نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جيل "الزِد" يعلنها: لا للحروف الكبيرة! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 08:04 مساءً
كتابة الأحرف الصغيرة؟ قد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى، لكنه اليوم بات موضوعاً قابلًا للنقاش، بل ومحلّ جدل ثقافي بين أبناء الجيل الجديد. بالنسبة إلى كثيرين من أبناء جيل "زد"، اختيار الكتابة بالحروف الصغيرة لا يُعدّ مجرّد خيار شكلي، بل هو موقف نابع من رغبة بالتخفيف من ثقل التقاليد الرسمية، وخلق مساحة أكثر انسيابية وحرية في التعبير وفقاً لصحيفة "الغارديان".
ماييل كومان، 24 عاماً، تؤكّد أنّها أوقفت ميزة "الكتابة التلقائية بالحرف الكبير" منذ سنوات المراهقة، لتتحوّل العادة إلى أسلوب حياة. تقول: "الكتابة بالأحرف الصغيرة تُشعرني وكأنني في محادثة مستمرّة، من دون بداية أو نهاية. تُزيل النبرة الجدية التي قد تحملها بعض النصوص حتى من دون قصد".
الانطباع نفسه تشاركه رُويدا هيلولي، 24 عاماً أيضاً، التي ترى أنّ الحروف الكبيرة تُضفي طابعاً رسمياً غير ضروري: "عندما أكتب بالحروف الكبيرة، أشعر وكأنني أُصرّ على شيء أكثر ممّا ينبغي".
هذا الميل ليس فردياً. إنه جزء من ظاهرة ثقافية آخذة في الانتشار، خصوصاً بعدما كرّس فنانون عالميون مثل بيلي إيليش (23 عاماً) هذا الأسلوب الجمالي في عناوين أغانيها وألبوماتها، مثل "don’t smile at me" و"my future"، ما عزّز انتشار الأحرف الصغيرة بوصفها رمزاً للبساطة والعفوية.
حتى العلامات التجارية الكبرى لم تتأخّر في التقاط هذه الإشارة. فمنصّة "سبوتيفاي" تعتمد الأحرف الصغيرة في أسماء قوائمها مثل "chill vibes" و"teen beats"، للدلالة على طابع غير رسمي وودود. كما اعتمدت شركة العناية بالشعر "أميكا" الأسلوب نفسه في تصميم عبواتها، في محاولة لخلق هوية ناعمة وقريبة من المستهلك.
وتؤكد كايتلين جاردين، مسؤولة التواصل الرقمي في وكالة "Ellis Digital"، أن "الحروف الكبيرة قد تُفهم على أنها صارمة أو متسلّطة"، في حين أن الأحرف الصغيرة توصل نبرة "أكثر هدوءاً وودّية"، ما ينسجم مع روح الجيل الذي نشأ في بيئة رقمية، حيث لا توجد حدود صارمة بين الرسمي والعفوي.
من جهته، يرى كريم سلامة، مؤسّس شركة "e-innovate" للتسويق الرقمي، أن المسألة تعود إلى حاجة الجيل الجديد للتعبير عن الذات بعيداً عن القيود التقليدية: "اللغة تتطوّر باستمرار. رأينا ذلك مع ظهور الـ"إيموجي"، والآن نشهده من خلال الأحرف الصغيرة التي تعكس التحرّر من الصيغ القديمة".
رغم حداثة الظاهرة، إلّا أنّ لها جذوراً تعود إلى القرن العشرين، حين رفض الشاعر الأميركي إي إي كامينغز استخدام الحروف الكبيرة في أعماله. ولاحقاً، تبنّت الكاتبة النسوية bell hooks الأسلوب نفسه وكتبت اسمها بأحرف صغيرة، في خطوة سياسية واضحة ضد التسلسل الهرمي والتقاليد الرسمية، معتبرة أن التركيز يجب أن يكون على أفكارها لا على شخصها.
وعلى المستوى البصري، يبدو أن الأحرف الصغيرة تُرضي الحسّ الجمالي عند الكثير من أبناء الجيل زد. تقول هيلولي: "هناك جمال معين في طريقة اصطفاف الحروف. تبدو أبسط، وأقرب إليّ". وكومان بدورها تعترف بأن الأمر بدأ كتقليد في دردشات المدرسة، لكن مع الوقت، أصبح طبيعياً تماماً.
لكن، في المقابل، لا يتردد كثيرون من أبناء هذا الجيل في العودة إلى استخدام الحروف الكبيرة في الأوساط المهنية والأكاديمية، حيث لا تزال للرسميات مكانتها. تقول ناردوس بيتروس، 23 عاماً: "أستخدم الحروف الكبيرة عمداً عندما أتواصل مع زملاء العمل. الأمر يرتبط بكيفية تقديم نفسي".
اللافت أنّ البعض بدأ ينظر إلى العودة لاستخدام الحروف الكبيرة كعلامة على "النضج"، حتى إنّ "تيك توك" شهد اتجاهاً ساخراً بين الشباب، حيث يعلن البعض عن "تفعيل الحروف الكبيرة مجدّداً" كخطوة نحو الرشد.
فهل ستبقى الأحرف الصغيرة؟ أم أن الأجيال القادمة ستعيد الاعتبار إلى الأحرف الكبيرة؟
بالنسبة إلى كومان، فإن الأمر يتجاوز الشكليات: "الكتابة بالأحرف الصغيرة ليست فقط أسلوباً. إنها طريقة للتواصل تشبهني، وتشبهنا".
0 تعليق