الأوائل في كتاب "المرأة في النهضة العربية المعاصرة رائدات من لبنان والمشرق" لليليان قربان عقل - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأوائل في كتاب "المرأة في النهضة العربية المعاصرة رائدات من لبنان والمشرق" لليليان قربان عقل - تكنو بلس, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 07:58 صباحاً


الكتاب ممتع، إذا كنت من عشّاق البحث الأدبي ذي السياق المشوّق، والمدلول الإنساني التحرريّ في الوقت نفسه.
في زمن، كانت فيه المنافسة على الإبداع الأدبي وقفاً على الكتّاب وحدهم، برز عدّة كاتبات وعالمات رائدات في اختصاصهنّ. وقد ضمّنت ليليان عقل بحثها نبذة عن 75 امرأة مشرقيّة أجدن في الحقلين الأدبي والعلمي، بين العام 1858 والعام 1928.

صدر الكتاب هذا العام (2025)، ضمن منشورات "دار سائر المشرق" قبل اليوم العالمي للمرأة، الموافق في 8 آذار. وقد كتبت الباحثة عن اللواتي أيقظن العقل الغافي لا البصر الشارد. فلو احتلّت المرأة الفسحة التي احتلّها الرجل في محور التاريخ البشري، لتزيّنت الحياة بالورود، وبفسحات عناق مع الإنسانيّة فوق كلّ ركام هذه الأيّام.

يحتوي الكتاب على خمسة فصول: عرضت عقل في الفصل الأوّل وضع المرأة العربيّة أثناء التحوّلات التاريخيّة. أمّا الفصل الثاني، فتضمّن قضايا المرأة في الصحافة العربيّة. وكانت قضيّة نشأة الصحافة النسويّة العربيّة موضوع الفصل الثالث. وقد احتلّ المؤتمر النسائي الذي جرى في بيروت عام 1928 كامل الفصل الرابع من الكتاب. امتدّت الفصول الأربعة على الصفحات ال 48 الأولى من البحث. وكان للفصل الخامس الذي عرضت خلاله الباحثة الرائدات العربيّات اللواتي أعطين نتاجاً أدبّاً وعلميّاً بين العام 1858 والعام 1928، الحيّز الأكبر من هذا المؤلَّف، إذ احتلّ بقيّة صفحات الكتاب التي بلغت 208.

بعرضها لحياة ونتاج رائدات من لبنان والمشرق، أعادتنا ليليان عقل إلى زمنٍ كتبت فيه المرأة في الأدب التحرريّ والشموليّ، وكان إبداع الرائدات نوعاً من الأدب التكاملي. وعلى الرغم من كثرة التزاماتهن، فإنّهن لم يألون جهداً في تقديم حبّهن وعنايتهن في كلّ شيء قدّمنه في مجال الأدب والعلوم والطب، وقد حقّقن إنجازات كبيرة من دون التقصير في أي من واجباتهن. فالأديبات والكاتبات والصحفيّات اللواتي ذكرتهن عقل، لم يكتبن بحبر الأنوثة، إنّما بقلم الوعي نظراً للظروف السياسية والعسكرية التي مرّت بالمنطقة في ذلك الزمان.

يتبيّن للقارئ، أنّ الباحثة لم تكن معنيّة كثيراً بكونها امرأة في مراحل إنجاز هذا البحث. فاللحظات التي أغلقت فيها على نفسها لتنجز العمل نسيت خلالها من تكون، والدليل على ذلك الجهد الهائل المبذول، والمراجع العديدة التي عادت إليها. وقد بلغت المراجع العربيّة التي اعتمدتها 52 مرجعاً، أمّا المراجع الأجنبيّة فقد بلغت 20 مرجعاً، بالإضافة إلى عشر وثائق، وهي عبارة عن أرشيف صحف ومجلّات ودوريّات صدرت في المشرق العربي.

إذا كان في فتنة أنوثة النساء اكتمال الحياة، وفي فرادتهنّ صبر ألم ودمعة عين، فانتاجهنّ أساسٌ وليس تكملة لمسيرة الحياة. فالنساء اللواتي وضعن النهوض بالمجتمع وتحرير المرأة على عاتقهنّ، لم تكن تلك الأمور التي قمنَ بها من واجباتهنّ، بل من مسؤولياتهنّ: "وكثيراً ما اتّجهت الرائدات الأوَل في كتاباتهن إلى تعريف المرأة بدورها وحقوقها، مع تركيزها على الواجبات الملقاة على عاتقها. لم تُذكر عبارة (واجبات المرأة) بل استعملت عبارة (مسؤوليات المرأة)". (صفحة 34)

القائمة بأسماء الرائدات العربيّات الأوائل في الفصل الخامس، تشير إلى النساء اللواتي حققن إنجازات أدبيّة وعلميّة، فقد كسرن حاجز الجنس، والسقف الزجاجي الملوّن، وكان لهنّ تاثير تاريخيّ وأدبيّ وعلمي كبير. لا يستطيع كاتب قراءة بهذا البحث، ان يتوقّف عند كلّ إنجاز لهنّ، لذلك سأسرد بعضاً من الذي ورد في في هذا الفصل بهذا الخصوص: 
عن سليمة أبي راشد ذكرت المؤلّفة: "وضعت تقويماً يومياً للقرن العشرين، مفصّلة ذلك في (روزنامة مئويّة) عُرِفت (بالرزنامة السُليْميّة)، فكانت أوّل مبتكرة رزنامة عربيّة." (صفحة 56). 
وعن زبيدة التنّير دوّنت التالي: "ومن ثم دخلت (المدرسة الإنكليزيّة للبنات) حيث أجادت اللغة الإنكليزيّة... فكانت أوّل فتاة مسلمة في بيروت تتقن هذه اللغة" (صفحة 69).
أمّا عن مريم النحّاس فقد كتبت عقل: "من أوائل السيّدات اللّبنانيّات اللّواتي أجدن العزف على (البيانو)". (صفحة 95). 

عن كاترين أنطون ذكرت ليليان عقل: "اضطرت إلى مغادرة البلاد مع أشقّائها إلى باريس حيث عملت مدّة ثلاثين سنة برفقة مدام كوري". (صفحة 105). وأيضا في مجال العلوم فقد ورد في الصفحة 197 أنّ الدكتورة سلوى نصّار(1913- 1967) كانت "أوّل عالمة للفيزياء وللذرّة الكونيّة في لبنان والمنطقة العربيّة. وذكرت في الصفحة 117 أنّ لويزا حبّالين كانت "أوّل صحافيّة عربيّة في مدينة القاهرة". كما ورد في الصفحة 126 أنّ "الدونا" ماريا سرسق اعتبرت "أوّل باحثة لبنانيّة في علم الآثار."

في مجال العمل في الإذاعة، ورد في الصفحة 128 أنّ عنبرة سلام الخالدي: "تعتبر أول امرأة عربيّة ألقت حديثاً إذاعيّاً من إذاعة القدس، سنة 1936". وفي مجال الطبّ، ورد في الصفحة 136 عن الطبيبة أنيسة صيبعة: "...لتعود وتستقر بعد تخرّجها في القاهرة وتُمارس مهنة الطبّ في القصر العيني سنة 1890، وكانت أوّل فتاة في الشرق الأدنى تنال شهادة الطبّ". وكانت هناء كسباني كوراني "أوّل امرأة عربيّة تشترك في مؤتمر دولي للبحث في قضايا المرأة" (صفحة 170)، والكلام هنا عن المؤتمر الذي جرى في شيكاغو سنة 1893.

أمّا في مجال الصحافة، فكانت ألفير طنوس أوّل امرأة تصدر صحيفة، والكلام هنا عن مجلّة "المستقبل" التي صدرت في طرابلس لبنان عام 1938: "ويمكن أن نعتبر صحيفة "المستقبل" أوّل صحيفة سياسيّة لبنانيّة تصدرها امرأة". (صفحة 175)
أخرجت ليليان عقل إنجازات المرأة خلال النهضة العربيّة المعاصرة، من قمقم المشهد الاجتماعي والسياسي المتأجّج، وتسلّط الفكر التقليديّ تحت عباءة الدين، المقترن بالاستبداد السياسي. ولم يكن بحثها انحيازاً للمرأة، بقدر ما هو انحياز للعدالة الاجتماعيّة والحق والحقيقة. فكان كتابها "المرأة في النهضة العربيّة المعاصرة" عرضاً تميّز بالصدق والوفاء لتلك الانجازات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق