بالصور والفيديو - من على سفح صنين يحدثنا كرز الساقية عن ضريبة الأعالي وثقافة الهوية - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بالصور والفيديو - من على سفح صنين يحدثنا كرز الساقية عن ضريبة الأعالي وثقافة الهوية - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 12:55 مساءً

البرد قارس يعضّ الأطراف في عزّ حزيران، وأشجار الكرز تثرثر باللكنات اللبنانية، بصوت عالٍ، عند السادسة صباحاً، وتطغى على زقزقة العصافير، في مشهد من قطاف الكرز في جرد الساقية أعالي بلدة قاع الريم. هناك من على إرتفاع 1600 متر عن سطح البحر، تستعيض بدفء الموقدة التي إشعلت لتحضير فنجان قهوة صباحي، الى حين تتجاوز أشعة الشمس جبل صنين، فتلسعك بأشعتها وينشط معها البعوض بلسعاته.

حبة كرز نتاج سفح صنين. (دانيال خياط)

لذلك فإن القطاف يسبق طلوع الشمس ويستغل إنكسار أشعتها عصراً مستعجلاً إختفائها خلف صنين. ووسط المشهد الأخاذ بتناقضه لبحر أخضر من جنائن الكرز على سفح الكتلة الجبلية الهائلة لصنين الأقرع، تبعث الروح في الجنينة أحاديث دائرة بين أشجارها تتفاعل معها مهتزةً، قبل أن يُظهر صاحب الصوت من قاطفي الكرز، من بين الأوراق، ذراعه التي تلوي الغصن لتصل يده الى حبات الكرز.
لكن الاحاديث المفعمة بالفكاهة، تخفي بتهكمها واقعاً مريراً، فالموسم هذه السنة شحيح بحيث يحتاج الى ناظرٍ على الارض يدلّ القاطفين المتعمشقين على الشجر، الى موضع حبات الكرز المتناثرة: "متل يلي عم يبرم على عقلاتو"، "بدك تدوّر عالحبة"، وتدسوس دسوسة". 

قطاف عمق شجرة الكرز.

قطاف عمق شجرة الكرز.

مع مارك رياشي، دكتور المسرح، عضو مجلس بلدية قاع الريم، ومزارع الكرز  ترافقنا للإطلاع على واقع موسم الكرز "الإستثنائي"  لهذه السنة الذي نقله، بإسم مزارعي قاع الريم، الى وزير الزراعة نزار هاني خلال زيارته السبت الفائت الى بلدة قاع الريم ولقائه مرازعي الكرز. 

موسم ذهب أدراج الرياح.

موسم ذهب أدراج الرياح.

يخبرنا مارك: "كنا نبدأ القطاف في العاشر من حزيران ونبقى حتى منتصف تموز، فيما إقتصر الموسم هذه السنة على عشرة أيام، ودوام القطاف على "نصف دوام" صباحاً". ويشرح: "في فترة إزهار الكرز أواخر آذار، تدنت الحرارة الى 10 درجات تحت الصفر، فأحرق الصقيع الزهر"، ما أدى الى تراجع الإنتاج. "فمحصول الكرز هذا العام لا يتجاوز 5 بالمئة من المعدلات الطبيعية"، على ما قال مارك للوزير هاني، محذراً من أن "هذه النسبة المتدنية تعني خسارة فادحة لمئات العائلات التي تعتمد على هذا المحصول مصدر رزق رئيسي. أسباب هذا التراجع عديدة، من التغيرات المناخية وموجات الصقيع إلى تأخر التزهير، لكن النتيجة واحدة: تعب سنة كاملة ذهب أدراج الرياح". 

 

 

وأضاف: "نحن لا نطلب المستحيل، بل نطالب بحقّنا في الدعم والتعويض. نطالب بخطة طوارئ عاجلة لدعم المزارعين المتضررين، وبخطة طويلة الأمد تحصّن هذا القطاع من التدهور، وتؤمن له استدامته". مستدركا: "المسألة ليست مسألة تعويض ماديّ فقط، بل هي أعمق من ذلك بكثير. نحن هنا للحفاظ على إرث أجدادنا. إذا خسرنا ثقافة الكرز، فنكون قد خسرنا أحد أعمدة هويتنا. إن الحفاظ على زراعة الكرز ليس حفاظًاً على الأرض فحسب، بل على الشباب أيضاً. نريد أن نرى جيلاً جديداً من مزارعي الكرز، جيلاً مرتبطًاً بجذوره، وقادراً على البقاء في أرضه".

 

هذه السنة الإستثنائية إنعكست أيضاً على المستهلك، فقلة العرض رفعت الأسعار الى قرابة 8 دولارات للكيلوغرام، إنما بنوعية ممتازة للكرز بسبب قلة كمية حمل الشجرة. وكرز الساقية - قاع الريم موصوف بنوعيته، وإن دفع هذه السنة ضريبة مجاورته الأعالي على سفح صنين الذي يستقي من ثلجه، ويستمد من برودته قساوة الحبة، ومن شمسه المخفوضة لونه، "كرز قاع الريم ليس مجرد محصول. هو رمز للجمال، للسعادة، للخير، للحظ الجيد وللشباب والحيوية"، على ما قال مارك رياشي لوزير الزراعة "الحفاظ عليه هو حفاظ على ثقافة، على نمط عيش، وعلى مستقبل". وأورد ً بإسم المزارعين مجموعة مطالب عاجلة: "دعم مباشر للمزارعين المتضررين من هذا الموسم الكارثي، تفعيل دور التعاونية الزراعية بشكل مستدام، مكافحة آفات الكرز، وعلى رأسها ذبابة البحر المتوسّط، تجهيز الطرق الزراعية وصيانتها لتسهيل الوصول إلى الحقول، دعم مبادرات تمكين الشباب وتشجيعهم على دخول القطاع الزراعي، تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، تنظيم دورات تدريبية وإرشادية، فتح قنوات لتصريف الإنتاج".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق