المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، "رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام واقفاً بالزي العسكري الى جانب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، خلال الحرب في لبنان عام 1982".  

الا أنّ هذا الزعم لا أساس له.

الحقيقة: الرجل بالزي العسكري الواقف الى جانب عرفات هو اللواء فيصل أبو شرخ، رئيس جهاز أمن الرئاسة  الفلسطينية (قوات الـ17)، على ما أكد لـ"النهار" المصوّر رمزي حيدر، ملتقط الصورة عام 1982. FactCheck#

"النّهار" دقّقت وسألت من أجلكم

الصورة تثير جدلا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، منذ نشرها. ما ترونه فيها هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات مشيرا بيده بينما وقف وسط رجال في مكان ما. وقد انتشرت الصورة بكثافة أخيرا في حسابات كتبت معها (من دون تدخل): "صورة نادرة بالزي العسكري لرئيس وزراء لبنان نواف سلام  برفقة الراحل ياسر عرفات في لبنان، وقبل 1982 بالتأكيد". 

حقيقة الصورة

الا ان هذا الزعم غير صحيح، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.

فالبحث العكسي عن الصورة يوصلنا، عبر خيوط، إلى مصدرها الاصلي، وكالة Getty Images، التي أرشفتها في موقعها في 1 حزيران 1982، مع شرح انها تظهر "الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بين مقاتليه في بيروت، خلال الأيام الأولى للغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982".

تصوير: رمزي حيدر RAMZI HAIDAR - أ ف ب (ملاحظة: تم عكس الصورة المتناقلة الى اليمين).

صورة لعرفات مع مقاتيله في بيروت عام 1982 منشورة في موقع غيتي ايماجيز

وقد اتصلت "النهار" بالمصور رمزي حيدر، الذي أكد ان "الشخص الذي يقف في الصورة الى يمين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ليس نواف سلام، كما يُزعم، بل اللواء فيصل أبو شرخ، رئيس جهاز أمن الرئاسة  الفلسطينية (قوات الـ17)"، مشيرا الى انه "التقط الصورة في نزلة السلطان ابراهيم في بيروت، خلال جولة لعرفات على مقاتليه يومذاك". 

والتقط حيدر صورا أخرى لعرفات مع مقاتليه خلال جولته تلك. ونشاهد في واحدة منها أبو شرخ في لقطة جانبية (اشرنا اليه بالاحمر ادناه)، وهو ما أكده حيدر قائلا: "هذا هو"، مشيرا الى انه "التقط الصورة في شاتيلا قبالة مقبرة الشهداء" في بيروت. 

صورة لعرفات مع مقاتيله في بيروت عام 1982 منشورة في موقع غيتي ايماجيز

وبمواصلة البحث، نعثر على صورة قديمة غير مؤرخة لأبو شرخ مع ياسر عرفات، منشورة في مواقع اخبارية عام 2022، ضمن تقارير عنه. وسيمكنكم مشاهدة الملامح ذاتها للرجل في مقارنة بين الصورتين. 

مقارنة بين وجهي الرجلين في الصورتين

مقارنة أخرى نجريها لكم. فقد عثرنا في أرشيف "النهار" على صورة قديمة لسلام، متكلما في ندوة في 24 حزيران 1996. صحيح أن الفرق هو 14 عاما، لكن ملامح سلام تختلف عن ملامح الرجل في صورة 1982. شاهدوا بأنفسكم. 

مقارنة بين صورتين لسلام (الى اليمين) وابو شرخ (الى اليسار)

وفيصل محمود حمد أبو شرخ من مواليد بلدة الظاهرية قضاء الخليل بتاريخ 7/12/1948. التحق في صفوف الثورة الفلسطينية باكرا، وانتقل الى الساحة اللبنانية بعد أحداث أيلول 1970، وكان ضمن نواة شكلت جهاز الـ17 في لبنان، الذي كُلّف بحراسة مقرات القائد العام في لبنان، وحماية الشخصيات المهمة والزائرة ومرافقة الرئيس وحمايته، وفقا لتقرير لوكالة وطن للأنباء. 

"شارك في كل المعارك للدفاع عن الثورة في أماكن وجودها، وعن المخيمات الفلسطينية خلال الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان عامي 1975– 1976. وخلال اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 كان مسؤولاً عن عمليات قوات الـ17. وغادر مع القوات المغادرة الى تونس بعد الاجتياح. وعاد إلى طرابلس، حيث شارك في الدفاع عن القرار الوطني المستقل عام 1983، ومن ثم غادر مجددا مع القوات".

"كلفته القيادة الفلسطينية بالعودة الى لبنان عام 1985عن طريق البحر مع مجموعة من ضباط اللواء 17. الا ان البحرية الإسرائيلية اعتقلته في عرض البحر  بتاريخ 10/9/1985  أمضى في المعتقلات الإسرائيلية سبع سنوات ونصف السنة تعرض خلالها للتعذيب. وتم الإفراج عنه في تشرين الثاني 1992. ورحل الى جنيف، ومن تم توجه الى الجزائر، ومنها الى تونس".

و"مع عودة قوات الأمن الوطني الفلسطيني إلى أرض الوطن عام 1994 وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية رجع أبو شرخ إلى أرض الوطن، آتيا من تونس الى غزة، واستمر في قيادته قوات أمن الرئاسة الـ17 في المحافظات الجنوبية والشمالية. وبقي على رأس عمله حتى تقاعد خلال حصار الرئيس أبو عمار في المقاطعة عام 2002". 

في 27 حزيران 2022، توفي اللواء فيصل أبو شرخ عن عمر يناهز ال 74 عاما. ونعاه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة فتح وهيئات فلسطينية أخرى. 

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر "رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام واقفا بالزي العسكري الى جانب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات خلال الحرب في لبنان عام 1982". في الحقيقة، الرجل بالزي العسكري الواقف الى جانب عرفات هو اللواء فيصل أبو شرخ، رئيس جهاز أمن الرئاسة  الفلسطينية (قوات الـ17)، على ما أكد لـ"النهار" المصور رمزي حيدر، ملتقط الصورة عام 1982.