من "الدكتاتور" إلى "البطل القومي"... الحبيب بورقيبة بين الانتقادات والإرث الخالد - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من "الدكتاتور" إلى "البطل القومي"... الحبيب بورقيبة بين الانتقادات والإرث الخالد - تكنو بلس, اليوم الجمعة 11 أبريل 2025 03:25 مساءً

"الزعيم الذي بنى تونس الحديثة"، "الزعيم الذي حرر المرأة"، أو "الدكتاتور" الذي ساهم في تغريب البلد وتغيير هويته. أوصاف عدة تطلق على الحبيب بورقيبة، أول رئيس لتونس، الذي لا يزال حاضراً في ذاكرة الشعب رغم اختلاف المواقف منه ومن سياساته، بعد أكثر من ربع قرن على وفاته.
وأحيت تونس الأحد الماضي ذكرى وفاة بورقيبة في حفل رسمي ترأسه الرئيس قيس سعيد، وذلك عند ضريح الراحل في محافظة المنستير الذي تحول مع مرور الزمن إلى مزار لآلاف التونسيين والسياح.
وكان إحياء ذكرى وفاة بورقيبة عادة حرص جميع رؤساء تونس على القيام بها بعد عام 2011، بخلاف ما حدث خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي سعى إلى طمس كل ما يتعلق ببورقيبة، وفقاً لعدد من المراقبين والمؤرخين.

 

مصافحة بين بورقيبة وبن علي

 

سجال متجدد
ومع كل ذكرى سنوية لوفاة بورقيبة يعود السجال بشأن شخصية الرجل وظروف وفاته وما تبقى من إرثه التاريخي الذي رسم ملامح تونس المستقلة.
وفي حين يصر الإسلاميون والأحزاب القريبة منهم على مواصلة عدائهم لبورقيبة، "عدوهم التاريخي"، يستحضرون تاريخ حكمه الذي يصفونه بالاستبدادي، معتبرين أنه المسؤول الأول ليس فقط عن "تغريب تونس" عبر التشريعات والقوانين العلمانية بدلاً من الشريعة، بل عن ترسيخ الدكتاتورية ونظام حزب الحكم الواحد ومنع التعددية السياسية.
وتولى بورقيبة رئاسة تونس منذ استقلالها عام 1956، قبل أن يتم انتخابه رئيساً مدى الحياة حتى تم عزله في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1987 من قبل بن علي، في ما عُرف بـ"الانقلاب الطبي".
وطيلة فترة حكم بن علي، التي امتدت لنحو 23 عاماً، كان الحديث عن بورقيبة وإرثه يُعتبر من المحرمات السياسية في تونس. ولكن أحداث 2011 أعادت الرجل إلى الحياة السياسية ليتصدر المشهد من جديد ويعود مصدراً للخلاف والانقسام بين أحزاب تدعي أنها وريثته وتتنازع إرثه في ما بينها، وأخرى استمرت في مناصبته العداء، كان في مقدمتها الإسلاميون.

الرجل الذي حمى تونس
بعد أحداث 2011 ووصول الإسلاميين إلى الحكم وما تخلل تلك الفترة من تنامي خطاب التيار المتشدد الذي يعارض العلمانية ويدعو للعودة إلى الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، كانت العودة للإرث البورقيبي بمثابة سلاح لعدد من المكونات السياسية في البلاد لمواجهة هذا التيار، خصوصاً مع أولى عمليات الاغتيال السياسي التي شهدتها تونس.
وبفضل إرث بورقيبة، استطاع الباجي قائد السبسي أن يفوز بانتخابات 2014 متقدماً على الإسلاميين.
يقول المؤرخ والأستاذ في الجامعة التونسية عبد الجليل بوقرة إن فكرة الدولة الوطنية التي أسسها بورقيبة ورسخها لدى التونسيين منذ ثلاثينيات القرن الماضي هي التي حمت تونس من الانزلاق في فوضى الربيع العربي.
ويضيف، في تصريح لـ "النهار"، أن بورقيبة "آمن بالطبقة الوسطى وجعل منها عماد الدولة التونسية وغرس فيها الإيمان بالفكرة الوطنية. لذلك، عندما عمت الفوضى البلاد كانت هذه الطبقة بمثابة صمام الأمان الذي حافظ على استقرار تونس ومنعها من الانزلاق إلى مربع العنف".
ويشدد بوقرة على أن "الفكرة الوطنية بقيت المسيطرة على تفكير التونسيين رغم ظهور تيارات أخرى حاولت أن تزيحها مثل الاشتراكية والإخوانية، لكنها كانت تظهر لفترة ثم ما تلبث أن تختفي".

حلم المساواة في الإرث
بوقرة، الذي يستعد لإصدار كتاب يتناول فيه مسيرة وفكر بورقيبة، يؤكد أن الرجل لا يزال حاضراً في وجدان التونسيين بسبب منجزاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويقول: "لقد نشر التعليم والصحة في تونس وجعلها مجانية. كانت المدرسة إلزامية للجميع، تجمع بين الإناث والذكور، الأغنياء والفقراء. وكانت مراكز الرعاية الصحية في جميع المدن والقرى".
ويضيف: "كان التعليم مصعداً اجتماعياً لأبناء العائلات الفقيرة، وأدى إلى خلق أجيال من الكوادر التي ساهمت في بناء تونس الحديثة".
لكن بوقرة يعتبر أن أهم منجز لبورقيبة كان تحرير المرأة ومنحها حقوقاً لا تزال النساء في العديد من الدول تناضل من أجلها، من خلال "منع تعدد الزوجات وإقرار الطلاق العدلي والحق في العمل حتى وصلت المرأة اليوم إلى منصب رئيس حكومة".
ويشير إلى أن هذا الإرث جعل العديد من الأحزاب اليوم تحاول الاستفادة منه، سواء عبر التنازع في ما بينها بادعاء أنها وريثة بورقيبة أو عبر مهاجمته لتحقيق مآرب سياسية.
لكن المؤرخ التونسي يلفت إلى أن معظم الأحزاب التي تقدم نفسها كـ "وريثة لبورقيبة" لا تحمل فكره ومشروعه المجتمعي والثقافي. ويوضح: "نتحدث هنا عن مواصلة منجزه الاجتماعي المتجسد في إقرار المساواة في الإرث، وهو حلمه الكبير الذي عجز عن تحقيقه بسبب الضغوط الإقليمية في تلك الفترة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق