في عالم كرة القدم، يتمتع اللاعبون أحياناً بمهارات استثنائية وإمكانيات عظيمة، لكنهم قد لا يجدون طريقهم إلى الظهور إلا عندما يكتشفون البيئة المثالية. هذا كانت حال الجزائري أمير سعيود، الذي فتح صفحة جديدة مشرقة في مسيرته الرياضية في الأعوام الأخيرة.

شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً كبيراً في أداء سعيود، إذ تألق بشكل لافت في الدوري السعودي، خصوصاً هذا الموسم مع نادي الرائد. اللاعب البالغ من العمر 35 عاماً عاد بقوة إلى دائرة الضوء بعدما ظل بعيداً لفترة طويلة، حيث شارك في 21 مباراة هذا الموسم، سجل خلالها 6 أهداف وصنع 6 تمريرات حاسمة.

تميّز سعيود بأداء استثنائي على مختلف المستويات، فأصبح أحد أبرز عناصر فريقه. تصدّر الإحصائيات في صناعة الفرص التهديفية والتمريرات المفتاحية، وكان الأكثر تسديداً على المرمى.

انتقاله إلى الدوري السعودي كان مفصلياً في مسيرته، إذ لعب حتى الآن 100 مباراة سجل خلالها 27 هدفاً وصنع 20، ليحقق إجمالي 47 مساهمة تهديفية. هذه الأرقام تعكس مجهوداً متواصلاً وإبداعاً جعلا منه واحداً من أبرز نجوم البطولة.

على الصعيد الدولي، ترك سعيود بصمة لا تُنسى حين أسهم بفوز المنتخب الجزائري بكأس العرب عام 2021، وسجل هدفاً مذهلاً في المباراة النهائية ضد تونس، ما جعله جزءاً لا يُمحى من ذاكرة الجماهير الجزائرية.

رغم هذا التألق الحالي، لم تكن مسيرة سعيود سهلة، فقد واجه سنوات مليئة بالتحديات والانتقالات غير الموفقة بين أندية ودوريات مختلفة. انطلاقاته الأولى مع الأهلي المصري كانت واعدة لكنها لم تحقق النجاح المتوقع.

بعدها تنقل بين الإسماعيلي والدوري الكويتي من دون أن يحقق نجاحاً يُذكر. وفي عام 2012، وُضع أمام تحدٍّ صعب عندما بقي بلا فريق لمدة ستة أشهر. وفي تلك الفترة، تعرّف إلى وكيل اللاعبين وليد بوشناقة، الذي آمن بموهبته وفتح له باب الاحتراف في الدوري البلغاري. هناك استعاد سعيود ثقته بنفسه وتُوّج ببطولتي الدوري والكأس.

لاحقاً، انتقل إلى الدوري التونسي مع الصفاقسي من دون تحقيق نجاح كبير، لكن انتقاله إلى الدوري الجزائري قلب الموازين لصالحه. تألق مع فرق مثل اتحاد العاصمة وشباب بلوزداد، وفاز بالدوري الجزائري ثلاث مرات، ما جعله علامة بارزة في الكرة المحلية.

تطوّر مسيرته انطلق مجدداً نحو دوري روشن السعودي، حيث برز مع فريق الطائي ثم الرائد. قدّم أداءً مشهوداً وسجل مع الطائي 15 هدفاً قبل أن يستمر في تقديم مستويات مميزة مع الرائد، لتعود أخبار تألقه إلى الواجهة مجدداً.

قصة أمير سعيود تحمل درساً عميقاً عن الإيمان بالقدرات والعمل المستمر برغم العقبات. الموهبة الحقيقية قد تستغرق وقتاً لتزدهر، لكنها تبقى قادرة دائماً على تحقيق النجاح وإثبات قيمتها مهما اشتدّت الظروف.