في خطوة غير مسبوقة لاختبار مدى استعداد العالم لمواجهة الجوائح المستقبلية، أجرت منظمة الصحة العالمية تمرينًا دوليًا يحاكي تفشي فيروس قاتل نابع من الماضي الجليدي، وذلك باستخدام سيناريو افتراضي لفيروس أُطلق عليه اسم "جدري الماموث"، خرج من جثة ماموث متجمدة تم اكتشافها في إحدى المناطق القطبية.

التمرين الذي أُطلق عليه اسم "بولاريس"، شارك فيه خبراء من 15 دولة، بينها دول عربية مثل السعودية وقطر والصومال، إلى جانب ألمانيا والدنمارك وغيرها. وامتدت فعالياته على مدار يومين، لكنه حاكى انتشارًا افتراضيًا للفيروس خلال ثلاثة أسابيع.

سيناريو الفيروس.. خيال علمي بخطر واقعي

وفقًا للسيناريو، أصيب عدد من الباحثين وطاقم تصوير بعد ملامستهم لجثة ماموث محفوظة في الجليد، ليبدأ الفيروس الغامض في الانتشار. ويجمع "جدري الماموث" بين خصائص فيروس الجدري التقليدي وجدري القردة، بمعدل وفيات يقع في المنتصف بين الاثنين.

وقد تم تخصيص سيناريوهات مختلفة لكل دولة مشاركة، تنوعت بين ظهور الحالات على متن سفن سياحية أو في تجمعات شعبية أو داخل أسر، مما أتاح اختبار جاهزية الأنظمة الصحية والاستجابات السياسية المختلفة.

اختبار عالمي يواجه الانقسامات

في اليوم الثاني من التمرين، واجه المشاركون تحديات تحاكي الواقع، تمثّلت في خلافات سياسية، وتباين في اتخاذ القرارات، حيث بادرت بعض الدول إلى إغلاق حدودها بالكامل، فيما ركزت دول أخرى على تتبع الحالات والمخالطين.

وبالرغم من نجاح التمرين في احتواء الفيروس في النهاية، شدّدت منظمة الصحة العالمية على أن الواقع قد يكون أعقد بكثير، خصوصًا في ظل الانقسامات الدولية، مستشهدة بانسحاب كل من الولايات المتحدة والأرجنتين من المنظمة في وقت سابق من العام.

الخطر الحقيقي.. فيروسات من زمن منقرض

ورغم أن التمرين افتراضي، إلا أن العلماء يؤكدون أن التهديد واقعي تمامًا، حيث يُمكن أن يؤدي ذوبان التربة الصقيعية نتيجة تغير المناخ إلى إطلاق ميكروبات وفيروسات مجمدة منذ آلاف السنين، لم يسبق للبشرية التعرض لها.

وقد سبق أن نجح علماء في إحياء فيروسات عمرها عشرات الآلاف من السنين. ففي عام 2014، تم إحياء فيروسات من تربة سيبيريا المجمدة، وفي عام 2023 أُعيد إحياء فيروس أميبي ظل مجمدًا لمدة 48500 عام، وأظهر قدرته على إصابة الخلايا الحية.

ومع تنامي عمليات التنقيب عن الحيوانات المنقرضة المجمدة، سواء لأهداف بحثية أو تجارية، تتزايد احتمالات تسرب فيروسات من الماضي إلى الحاضر. وفي هذا السياق، دعت منظمة الصحة العالمية إلى تعزيز التعاون الدولي، وتطوير خطط طوارئ أكثر فاعلية لمواجهة هذا النوع من التهديدات الناشئة من أعماق الجليد.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك