نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عودة الحديث عن تكرار سيناريو تفجيرات "البيجر" في لبنان عبر الأجهزة الذكية... بين التّهويل والحقائق العلميّة - تكنو بلس, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 10:53 مساءً
فيما يحبس العالم أنفاسه، والشرق الأوسط تحديداً، ترقّباً لما ستؤول إليه الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، وما قد يتدحرج عنها من سيناريوهات، عاد لبنان إلى صدارة المشهد؛ سواء من خلال الحديث عن احتمال دخول “حزب الله” في المواجهة، أو عبر تصاعد المخاوف من هجمات سيبرانية قد تطال هواتف اللبنانيين وأجهزتهم الذكية، وسط حالة من الذعر والتهويل تجاوزت حدود المقاطع الصوتية والرسائل المنتشرة، إلى حدّ ذهاب البعض إلى فراشه من دون هاتفه المحمول!
شائعات التفجير
أُعيد فتح كابوس “تفجيرات البيجر” في المخيلة اللبنانية. فقد انتشر صباح اليوم مقطع صوتي يدّعي صاحبه أن “انفجاراً طال أحد الهواتف المحمولة في مخيّم البص في مدينة صور، في يد أحد الفلسطينيين”، مدّعياً أن “الشاب قام بفتح رابط أُرسل إليه عبر رسالة قبل أن ينفجر الهاتف بيده”.
يقول صاحب المقطع الصوتي إن "الشاب قام بفتح رابط كان قد وصل كرسالة على هاتفه قبل أن ينفجر الهاتف بيده".
هذا التسجيل لم يكن الوحيد. فقد انتشر مقطع آخر تقول فيه سيدة: “عنا بالحارة، عمر الشمّى انفجر التلفون بإيده بعد دخوله إلى أحد الروابط”، ليتبيّن لاحقاً أن ما حصل هو انفجار قنبلة يدوية، لا علاقة له بأي جهاز ذكي.
كما انتشرت تسجيلات أخرى تحذّر من تصريحات نُسبت إلى السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، تحدّث فيها عن “مفاجآت ستجعل من عملية البيجر ضد حزب الله في لبنان تبدو سهلة”، ما فتح الباب واسعاً أمام الشائعات والمخاوف من “روابط ملغومة” واختراقات شاملة لبيانات الهواتف، خصوصاً في لبنان وإيران واليمن.
الكاميرا التي انفجرت في الهرمل (مراسلة النهار)
وتزامن ذلك مع انفجار وقع في مدينة الهرمل، طال عدداً من ماكينات الراوتر الموصولة بكاميرات مراقبة، ليتبيّن لاحقاً أنه ناجم عن ماس كهربائي، لا عن هجوم إلكتروني أو تفجير متعمّد.
تهويل
في حديث إلى “النهار”، يؤكد خبير الحوكمة الرقمية، ربيع بعلبكي، أن الهواتف الذكية لا تنفجر بهذه الطريقة، وكل ما يُتداول من تسجيلات ليس إلا شائعات مفتعلة لا تستند إلى أسس علمية.
وأوضح أن “تفجيرات البيجر” جرت نتيجة تفخيخ بطاريات بأكثر من 3.5 غرامات من المتفجّرات، زُرعت في أجهزة بيجر اشترتها جهات تابعة لحزب الله من مورد خارجي، وتبيّن لاحقاً أنها زُوّدت من قبل شركة إسرائيلية ببطاريات مزوّدة بجهاز تعقّب وإرسال، وفق المعلومات المرجحة.
وبحسب بعلبكي، فإنّ إسرائيل اليوم تستخدم الهواتف الذكية كأداة للوصول إلى المعلومات والتجسّس، عبر مجموعة من البرمجيات المتقدّمة (Softwares)، ومن دون الحاجة بالضرورة إلى إرسال رابط.
هل الاتصالات في لبنان آمنة؟
يشدّد بعلبكي على أن “الإسرائيلي حصل بالفعل على معظم المعلومات التي كان يسعى إليها خلال الحرب، وأن العديد من عناصر الحزب لم يعودوا يستخدمون هذه الأجهزة الذكية".
وأشاد بعلبكي بجهود فريق المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والفريق الفنّي في مخابرات الجيش، رغم محدودية عددهم، مؤكداً أنهم “يؤدون واجبهم بأعلى درجات الكفاءة”. كما شدّد على أهمية الوعي الرقمي في هذه المرحلة.
ما حقيقة ارتفاع حرارة الأجهزة الذكية؟
مع تزايد الحديث عن ارتفاع حرارة الأجهزة الذكية عمداً أو بفعل رابط خبيث، أوضح بعلبكي أن معظم الهواتف الحديثة والحواسيب المحمولة مزوّدة بأنظمة حماية حرارية. فحين ترتفع حرارة الجهاز إلى حدود 45–60 درجة مئوية، يتدخّل النظام تلقائياً لتقليل الأداء أو إطفاء الجهاز، حماية له.
وأشار إلى أنه “إذا تمكّن مهاجم من استخدام برمجيات لتعطيل نظام التشغيل أو التلاعب باستهلاك البطارية، فإن أقصى ما يمكن فعله هو تعطيل الجهاز أو رفع حرارته بطريقة غير مباشرة. لكن إشعال الجهاز أو تفجيره بواسطة برامج فقط هو أمر غير واقعي من الناحية التقنية اليوم”.
وأوضح أن بطاريات الليثيوم قد تشتعل فقط في حال حدوث “هروب حراري” (Thermal Runaway)، وهو أمر يتطلّب درجات حرارة تفوق 150–200 درجة مئوية، أو نتيجة تلف داخلي خطير أو سوء تصنيع، وليس عبر رابط أو برنامج بسيط.
فرضيات إضافية وأجوبة
يرى بعلبكي أن هذه الأجهزة تشكل عنصر قوة بيد العدو، وأنه من غير المرجح أن يتخلّى عنها. كما يرى أنه من غير المنطقي أن تقوم إسرائيل بتفجير أجهزة مثل Apple Watch لما لذلك من ضرر على الشركات الكبرى التي تشارك فيها إسرائيل أو الولايات المتحدة.
قضية Helium وGeodnet: ما حقيقتها؟
يشير بعلبكي إلى انتشار أجهزة ضمن شبكات لامركزية مثل Helium وGeodnet، مؤكداً ضرورة تنظيم استخدامها في لبنان، رغم أنها ليست أدوات اختراق بحد ذاتها.
Helium Network هو مشروع عالمي يُستخدم لإنشاء شبكات إنترنت الأشياء (IoT) عبر أجهزة Hotspots منخفضة الطاقة وطويلة المدى، وتُمنح جوائز لمستخدميها بعملة مشفّرة.
Geodnet هو مشروع لبناء شبكة GPS فائقة الدقة تُستخدم في الطائرات المسيّرة، السيارات الذكية، والمواقع الصناعية.
ويضيف بعلبكي أن هذه الأجهزة قادرة على تغطية مسافات تصل إلى 20 كلم في بعض الظروف، لكنها لا تملك القدرة على “اختراق” شبكات الدولة أو التجسس على البيانات من تلقاء نفسها.
هل يمكن التسلل رقمياً في نطاق جغرافي محدد؟
بحسب بعلبكي، يمكن لبعض أجهزة البث أو أبراج الاتصالات أن تُستخدم في نطاقات جغرافية ضيّقة لمحاولة جمع بيانات أو إرسال إشارات خبيثة. ومع ذلك، يؤكد أن تفجير الهواتف عن بُعد بهذه الوسائل غير ممكن تقنياً.
تبقى فرضيات مثل تشغيل الكاميرا أو الميكروفون عن بُعد واردة في حال وجود برمجيات خبيثة متقدمة، لكن ذلك لا يستدعي الهلع، بل الوعي الرقمي واستخدام الحذر في التعامل مع الروابط والمحتوى المشبوه.
بين الحقيقة والمبالغة
في وقت تعصف فيه الشائعات، من الضروري أن نفرّق بين الاحتمالات العلمية والتهويل الشعبي. التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تُستغل، لكن ليس بهذه البساطة أو السينمائية. المطلوب وعي رقمي جماعي، وتحديث الأنظمة الأمنية، لا الذعر غير المبرر.
0 تعليق