا كبيراً".

 

ويتابع: "إلى جانب ذلك، ستؤدي الظروف الأمنية المضطربة إلى ارتفاع كلفة النقل والتأمين على الاستيراد، لأننا نقع في منطقة تُعدّ من الأكثر خطورة في ظلّ حالة عدم اليقين".

 

ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن "جميع هذه الارتفاعات ستنعكس مباشرة على أسعار المواد الغذائية الأساسية، مثل القمح والذرة والزيت، وغيرها من السلع الاستراتيجية".

 

ويُمثل مضيق هرمز، الذي يبلغ عرضه نحو 33 كيلومتراً في أضيق نقاطه، منفذاً أساسياً يمرّ عبره ما يقارب خُمس صادرات النفط في العالم، إلى جانب كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال.

 

ويعد المضيق نقطة ارتكاز لاقتصادات دول الخليج المعتمدة على صادرات الطاقة، كما تمر من خلاله واردات الطاقة إلى الأسواق العالمية.

 

محطة محروقات في لبنان (أ ف ب).

محطة محروقات في لبنان (أ ف ب).

 

"انتحار لإيران"
إلى ذلك، يرى أنيس بو دياب أن "إغلاق مضيق هرمز سيؤدي إلى توسع رقعة الحرب، وربما يقود إلى انتحار لإيران"، موضحاً بأن "80 في المئة من صادرات النفط الإيرانية إلى الصين والهند تمر عبر هذا المضيق".

 

ويطرح سؤالاً مهماً: "هل من مصلحة إيران أن تُغلق المضيق على نفسها في ظل هذه الأزمة؟".

 

الإجراءات المطلوبة من الحكومة اللبنانية
في العودة إلى لبنان، وحول كيفية الاستعداد لمثل هذا السيناريو الجيوسياسي، يتحدّث الخبير الاقتصادي لـ"النهار" عن أن "مخازن القمح في مرفأ بيروت معطلة بسبب الانفجار، كما أن هناك صعوبة في تخزين النفط والمحروقات لأكثر من أسبوعين بسبب الأزمة النقدية والمالية".

 

وبحسب بو دياب، فإن "أمد الحرب لن يطول"، مضيفاً: "لكن إذا طال أمدها وتعددت الأزمات، فإن أحد الحلول الممكنة للبنان هو الاستيراد عبر البر من الخليج العربي، وتحديداً من السعودية".

 

مواد غذائية في لبنان (وكالات).

مواد غذائية في لبنان (وكالات).

 

أزمة غذائية في لبنان؟
في ظل الانهيار الاقتصادي المزمن الذي يعصف بلبنان منذ أعوام، تبدو تداعيات أي تصعيد عسكري في محيطه الإقليمي أكثر وطأة من أي وقت مضى. ومع اندلاع المواجهة بين إسرائيل وإيران، يجد اللبنانيون أنفسهم مرة جديدة أمام موجة من الترقب والخوف، إذ إن الانعكاسات المحتملة لا تقتصر على الأمن فقط، بل تمتد لتطال الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي برمّته، في بلد هشّ لم يتعافَ بعد من أزماته المتراكمة.

 

في هذا الإطار، وحول الخطر على الأمن الغذائي، يطمئن رئيس نقابة مستوردي الموادّ الغذائية هاني بحصلي، في حديثٍ إلى "النهار"، المواطنين اللبنانيين، إلى أنه "رغم إلغاء بعض الرحلات الجويّة بسبب القصف، فإن الخطوط البحرية لم تتوقّف"، مضيفاً: "حتى الآن، تسير الأمور بشكل طبيعي، لذلك لا داعي للتخزين أو لاتخاذ إجراءات احترازية".

 

ورغم هذا الاطمئنان، يشدّد على أن "ما يحدث يُعدّ تطوّراً عالمياً، ولا يمكن التنبؤ بما قد يحصل، فقد يتمّ استهداف مضيق هرمز أو انقطاع الإمدادات، وفي هذه الحالة، لن يقتصر التأثير على لبنان فحسب، بل سيطال العالم بأسره"، مشيراً إلى أنه "من الأفضل أن نكون في حالة ترقّب، وألا نستبق الأحداث".

 

ويكشف بحصلي لـ"النهار" أن "لبنان يملك مخزوناً كبيراً من المواد الغذائية، يكفي لتلبية حاجات الاستهلاك المحلي لمدة تقارب الثلاثة أشهر".

 

في ظل الأزمات الإقليمية المتصاعدة والتحديات الاقتصادية المستمرة، يبقى لبنان أمام معادلة صعبة تتطلب الحذر والاستعداد الدائم. فالتقلبات في أسعار النفط، وتعطّل سلاسل التوريد، ليست مجرد أرقام على الورق، بل لها انعكاسات مباشرة على حياة المواطنين اليومية، خصوصاً في قطاعي الغذاء والطاقة.

 

ومع ذلك، تبقى قدرة لبنان على مواجهة هذه التحديات مرتبطة بمدى استمراره في بناء مخزون استراتيجي، وتعزيز خياراته في الاستيراد والتخزين، إلى جانب تكاتف الجهات المعنية لتفادي الانزلاق في أزمات أوسع.

أخبار ذات صلة

0 تعليق