من تصدى لكوماندوس إيهود باراك العدواني يوم 10 نيسان 1973 في شارع فردان- بيروت؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من تصدى لكوماندوس إيهود باراك العدواني يوم 10 نيسان 1973 في شارع فردان- بيروت؟ - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 11:55 مساءً

 

العميد المتقاعد أنور يحيى*

 

 

بنتيجة هزيمة حزيران / يونيو 1967، كثرت عمليات المنظمات الفلسطينية من جنوب لبنان نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودارت اشتباكات ما بين المنظمات والجيش اللبناني انتهت إلى اتفاقية القاهرة 1969 التي أعطت هذه المنظمات حقوقاً تنال من سلطة وهيبة الدولة اللبنانية وسمحت لها بحق حمل السلاح وتولي الأمن الذاتي في مواقع عديدة.

قرابة الساعة الواحدة والربع من يوم 1973/4/10، وردت عدة اتصالات إلى غرفة عمليات شرطة بيروت تتحدث عن سماع طلقات نارية متفرقة في شارع فردان والطريق الجديدة. على الفور وجهت الغرفة دورية معززة, بإمرة ضابط, مكلفة بنصب حواجز وتأمين السلامة العامة في ذلك الوقت. وساد اعتقاد بأنها اشتباكات بين المنظمات الفلسطينية المسلحة كالعادة، لكن عدم امتثال 3 سيارات خصوصية تسير بسرعة كبيرة في ذلك الوقت إلى توجيهات الشرطة، استدعى إطلاق النار لتوقيفها (لم يعلم الضابط ورجاله أنهم كوماندوس إسرائيلي عدو) وجرى تبادل لإطلاق النار بين السيارات ورجال الفرقة 16، سرية الطوارئ في شرطة بيروت، الذين يشكلون عناصر الدورية الليلية، فسقط ثلاثة شهداء منهم: الشرطيون، كمال الأمين، رفعت حسن وزهير العقيلي وأصيب خمسة آخرون وقد أصيبت السيارات برصاص الشرطة.

كان أمن العاصمة بإدارة الشرطة اللبنانية التي تستعين بقوى الجيش عند الحاجة. تبين للضابط الأمني بأن فرقة من الكوماندوس، يرتدون معاطف طويلة سوداء دخلوا بناية يسكنها كل من: أبو يوسف النجار، كمال ناصر وكمال عدوان، من كبار القادة الفلسطينيين، والذين يسكنون في شارع فردان وبحراسة مسلحة. دخلوا الشقق الثلاث وأقدموا على قتل القادة أمام عائلاتهم وانسحبوا بسرعة بسيارات تحمل لوحات مدنية مستأجرة، فيما توجهت مجموعة إلى الطريق الجديدة لاغتيال أبو عمار، والذي كان غادر الشقة قبل 15 دقيقة تحسباً لعمليات اغتيال عدوة.

 

طاردت دوريات الشرطة قوة الكوماندوس التي تبين أنها قدمت بحراً بقيادة الرائد المغوار في الجيش الإسرائيلي إيهود باراك، والذي عين رئيساً للحكومة لاحقاً، ونزلت في محلة الكرنتينا، فنسفت كاراجاً يملكه فلسطيني لتصليح السيارات وانتقلت بسيارات مُستأجرة يقودها ستة رجال كوماندوس إسرائيلي قدموا بجوازات سفر أوروبية عبر المطار واستأجروا السيارات لعشرة أيام بداعي السياحة والترفيه، إلى محلة الرملة البيضاء حيث تركوها وانتقلوا بقوارب مطاطية إلى سفينة قريبة من الشاطئ، وشوهدت بقايا دماء فيها دلالة على وجود إصابات بينهم.

قرابة الساعة الواحدة والنصف اتصل ياسر عرفات برئيس الحكومة اللبنانية صائب سلام، منتقداً تخاذل الدولة اللبنانية عن حماية القادة الفلسطينيين الثلاثة، شهداء عملية فردان يوم 1973/4/10، فاتصل الرئيس سلام بقائد الجيش العماد اسكندر غانم والذي لم تفده غرفة عمليات قيادة الجيش عن حادث غامض (اعتقدوا أنه اشتباك بين الفصائل الفلسطينية) وقع منذ أقل من 45 دقيقة. أيقظ الرئيس سلام رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجيه والذي بدوره لم يعلم بالحادث، وطلب الرئيس سلام إقالة قائد الجيش، لعدم استدراك تدابير لحماية القادة الفلسطينيين في أماكن سكنهم خارج المخيمات، لكن الرئيس فرنجيه لم يُلبِّ طلبه، فاستقال الرئيس سلام وكانت قطيعة طويلة مع رئيس الجمهورية.

إن حادث 10 نيسان / أبريل 1973 كان بداية حرب طويلة وعنيفة بين الجيش اللبناني والمنظمات الفلسطينية المسلحة والمدعومة عربياً, ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من خيرة رجالنا، وقد تدخل سلاح الطيران اللبناني في حينها لفك الطوق عن ثكنات عسكرية ومواقع كانت تنتظر مشاركة المنظمات الفلسطينية بالتصدي للعدوان الإسرائيلي وليس للغدر بعناصر الجيش الوطني الشجاع والذي قدم كوكبة من الشهداء منذ موقعة المالكية 1948 لنصرة فلسطين والكرامة العربية! 

بدأ عهد الرئيس العماد المغوار جوزف عون منذ 2025/1/9 وتشكلت حكومة الإنقاذ والإصلاح برئاسة القاضي الجريء نواف سلام، وظهرت بوادر التفاؤل عبر التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية، وأن القرار حاسم لحصر السلاح بيد القوى المسلحة الشرعية وحدها، وهي المكلفة قانوناً بتأمين حماية الحدود والسلامة العامة وصيانة الكيان اللبناني بإرادة صلبة ومواطنية صادقة وبالسلاح المتوفر رغم عدم التكافؤ مع قدرات العدو العسكرية والتقنية المدعومة من قوى عُظمى!

ظلت الحدود الجنوبية مع العدو مُستقرة، تنفيذاً لاتفاق الهدنة المُوقع بين لبنان وإسرائيل عام 1949، حتى حزيران / يونيو 1967. وقد كان قدر لبنان وحده أن تُفتح حدوده مع العدو للقيام بعمليات أدت إلى خسائر بشرية ومادية قاسية بين سكان القرى الحدودية، وأضحت قوى بعض المنظمات الفلسطينية تقاتل الجيش اللبناني وبغطاء عربي أحياناً حتى الانسحاب العسكري الفلسطيني من لبنان أواخر العام 1982.

إن القوى المسلحة اللبنانية قدمت الشهداء وتسهر على بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية تنفيذاً للقرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي 2006، وهي وحدها المدعومة دولياً لحماية الحدود ونشر السلامة العامة وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من بعض المواقع التي ما زال يحتفظ بها خلافاً للقرار المذكور ، لكن هل يتحول الحزب المقاوم والذي قدم آلاف الشهداء بمواجهة العدو إلى حزب سياسي غير مُسلح فيما تكون قوى الشرعية اللبنانية وحدها الضامن لسلامة الوطن وحماية الحريات العامة في ظل نظام ديموقراطي تعيش في كنفه كل الطوائف والأحزاب؟

قائد سابق للشرطة القضائية

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق