نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العبسي دعا إلى هدم جدران الشك والحذر والتخوين وتجديد المحبة (فيديو + صور) - تكنو بلس, اليوم الأحد 22 يونيو 2025 07:18 مساءً
أحمد منتش
ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، عصر اليوم، الاحتفال المخصّص لتكريس كنيسة مار نقولا الأثرية في صيدا القديمة، التي يعود تاريخ بنائها إلى العام 1724، بعد ترميمها بهبة من الرئيس سعد الحريري، وتزامنا مع اليوبيل المئوي الثالث للمسيرة المسكونية للكنيسة الملكية للروم الكاثوليك؛ وذلك بحضور راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك.
حضر الحفل النواب ميشال موسى، عبد الرحمن البزري، وأسامة سعد ممثَلاً بمدير مكتبه طلال أرقه دان، والنواب السابقون بهية الحريري، وأنطوان الخوري ونجله سليم، والوزير السابق هيكتور الحجار، ورئيس بلدية صيدا مصطفى حجازي، والمطارنة مارون العمار، وإلياس الحداد، وإلياس الكفوري، والرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت أنطوان ديب، والرئيسة العامة للراهبات المخلّصيات الأخت تريز روكز، وعدد من الكهنة والراهبات وجمع من المدعوين.
العبسي
بعد ترحيب من الأب جهاد فرنسيس تحدث تباعاً المطرانان الحداد والكفوري والأرشمندريت أنطوان ديب، ثم ألقى البطريرك العبسي كلمة قال فيها: "نلتقي اليوم بخشوعٍ وتأثّر وفرح معًا في هذا المقام المقدّس، كنيسةِ القدّيس نيقولاوس، الشاهدة على قرونٍ من الإيمان والرجاء والمحبّة، ولكن من المعاناة أيضًا، لنشكر الله على أنّ جمالها الأصليّ يعاد إليها بعد هجر ويعيد معه إلى وجوهنا بسمة الأخوّة. هذه الكنيسة ليست حجارةً وخشبًا فحسب، بل هي حاملة لذاكرة روحيّة، لشعبٍ صلّى فيها، وأناس تعمّدوا وتميرنوا وتكلّلوا وانتقلوا على مدى أجيال. تكريس الكنيسة حدثٌ كبير في نظر الكنيسة، وعمل مقدّس بحيث إنّها جعلت تذكارًا في روزنامتها لبعض من أعمال التدشين".
أضاف: "هذه الكنيسة، التي كانت في الأصل موحّدة في العبادة، شهدت نتائج الانقسام المؤلم الذي وقع سنة 1724. ففي ذلك العام، سعت كنيستُنا الملكيّة، المنتميةُ إلى كرسي أنطاكية، إلى استعادة الشركة الكاملة مع كنيسة روما، وفاءً منها لتراث الكنيسة الواحدة الجامعة في الألفيّة الأولى، وحرصًا على أمانة التقليد الرسولي. لكنّ هذه الخطوة، التي كانت تهدف إلى الوحدة، أدّت في الواقع إلى انقسامٍ مؤلم. فقد رأى إخوتنا الأرثوذكس في هذا المسعى مخالفةً لتراثهم، فرفضوه، ووقعت القطيعة. وبدأت الانشقاقات، وانقسمت الكنائس، وتفرّقت العائلات، وارتفعت الجدران، الماديّة والروحيّة، بين الإخوة. وهذه الكنيسة التي نقف فيها اليوم إنّما هي شاهدٌ حيّ على هذا الانقسام المؤلم".
تابع: "لكنّ كنيستنا، منذ البدء، لم ترغب في الانفصال عن إخوتها الأرثوذكس. لـم يكن هدفها القطيعة، بل المصالحة. وقد تجلّى هذا الموقف في مسيرة كثير من بطاركتنا وأساقفتنا، الذين لم يفقدوا روح الأخوّة، بل صاروا رُسُلاً للوحدة، مصلّين وعاملين لأجل شفاء جسد المسيح الجريح. وقد عبّرت كنيستنا عن هذا التوجّه في المجمع الفاتيكاني الأوّل، وتجلّى ذلك بوضوحٍ في المجمع الفاتيكاني الثاني، حيث أكّد أساقفتنا الملكيّون على الهويّة الخاصّة بالكنائس الشرقيّة، وعلى احترام تقاليد الشرق، والسعيِ الحثيث إلى الوحدة الكنسيّة. لقد كانت كنيستُنا، في ذلك المجمع، صوتَ الشرق في حضن الكنيسة الكاثوليكيّة.
في إطار اليوبيل التذكاريّ لمناسبة مرور 300 سنة على حدث 1724، الذي أطلق عليه سينودسنا اسم "المسيرة المسكونيّة" الخاصّة بكنيستنا، صلّينا وتأمّلنا وراجعنا مبادرة المثلّث الرحمة المطران إلياس زغبي، الذي حلُم حُلمًا جريئًا أن تكون شركة مزدوجة بين روما والكنائس الأرثوذكسيّة. أطلق نداءه من باب المحبّة والوحدة، لا من باب الجدل والانقسام. وبالرغم من أنّ مبادرته لم تُقبل رسميًّا من الطرفين، لكنّها تبقى علامة نبويّة تدعونا إلى أن نفقه أنّ الوحدة لا تُبنى على دِقّةٍ لاهوتيّة فحسب، بل تبدأ من المحبّة المتبادلة ومن الشركة في الصلاة والعودة إلى الجذور المشتركة".
ورأى أنه "من مبادرة المطران إلياس زغبي، مبادرة العودة إلى الوحدة بين كنيستينا، نتعلّم أيضًا أنّ الوحدة الكاملة لا تزال بعيدة المنال، لكنّها تدعونا إلى هدم جدران الشكّ والحذر والتخوين، وتجديد المحبّة، والإصغاء المتبادل كما أشار أخونا سيادة المطران إيلي. قد لا نتشارك الكأس عينها بعد، كما يرغب أيضًا سيادته، لكن يمكننا أن نتشارك في الصلاة والخدمة والرجاء".
ولاحظ أنه "بعد ثلاثمئة سنة من السير في طرقٍ متوازية، نقف اليوم لا لنستعيد الماضي، بل لنعترف أنّ ما هو جوهريّ في حياة الكنيسة قد تحقّق: إعلان الإنجيل وخدمة الأسرار كلٌّ على طريقته حافظ على الإيمان وراعى الشعب وسعى إلى الأمانة للمسيح.
لقد تعلّمت كنيستُنا من شركتها مع روما أنّ الوحدة لا تعني الذوبان، وأنّ التنوّع في إطار الأمانة والمحبّة يقوّي الجسد الكنسي. وهذه الخبرة تجعلنا مدعوّين لأن نكون صانعي وحدة، لا بدافع المجاملة، بل بروح التلمذة الحقيقيّة. وها نحن، في هذا المقام الذي يجسّد الوحدة والانقسام معًا، نتوجّه بقلوبنا إلى الروح القدس، طالبين إليه أن ينير عقولنا وقلوبنا، وأن يشفي جراحنا، وينقّي نوايانا".
شدد باسم أبناء أنطاكية على أنه "لنا تاريخٌ مشترك، وروابط عائليّة، وتقاليد روحيّة واحدة، وتحدّيات مستقبليّة متشابهة. لا يمكننا أن نظلّ متباعدين. فالدعوة إلى الوحدة المسيحيّة لم تعد مجرّد أمنية لاهوتيّة، بل أصبحت حاجة رعائيّة ملحّة، وواجبًا إنجيليًّا، ونداءً روحيًّا عميقًا"، داعياً "فلنكن اليوم شهودًا على أنّ الترميم لا يطال الحجارة فحسب، بل يشمل العقول والقلوب والعلاقات. ولنحوّل ذاكرة هذه الكنيسة من شهادةٍ على الانقسام إلى رمزٍ للرجاء بأن "يكون الجميع واحدًا".
وشكر "سيادة الأخ المطران إيلي على هذا الإنجاز الجميل المبارك وعلى أنّه أتاح لي أن أكون في ما بينكم الآن، أعيش هذه اللحظات التاريخيّة المقدّسة، وأضمّ صوتي إلى صوته لشكركم وشكر الذين شكرهم مستمطرًا علينا جميعًا بركاته تعالى".
يذكر أن الجدار الفاصل بين الكنيسة الذي أقيم العام 1862، وخصص ثلث منها للكنيسة الأرثوذكسية وثلثان للكنيسة الكاثوليكية لا يزال شاهداً على الانقسام، الذي حصل في تلك الحقبة التي أقيم فيها الجدار.
وتمنى متروبوليت صيدا والجنوب للروم الأرثوذكس المطران إلياس الكفوري على البطريرك السعي من إجل إصدار قرار بهدم الجدار وجعل الكنيسة واحدة ومشتركة وقوبل طلبه بتصفيق حاد من الحضور.
0 تعليق