نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
300 ألف حضروا مهرجان "كناوة" في الصويرة المغربية - تكنو بلس, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 11:34 مساءً
الصويرة - كريم السعدي
بمشاركة 350 فناناً، من المغرب والخارج، قدموا 54 حفلاً موسيقياً، وسط حضور جماهيري كبير، ناهز بحسب المنظمين 300 ألف متفرج، اختتمت، ليلة السبت، بمدينة الصويرة المغربية ( جنوبي الدار البيضاء)، فعاليات الدورة الـ26 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم".
وتميز يوم الاختتام ببرمجة متنوّعة، اشتملت على مزج موسيقي، جمع بين المعلم حسن بوصو ونيشتيمان (إيران – العراق – تركيا) على "منصة برج باب مراكش"، وهند النعيرة، والمعلم محمد بومزوغ وأنس شليخ وعلي كيتا وتاو إيرليش ومارتن غاريينوكونتن غوماري وهاجر العلوي (المغرب – مالي – فرنسا) والمعلم عمر حياة وسيمافونك (كوبا) والمعلم خالد الصانصي على "منصّة مولاي الحسن"، فيما احتضنت "منصة الشاطئ"مواهب كناوية، جمعت بين المعلم رضوان القصري والمعلم ياسين البور، وذا ليلي، والمعلم محمد كويو وتيكن جاه فاكولي (كوت ديفوار).
جمهور كبير تابع حفلات مهرجان كناوة
وتميّزت دورة هذه السنة، على مستوى البرمجة الموسيقية،بمواصلة تأكيد الحضور القوي للعنصر النسائي، من داخل المغرب وخارجه.
ورأى عدد من المهتمين أن الحضور النسائي كان مميزاً، خصوصاً ما تعلق منه بمشاركة الفنانات المغربيات، اللواتي منحن لمسة راقية لـفن "كناوة"، الذي ظلّ، لوقت طويل، حكراً على الرجال.
من بين أبرز الأسماء النسائية التي ألف جمهور "كناوة" مشاركتها، كان الموعد مع المعلمة هند النعيرة، في حفل الاختتام،فضلاً عن المعلمة أسماء حمزاوي مع فرقتها "بْنات تمبكتو"، التي تقاسمت منصة مولاي الحسن، الجمعة، مع المغنية المالية رقية كوني، في لقاء نسائي جمع بين نغمات "الكمبري" وإيقاعات الساحل الأفريقي، في لحظة راقية بين نساء موسيقيات ينتمين إلى تقاليد أصيلة، في احتفال نادر بقوّة الذاكرة الأفريقية النسائية، استقبله الجمهور بحرارة خاصة.
وفضلاً عن الحفلات الكبرى، قُدّمت عروض موازية من التراث الموسيقي المغربي، لفرقتي "حْمادْشة" و"عِيساوة"، فضلاً عن حفلات كناوية وترية تقليدية بفضاءات "دار الصويري"، و"بيت الذاكرة"، و"الزاوية العيساوية" و"زاوية سيدنا بلال".
وعلاوة على طابعه الموسيقي، يقترح مهرجان "كناوة" مساحة للحوار والنقاش، من خلال "منتدى حقوق الإنسان"، الذي خصص دورته الثانية عشرة لموضوع "الحركية البشرية والديناميات الثقافية".

مزج موسيقى بين كناوة وموسيقى العالم
وتقول نائلة التازي، منتجة المهرجان، إنه "يجب علينا، في عالم يعاد تشكيله باستمرار، ويتسم بالهجرة والمنفى والتمازج، التفكير الجماعي في كيفية تغذية المسارات الإنسانية للإبداع وإعادة صياغة روابطنا الثقافية".
وشهدت دورة هذه السنة من المنتدى نقاشاً مثمراً، شكّل فرصة لإبداء الرأي وتبادل وجهات النظر حول موضوع الهجرة، من خلال استكشاف الإسهامات الثقافية للهجرات والشتات، في بلدان الأصل والعبور والاستقبال؛ عبر استكشاف كيفية مساهمة تحركات السكان في الإثراء الثقافي، مع تسليط الضوء في الوقت نفسه على التحديات المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية والتماسك المجتمعي، بشكل يمكّن، من خلال مراجعة أسباب وأشكال ونتائج الحركية البشرية، من فهم بعض الاتجاهات السائدة في الديناميات الثقافية المعاصرة بشكل أعمق.
ودعا المشاركون في مداخلاتهم إلى إعادة وضع الثقافة في صلب النقاش حول الهجرة؛ وشددوا على أن الثقافة تأتي في بلدان المهجر ضرورةً وجودية، لا ترفاً، ما دامت تعيد للغريب وجهه وروحه المفتقدة، كما تأتي لتلطف من مفعول الهجرة؛ ولم يفوّتوا فرصة انتقاد تحوّل الهجرة إلى ملفّ أمني، يوظفه الشعبويون، فتتحوّل معه حياة ملايين من المهاجرين إلى مجرد أرقام.

مزج موسيقى بين كناوة وموسيقى العالم
وفي باقي الأنشطة الموازية، كان الموعد مع نقاش حول "ثقافة كناوة"، من حيث "التفاعلات الثقافية والعولمة"، بخصوص "تجربة كناوة كمختبر استراتيجي للتهجين الثقافي". فيما شكلت فقرة "شجرة الكلمات"، التي تتواصل منذ 2006، لحظة هدوء مخصّصة للحوار والتبادل، وفسحة نقاش هادئ وسط صخب الحفلات، للتفكير بطريقة مختلفة، ومكاناً لنقل المعرفة وتبادل الأفكار. وهي مستوحاة من التقليد الأفريقي في حلقات الحوار، يُعيد بها هذا الفضاء إحياء روح السهرات الجماعية، حيث يُناقش الحضور، يروون القصص والحكايات، ويفكرون بصوت عالٍ تحت ظل شجرة رمزية، في جوّ ودّي ومفتوح، دون حواجز، فقط أصوات تتقاطع، أفكار تُتداول، وإنصات حول مواضيع الابتكار، الذاكرة، الالتزام، والاتجاهات الموسيقية.
ويُعد مهرجان "كناوة"، بحسب منظميه، فضاءً للحوار الثقافي عبر الموسيقى، حيث أصبح الانصهار الموسيقي علامته المميزة، تتحوّل منصّاته، في كل دورة، إلى مسرح لتجارب فريدة، حيث يلتقي المعلمون بإيقاعاتهم التقليدية مع ارتجالات موسيقيين عالميين، ما يخلق مزيجاً صوتياً مذهلاً، لتنتج من خلال الكيمياء الموسيقية حفلات ساحرة، تمتزج فيها حالة الارتقاء الكناوية، مع متعة الفانكي، وسفر الجاز، والنبضات الأفريقية.
يتعلق الأمر، بالنسبة إلى نائلة التازي، بإرث حيّ يحتفي بالغنى الروحي لتقاليد "كناوة" واحتكاكها بموسيقى العالم، بشكل يفتح حواراً بين الإرث والتمثلات، وبين الذاكرة والمستقبل.
تشير التازي إلى أن المهرجان، لأكثر من ربع قرن، لم يكن مجرد حدث موسيقي، بل أصبح مشروعاً مجتمعياً وبياناً ثقافياً في حركة دائمة، فيما تُعد دورة هذه السنة استمراراً لحلم أصبح حقيقة: إشعاع ثقافة عريقة وابتكار لغات فنية جديدة.

من حفلات مهرجان كناوة
وترى التازي أن هذا الإشعاع العالمي هو ثمرة التزام لا يتغيّر من سلسلة من الفاعلين، والفنانين، والمنتجين، والباحثين، والشركاء والمؤسسات، يجمعهم إيمان مشترك: إدماج ثقافة "كناوة" في الحداثة دون التخلي عن روحها، ما دام المهرجان تحرر، منذ بداياته، من الصور النمطية الفولكلورية ليُعيد لتراث "كناوة" مكانته الحقيقية: إرث حيّ، ولغة كونية، ومصدر للإحساس والتفكير والتوارث.
تخلص التازي إلى أن مهرجان "كناوة" يؤكد، اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، ومع تغير الحدود وإعادة تشكيل الهويات، رسالته: جعل التمازج محرّكاً للإبداع، والذاكرة أداة للتحول، والثقافة فضاءً للالتزام، بشكل يجعل من المهرجان "دعوة للإيمان بقوة الثقافة في بناء جسور مستدامة بين الشعوب"، من منطلق أنه "مغامرة جماعية، تقودها روح الشباب، وتغذيها عملية التوارث، وتشكلها الجرأة".
0 تعليق