رؤية في كلام الرئيس عون عن حزب الله ودمجه بالجيش - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رؤية في كلام الرئيس عون عن حزب الله ودمجه بالجيش - تكنو بلس, اليوم السبت 19 أبريل 2025 03:26 صباحاً

أثارت تصريحات الرئيس جوزاف عون التي تطرقت إلى حزب الله والحشد الشعبي العراقي ردود فعل شاجبة من المسؤولين العراقيين. هذه التصريحات فتحت النقاش مجدداً حول إشكالية السلاح في لبنان والعلاقة بين الدولة والقوى المسلحة المتواجدة على ارضه. بداية، لا بد من الاشارة الى ان مجرد الكلام عن سلاح حزب الله بهذه الطريقة، هو امر بالغ الاهمية بذاته، لانه على مدى العقود الماضية، كانت كل المحاولات التي تثار حول هذا الموضوع، تجد باباً مغلقاً او حائطاً مسدوداً، وكان الحزب يتغنى بأنه ليس قوة محلية فقط في وجه اسرائيل، بل قوة اقليمية لا يمكن تخطيها.

اليوم، بتنا امام واقع مختلف تماماً، واصبح الكلام عن السلاح امراً عادياً، لا بل ان الحديث عن حصره بيد الدولة والجيش اللبناني صار هو العادي، والكلام عن بقائه في يد الحزب هو الاستثنائي. وعلى الرغم من ان الصراع حالياً يقوم على كيفية تنفيذ قرار حصر السلاح، فإن مقاربة رئيس الجمهورية تبدو الاقرب الى التنفيذ لانها لا تستفز الحزب، كما انها تؤدي الغاية المرجوة، اضافة الى تشكيلها وسيلة ضغط على اسرائيل والغرب لانسحاب الاسرائيليين من نقاط لبنانية يحتلونها.

لا يختلف اثنان على ان حزب الله يشكل واقعاً استثنائياً في المشهد اللبناني، كونه يجمع بين العمل السياسي والنشاط العسكري، خصوصاً وانه استند الى وجوده على عقيدة دينية تهدف الى مقاومة إسرائيل التي لم تترك بدورها اي مجال لاثبات حسن النية، بل تصرفت دائماً على انها الذئب الرابض على الحدود.

ولكن، في السنوات الماضية، عانى لبنان من معادلة صعبة وظروف فرضتها الجهات الغربية ضربت الاقتصاد والامن على حد سواء، واحرجت الحزب تجاه بيئته ومجتمعه وشركائه في الوطن بات في كثير من الاحيان عاجزاً عن توفير الخدمات الأساسية لمجتمعه، كما ان التحديات السياسية والاقتصادية والمالية زادت، ما اعاد الى الضوء الكلام عن السلاح ومدى جدواه، الى ان اتت عملية "طوفان الاقصى" وقرار الحزب بمساندة الغزاويين الذي اثبت انه خاطئ، وادى الى ضرب الحزب في الصميم، وضرب لبنان بشكل عام وقاس وصعب.

اليوم، يتم طرح فكرة دمج الحزب بالجيش، ولكن في الامر تحديات كثيرة يجب اخذها في الاعتبار ومنها:

وجود تباين كبير في الايديولوجيا، فالجيش نشأ على قاعدة وعقيدة ونفسية معيّنة، تختلف بشكل كبير عن تلك التي نشأ عليها عناصر الحزب، ويكفي الاشارة الى ان الاول لا يملك عقيدة دينية بل وطنية فقط، لفهم مدى التباعد بين الطرفين وطريقة تفكيرهما. وعلى الرغم من ان الثاني ينادي بالدولة اللبنانية، الا انه يضع ولاءه اولاً للدين، وهو امر لا يمكن قوله عن الجيش الذي يصارع ويقاتل في سبيل تحصين الوحدة الداخلية وتعزيز المواطنية على حساب الطائفة والاديان.

ومن جهة ثانية، يشكل امكان دخول عناصر الحزب في الجيش، اشكالية ديموغرافية كبيرة، فهو مكوّن من طوائف ومذاهب متعددة، ودخول اعداد كمية من الطائفة الشيعية في صفوفه في وقت واحد، لن يجعل من الامر سهلاً، بل سيعقّد الامور بشكل جدي، علماً انه لطالما اعتمد التوازن الطائفي وحرص عليه.

اضافة الى ذلك، كيف سيتقبل الخارج الذي يطالب بـ"رأس حزب الله"، ان يجده في صلب كيان الجيش اللبناني، وهل ستستمر المساعدات له في هذه الحالة ام سيتعرض للتدقيق والقطيعة؟.

فضلاً عن كل ذلك، ما هي الضمانات التي ستعطى للحزب والجيش لتشجيع هذا الدمج؟ اذا كانت اسرائيل لا ترضخ لاحد ولا ترغب في ارضاء احد لجهة تليين موقفها من الحدود الجنوبية للبنان، واذا كان الغرب وفي مقدمه الولايات المتحدة لا تزال تضع "فيتو" على تسليح الجيش كما يجب وليس الاكتفاء ببعض الآليات والاسلحة القديمة التي لا يمكن من خلالها الدفاع عن حدود لبنان وتحديداً ازاء خطر سلاح الجو الذي يقف البلد عاجزاً امامه. وكم من مرة كذب السياسيون الاميركيون والاوروبيون على اللبنانيين لناحية مساعدتهم على تجاوز ازماتهم، فكانت وعود الطاقة والغاز والاموال والتنقيب عن الغاز والنفط، وغيرها من الامور... الا ان شيئاً منها لم يتحقق، وبقيت مجرد كلمات وممسكا لـ"ترويض" اللبنانيين.

وعليه، تبقى قضية سلاح حزب الله من أكثر الملفات تعقيداً في لبنان، حيث تتشابك العوامل المحلية والإقليمية والدولية. أي حل مستدام يتطلب توافقاً وطنياً يوازن بين متطلبات الأمن الوطني وضرورات بناء دولة ذات سيادة كاملة، مع معالجة متوازية للأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتي يلخصها البعض بثنائية "السلاح والخبز".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق