نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اتفاق الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا: توزيع للوزارات واهتمام بالأمن الدولي والاقتصاد - تكنو بلس, اليوم الجمعة 11 أبريل 2025 07:58 مساءً
بعد اجتماعات استمرت لأكثر من 6 أسابيع، اختتم طرفا الائتلاف الحكومي المستقبلي الذي سيضم الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي مفاوضاتهما بتسويات بشأن المشاريع التي يريدون على أساسها بناء التحالف الحكومي الجديد، وذلك لإعادة تعزيز الحضور الألماني وإنعاش الاقتصاد الذي يعاني من الركود منذ أكثر من 3 سنوات. كما تم التوصل إلى إرساء قواعد إطارية لملفات الهجرة واللجوء والدفاع والقضايا الاجتماعية وغيرها، فضلاً عن توزيع الحقائب الوزارية. فما تفاصيل الاتفاق ومدى واقعية التنفيذ؟
تحديات تاريخية
مع الاتفاق المبدئي بين الشركاء على انتخاب السياسي عن الحزب المسيحي الديموقراطي فريدريش ميرتس، يوم 7 أيار/ مايو المقبل، مستشاراً لألمانيا خلفاً للاشتراكي أولاف شولتس، أظهرت النقاط التي رسمت أسس التفاهمات في وثيقة من 146 صفحة بعنوان "المسؤولية تجاه ألمانيا" أن الحكومة الاتحادية بقيادة ميرتس ستركز على الأمن الدولي والسياسة الخارجية، إذ سيتم الالتزام بشكل صريح بحلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي. وفي ما يتعلق بالسياسة التجارية، يريد شركاء الائتلاف التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة والانفتاح الاقتصادي على دول أخرى. ومن ناحية أخرى، تم الالتزام بتقديم الدعم الشامل لأوكرانيا حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها بشكل فعال ضدّ روسيا، مع إبداء استعداد جاد لتسليمها صواريخ "توروس". إلى ذلك، سيكون هناك تكريس لزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، على أن يتوافق مع الأهداف والقدرات المتفق عليها داخل حلف شمال الأطلسي.
علاوة على ذلك، سيتمّ العمل لاعتماد نظام للخدمة العسكرية التطوعية في الجيش الألماني من خلال تكوين نظام للتسجيل والمراقبة العسكرية، وسيرسل استبياناً إلى جميع الشباب والشابات في سنّ التجنيد لتقييم دوافعهم وقدراتهم واهتماماتهم. ومن المقرر أن تبدأ عملية إعادة بناء نظام التسجيل والتجنيد العسكري هذا العام.
ومن ضمن ما شمله اتفاق الائتلاف، إنشاء مجلس للأمن الوطني، وتعزيز سلطات الأمن، مع تقديم التزام بحفظ عناوين "آي بي" لمدة 3 أشهر، ما سيساهم في مكافحة الجرائم الخطيرة والتطرف. كما سيساعد ذلك في تجميع المعلومات لحالات الأزمات وتمكين اتخاذ القرارات بشكل أسرع.
ومن ناحية أخرى، سيتم خلق حوافز لتعزيز الاقتصاد، من بينها تخفيض الضريبة على الشركات، وتقليص الضريبة على الدخل لأصحاب المداخيل الصغيرة والمتوسطة خلال عامين تقريباً. وستظل رسوم التضامن سارية بالنسبة إلى المواطنين والشركات من ذوي المداخيل المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، لتخفيف العبء عن الشركات، سيصار إلى تعديل قواعد الاستهلاك الضريبي وتطبيق سعر مخفّض للكهرباء الصناعية. فضلاً عن تطوير قانون العمل بالتشاور مع أصحاب العمل والنقابات العمالية. وبدلاً من العمل المعتاد المكوّن من 8 ساعات، قد يكون هناك إطار أسبوعي لساعات العمل مستقبلاً، على أن يصل الحدّ الأدنى للأجور إلى 15 يورو للساعة عام 2026.
من جهة ثانية، سيصار إلى ترشيد الإنفاق في عدد من القطاعات لتصل إلى 8% على مدى 4 سنوات، باستثناء القوى الأمنية، فضلاً عن توفير في تمويل البرامج والمساهمات للمنظمات الدولية. في المقابل، ستزيد الحكومة من دعمها للبلديات مع التشدّد في شروط الحصول على الإعانة للمواطنين.
قيادات في الائتلاف الحكومي في ألمانيا خلال مؤتمر صحافي. (ا ف ب)
الهجرة: تحديات وصراعات جديدة
وفي خصوص الهجرة، بقي حقّ اللجوء سليماً نسبياً، مع السماح بعمليات رفض للاجئين عند الحدود بالتنسيق مع الجيران الأوروبيين. ولن يُسمح للاجئين الذين يتمتعون بالحماية الفرعية من لمّ شمل أفراد عائلاتهم لمدة عامين. هذا وقد تقرر إلغاء حقّ التجنيس خلال 3 سنوات للمهاجرين المندمجين بشكل خاص من أصحاب الكفاءات، وهو القرار الذي أقرّه ائتلاف "إشارات المرور". وستكون فترة الانتظار للحصول على الجنسية الألمانية مدّتها 5 سنوات.
وعن طبيعة التسويات في العديد من المجالات، اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي سيمون فيبر، في حديث مع "النهار"، أن على ألمانيا مخاطبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلغة أكثر ندية، سيما وأن الأخير مصمم على معاقبة حلفائه الأوروبيين بتعريفات جمركية إضافية، رغم أنه أقدم أخيراً على تعليقها لمدة 90 يوماً، وخلال عرض الاتفاق، وجه ميرتس رسالة إلى ترامب مفادها أن "ألمانيا عادت إلى المسار الصحيح".
وفي خصوص الإنفاق الدفاعي والخدمة الإلزامية، فإن أطرها لا تزال غير واضحة، رغم أن الهدف منها حلّ مشاكل النقص العددي في القوى العاملة في الجيش الألماني. كما شكك فيبر في مخطط الحكومة للحدّ من البيروقراطية لتعزيز الاقتصاد.
غموض لا يعالج التحديات
وفي انتظار الإعلان عن الحكومة الاتحادية بعد تصويت أعضاء الأحزاب على اتفاق الائتلاف، برزت انتقادات من سياسيين. فقد اعتبر كريستيان دوروال، المرشح لتولي زعامة الحزب الليبرالي الحر، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أن اتفاق "الأسود والأحمر" سيؤدّي إلى حكم ضعيف في ألمانيا مستقبلاً، ولن يتحقق التغيير السياسي الموعود، لأنه يفتقد إلى الإصلاحات الحقيقية.
أما تحالف سارة فاغنكنشت، فقد أشار إلى أن التوافقات التي حصلت لا تقدم أي إجابة للأزمة الاقتصادية والحرب التجارية، وبالتالي سنواجه سنتين ثالثة ورابعة من الركود. ودعا النواب العقلاء داخل الاتحاد المسيحي والاشتراكي إلى وقف اتفاق الائتلاف. أما الزعيمة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي أليس فايدل، فقد وصفت الاتفاق بأنه "عمل استسلام"، مؤكدة أن البرنامج الحكومي المتفق عليه لا يعالج التحديات المهمة التي تواجه البلاد.
في المقابل، قال الزعيم المشارك للاشتراكي لارس كلينغبايل إن الاتفاق يهدف لدفع البلاد إلى الأمام، وإن الحكومة تريد العمل لتسهيل حياة المواطنين. بدوره، قال ميرتس خلال المؤتمر الصحافي المشترك: "أمامنا عمل شاق، وألمانيا سيكون لديها ائتلاف حكومي قادر على الإصلاح والاستثمار للحفاظ على استقرار البلاد وجعلها أقوى اقتصادياً مرة أخرى"، مع التسليم بضرورة تعزيز السياسة الخارجية والأمنية.
ومع اعتبار الداعمين للائتلاف أن ما حصل يخلق حالة من الاستقرار ويعزز الاستثمارات، سيحصل الحزب المسيحي الديموقراطي إضافة إلى منصب المستشار على 6 وزارات تتصدرها الخارجية والاقتصاد والتعليم والأسرة والنقل والرقمنة والصحة. أما الحزب الاجتماعي المسيحي، الشريك الأصغر في الائتلاف، فسيحصل على 3 وزارات هي: الداخلية والزراعة والأبحاث والفضاء. وستتكون حصة الاشتراكي من 7 وزارات، أهمها: المالية والدفاع والعدل، فضلاً عن العمل والبيئة، والتنمية والبناء والإسكان.
والجدير ذكره أن الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي يشكلان 328 نائباً من أصل 630 نائباً في البوندستاغ الجديد، لكن بعض نواب الحزب الاشتراكي أعلنوا رفضهم التصويت لصالح ميرتس، فضلاً عن اعتراضات أخرى ضده داخل الاتحاد المسيحي نفسه. ومع ذلك، في جولة ثالثة محتملة من التصويت قد تكون الأغلبية البسيطة كافية لتنصيبه مستشاراً.
0 تعليق