أوّل هجوم انتحاري في دمشق: اختبار للحكومة الموقتة وإنذار بعودة الإرهاب - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أوّل هجوم انتحاري في دمشق: اختبار للحكومة الموقتة وإنذار بعودة الإرهاب - تكنو بلس, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 04:18 مساءً

عادت التفجيرات الانتحارية إلى دمشق بعد سنوات من الانقطاع، في توقيت بالغ الحساسية محلياً وإقليمياً. فعلى الصعيد الداخلي، يتزامن هذا التطور مع تصاعد التحذيرات من نشاط متزايد لتنظيم "داعش" وتنظيمات جهادية أخرى، إلى جانب اقتراب بعض الاستحقاقات المهمة، مثل تشكيل مجلس الشعب والانتهاء من التحقيق في مجازر الساحل. أما إقليمياً، فجاء التفجير بعد ساعات من الضربة الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية، في خضم الحرب المتواصلة بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف من امتداد التصعيد إلى دول أخرى، وعلى رأسها سوريا والعراق.

هزّة سياسية - أمنية
وكان قدر كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، إحدى ضواحي دمشق، أن تصبح الخاصرة الرخوة التي تسلل إليها انتحاريان لتنفيذ أول هجوم من نوعه منذ تشكيل الحكومة الموقتة. وقد دفع المصلّون المحتشدون لأداء قداس الأحد الثمن الباهظ لهذه العملية، التي أسفرت عن سقوط 22 شهيداً وأكثر من 70 جريحاً، في مشهد أعاد الإرهاب إلى واجهة الحدث السوري.
وعكست ردود الفعل الداخلية والخارجية المتسارعة حجم الحدث وخطورته، وإمكان انعكاسه سلباً على الواقع السياسي السوري.

رسالة إلى الغرب وضغط على الحكومة
وزادت حساسية التفجير نظراً hgn هوية المستهدفين كونهم من المسيحيين، ما فتح الباب أمام احتمالات عدة، أبرزها أن الهجوم يحمل رسالة موجهة إلى الغرب، إضافة إلى كونه ضغطاً مباشراً على الحكومة السورية الموقتة التي تجد نفسها أمام اختبار حقيقي، إذ أن عجزها عن حماية المسيحيين قد يُضعف الثقة الدولية بها خصوصاً أن كثيراً من الدول الغربية لا تزال تعتبرها في مرحلة تقييم.

 

أسفر الهجوم الانتحاري في كنيسة مار إلياس بدمشق عن سقوط 22 شهيداً وأكثر من 70 جريحاً. (ا ف ب)

 

استباق التحقيقات
ويأتي ذلك بالتوازي مع تحذير رسمي من الخارجية البريطانية قبل يومين من الهجوم، دعت فيه رعاياها إلى مغادرة سوريا، خشية حدوث اضطرابات أمنية.
وسارعت وزارة الداخلية إلى توجيه الاتهام لتنظيم "داعش" بالمسؤولية عن التفجير، حتى قبل بدء التحقيقات، في ما اعتُبر محاولة لتوظيف الحدث دعائياً، لكسب الدعم الدولي تحت شعار مكافحة الإرهاب.
لكن اللافت أن اللجنة العليا للانتخابات، المفوّض اليها تعيين أعضاء مجلس الشعب، تجاهلت هذا الاتهام المباشر، وصبغت الهجوم بطابع طائفي فجّ. فقد ركّز أعضاؤها، الذين تصادف وجودهم على شاشة "الإخبارية السورية" وقت وقوع التفجير، على أن المسيحيين استُهدفوا بسبب رفضهم الانخراط في ما سموه "حلف الأقليات" ضد السلطة، في خطاب بدا كأنه يوجّه أصابع الاتهام إلى أقليات أخرى باعتبارها المستفيدة من الهجوم.
أما وزارة الداخلية، فقد وجدت نفسها أمام أول اختبار حقيقي لصدقية تحقيقاتها، خصوصاً بعد الانتقادات التي طاولت أداءها في ملفات شائكة، مثل خطف النساء في الساحل وجرائم القتل الطائفي في عدد من المناطق.

هوية المنفذين
وقد انتشرت تسجيلات صوتية لشبان من حي الدويلعة يؤكدون معرفتهم بأحد المنفذين، قائلين إنه باكستاني الجنسية، وقد شوهد قبل أسابيع يتجول في الحي بسيارة دعوية، ووقع بينه وبين السكان خلاف بسبب صوت مكبرات الصوت المرتفع. بينما أشار آخرون إلى أن الانتحاري الثاني كان يعمل في الأمن العام التابع لوزارة الداخلية.
وباتت وزارة الداخلية مطالبة بالكشف عن هويتي الفاعلين، والإفصاح عن مصير ركاب السيارة الدعوية، وما إذا كانوا لا يزالون أحياء أم متورطين في التفجير. ولم يصدر أي نفي رسمي بشأن الشبهات المتداولة حول "الباكستاني"، ما عزّز الشكوك بشأنه.

"داعش" يحتفي... ولا يتبنى
في المقابل، لم يصدر أي بيان رسمي من تنظيم "داعش" أو غيره يعلن تبني الهجوم أو ينفيه. غير أن رصد صفحات مناصري "داعش" و"أنصار السنة" أظهر احتفاءً بالعملية، من دون تبنٍّ مباشر. كما بثّت مؤسسة "حامل اللواء"، المحسوبة على "داعش"، تسجيلاً صوتياً طويلاً تحدث عن المبررات الشرعية لهدم الكنائس في دمشق، وتضمن ردوداً على تصريحات مسؤولين سوريين، متهماً إياهم بتبرير استهداف المسيحيين سابقاً حين كانوا يعملون تحت راية "جبهة النصرة".

تصاعد التهديدات
وشهدت الأسابيع الأخيرة تزايداً واضحاً في نشاط خلايا "داعش" و"أنصار السنة". فبينما تبنّى التنظيم عمليات ضد قوات الجيش والأمن، هدّد "أنصار السنة" باستهداف الأقليات، ونفّذ عمليات بالفعل، أبرزها قتل شابين من الطائفة المرشدية، وإطلاق نار على مقام السيدة زينب، مع تهديد بنسفه مستقبلاً.
كذلك، نقل بعض الناشطين المسيحيين على مواقع التواصل شهادات عن مضايقات تعرضوا لها على حواجز الأمن الداخلي في دمشق، وأشار بعضهم إلى أن عناصر الأمن قالوا لهم: "مو فاضيين لكم هلّق، بس دوركم جاي بعدين".
وبغضّ النظر عن مدى دقة هذه الروايات، فإنها تعكس حجم الاحتقان الطائفي المتصاعد في البلاد، وعمق تعقيد الواقع السوري، خصوصاً في ظل تقارير متكررة عن تسلل عناصر موالية لـ"أنصار السنة" إلى أجهزة الأمن الداخلي، واستعداد التنظيم للتعاون مع هذه العناصر رغم تكفيره للسلطة.
وما يبقى مسكوتاً عنه حتى الآن، هو الخلفية العميقة للصراع بين "داعش" وهيئة "تحرير الشام". إذ من المعروف أن بين الطرفين تاريخاً طويلاً من الخلافات والانشقاقات، وقد اعتبر "داعش" أن سيطرة "الهيئة" على الحكم بمثابة غدر تاريخي. ومن هنا، يرى البعض أن "داعش" يسعى إلى تصعيد نشاطه في دمشق بدافع الثأر، وإضعاف خصمه الذي كان يوماً تحت إمرته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق